أرجع الكاتب والروائي عبدالله بن بخيت سبب إلغاء الأمسية التي كانت ستقام في نادي الرياض الأدبي عن تجربته الروائية في «شارع العطايف» البارحة وكان سيشارك فيها إلى جانبه الناقد محمد العباس لتقديم شهادة نقدية عنها، إلى ضغط بعض المتشددين على وكالة وزارة الإعلام للشؤون الثقافية والتي بدورها خافت من حدوث بلبلة في الأمسية شبيهة بتلك التي حدثت إبان عرض مسرحية «وسطي بلا وسطية» في كلية اليمامة أواخر 2006 وصاحب عرضها أحداث مؤسفة. وكان نادي الرياض الأدبي قد اعتذر متأخراً عن إقامة أمسية جماعة السرد عن الرواية برسالة عامة تعمدت عدم الإشارة إلى اسم الفعالية عبر جوال النادي ونصها: «يعتذر النادي عن إقامة أمسية هذا اليوم (أمس)». وبحسب مصادر من داخل النادي فإن الإلغاء جاء بناء على خطاب موجه من وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية للنادي. ويعد هذا الإلغاء الثاني الذي تتعرض له فعاليات النادي على رغم اعتمادها وإقرارها وجدولتها من مجلس إدارة النادي، وذلك بعد إلغاء مناظرة لمنبر الحوار بين الشيخ سعد البريك والكاتب تركي الحمد حول من هي الغالبية الصامتة. وقال ابن بخيت: «يكفي أن يقوم عدد ممن يسمون بالمحتسبين بالاعتراض على إقامة أي نشاط بتقديم شكوى للجهة المسؤولة والتي بدورها تفضّل السلامة والركون لهذه المطالب مثلما حدث تفادياً - في نظرها - لئلا يفسد أي نشاط الحراك الثقافي». وأضاف: «هذا أمر طبيعي ويأتي امتداداً لانتصارات سابقة لهؤلاء ضد أنشطة ثقافية واجتماعية». وقلل صاحب رواية شارع العطايف من ترجيح أن سبب الإلغاء بسبب حساسية الحديث عن مجتمع الرياض الذي تناوله بشكل صادم وجريء وإن لم يستبعد أن يستغل هؤلاء المعارضون هذا السبب أو غيره لمنع تنفيذ أي نشاط لا يتفقون معه. فيما وصف الناقد محمد العباس إلغاء الأمسية على إيقاع تصريحات ضبابية وغير مفهومة، بحسب ما قال ب«الأمر المؤسف بكل المقاييس»، منوهاً إلى أنها «ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي يتم فيها تعطيل حدث ثقافي من دون إبداء أسباب منطقية! «وتمنى من وزارة الثقافة أن «تصارح المشهد بخلفيات أي مناسبة ثقافية مرجأة، أو حتى ملغاة، من خلال اللوائح والقوانين، لئلا تتفشى الأقاويل، ويتدافع بعض المثقفين الانتهازيين، وبعض المتربصين بالثقافة والمثقفين في استثمار الحدث الثقافي، بما يخدم مصالحهم الضيقة واستراتيجيتهم غير المعلنة»، معتبراً أن في ذلك «إعادة إنتاج شكل الرقيب الساطي، على كل تفاصيل المشهد، راجياً «ألا يؤخذ هذا الحدث أو غيره إلى بؤرة ملتبسة ولا ثقافية، أي أن تعاد موضعته على حافة الثنائيات الحادة، والعودة بالمشهد إلى منطق التصارع والإلغاء، لا إلى وساعات الاختلاف والتنوع». وشدد العباس على أن «الوعود التي قطعتها الوزارة، واستمرت في التلويح بها، ولا سيما، في ما يتعلق برعاية الحالة الإبداعية، والدفاع عن منتسبيها، هي اليوم بأمسِّ الحاجة إلى أن يتم تأكيدها، في شكل فعلي»، مطالباً بأن «يتم التعامل مع المشهد وفق شفافية قوامها معايير المؤسسة، ورؤيتها». وتابع: «لا أتمنى أن يحمل الموضوع أكثر مما يحتمل»، بيد أن من الضرورة «مساءلة المعنيين به ليتم تفادي ما يمكن أن يعيد أجواء التوتر، للمؤسسة الثقافية، شروطها وقوانينها، المنبثقة عن رؤية، لا تتنافى مع مجمل المتوالية الوطنية والاجتماعية والتي من المفترض أن تدافع عن وجودها بعقلانية، ومن خلال خطاب ثقافي مقنع، لا بمراكمة المضمر، والمسكوت عن أسبابه داخل الخطاب». وشدد العباس على أن «ما حصل بشأن الأمسية الملغاة، نقطة سوداء أخرى في ليل ثقافي معتم، يكاد ينطفئ تماماً، لولا أنه يضاء بين آونة وأخرى بالتماعات ضئيلة جداً». يذكر أن رواية شارع العطايف لابن بخيت صدرت في معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام ولاقت نجاحاً لافتاً كونها رواية متجاوزة موضوعياً لتعاطيها مع الهم الإنساني لشرائح مهمشة في الرياض القديمة في حقبتي الستينات والسبعينات، وكذلك فنيا حيث عدها مهتمون بالمشهد الروائي السعودي نقلة جديدة في الرواية السعودية عقب موجة الروايات الهابطة منذ منتصف العقد الحالي. وكان متوقعاً أن تشهد الأمسية الملغاة حضوراً كبيراً بسبب أهمية هذه الرواية وتجاذبات كاتبها عبر مقالاته مع تيارات متشددة تعارض طرحه.