أجرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون امس محادثات مع نظيرها المغربي الطيب الفاسي الفهري عرضت إلى أهم القضايا التي يبحثها «منتدى المستقبل» الذي تستمر أعماله اليوم، وكذلك تطورات الأوضاع في منطقة المغرب العربي وملف الصحراء وآفاق العلاقات المغربية - الأميركية. ووصفت مصادر متطابقة المحادثات التي امتدت على مأدبة غداء بأنها كانت «ايجابية» وعرضت الى جهود الإدارة الأميركية الجديدة في رؤية المنطقة المغاربية خالية من التوتر، وتتجه نحو التركيز على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. وتعوّل الرباط على دعم أميركي لاقتراحها منح إقليم الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً، إضافة إلى الرغبة في معاودة تطبيع العلاقات المغربية - الجزائرية. وحشد كل الجهود في مواجهة التطرف والإرهاب والانفلات الأمني، بخاصة في منطقة الساحل جنوب الصحراء. فيما تمضي واشنطن قدماً في دعم جهود الموفد الدولي كريستوفر روس لمعاودة استئناف مفاوضات الصحراء وفق قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية. وكانت أوساط أميركية رفيعة المستوى نفت حدوث أي تغيير في الموقف الأميركي إزاء ملف الصحراء. لكن مراقبين يرون أن إدارة الرئيس السابق جورج بوش كانت أكثر دعماً للمغرب، ومحنته في وقت سابق صفة حليف من خارج إطار تجمع بلدان حلف شمال الأطلسي «الناتو»، كما أبرمت واشنطنوالرباط اتفاقاً للتبادل الحر. ويسعى المغرب الى جانب دول افريقية إلى تشكيل منظومة جديدة تكون اكثر انفتاحاً على بلدان حلف الناتو، وتحديداً من خلال تكريس تعاون شامل يطاول الميادين العسكرية وتنظيم المناورات وتبادل الخبرات. وجمعت الرباط البلدان المطلة على الساحل الأطلسي في مبادرة لاستمالة دعم دولي يكون موجهاً للحرب على الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والإرهاب. وتعتبر هيلاري كلينتون أرفع مسؤولة اميركية تزور المغرب منذ ولاية الرئيس باراك اوباما. لكن العاهل المغربي الملك محمد السادس أجرى اتصالات عدة مع سيد البيت الأبيض تناولت الأوضاع في العالم العربي ودعم حوار الحضارات والانفتاح على قيم الحرية والتسامح الديني ونبذ التطرف. واختارت كلينتون زيارة المغرب على هامش منتدى المستقبل للدلالة على تطلعات في اتجاه دعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية في العالم العربي، لكن برؤية مغايرة لتلك التي كان يتبناها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، ووصف ديبلوماسي مغربي هذا الاختيار بأنه «ذو بعد رمزي»، في حين قال وكيل وزارة الخارجية المغربية يوسف العمراني «يتعين توحيد الجهود في الاستماع إلى بعضنا البعض والاستعداد الدائم لتنفيذ الأهداف المقرة سوياً». وعرض لدى رئاسة اجتماع كبار الموظفين والخبراء في منتدى المستقبل الذي بدأ أمس في مراكش، إلى أهمية الحوار بين كل الشركاء في بلورة تطورات وأهداف مستقبلية تنشد السلام والاستقرار والتنمية المستدامة. وجاء في بيان السفارة الأميركية في الرباط أن مبادرة شمال افريقيا والشرق الأوسط الموسع «تكمل الأهداف المنتظرة من طرف الرئيس الأميركي باراك أوباما كما في خطاب القاهرة»، مؤكدة التزام واشنطن «تحقيق تقدم في الميادين الرئيسية، بخاصة عندما يتعلق الأمر بالفرص الاقتصادية والتربية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان والنهوض بأوضاع المرأة». وأكد البيان التزام الإدارة الأميركية «إجراء محادثات مع زعماء المنطقة حول القضايا ذات الاهتمام المشترك والقيم المشتركة لإعطاء دينامية جديدة للشراكة. من جهة أخرى، رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية ان المقصود بالإصلاح في العالم العربي هو «دعم الديموقراطية والتطور الاقتصادي» معيداً الى الأذهان ان هذه الانشغالات شكلت محاور مبادرات عربية، كما في الوثيقة الخاصة بعملية التطور والتحديث التي كانت صدرت عن قمة تونس العربية في عام 2004.