إسلام آباد، كابول - «الحياة»، أ ف ب - واجه الاستحقاق الرئاسي في أفغانستان مأزقاً دستورياً وسياسياً بعد قرار المرشح عبدالله عبدالله الانسحاب من الدورة الثانية المقررة في السابع من الشهر الجاري، في حين يحول الدستور الأفغاني من دون إعلان فوز مرشح بالتزكية، ما يقتضي أن يخوض الرئيس المنتهية ولايته حميد كارزاي الانتخابات من دون منافس. وفي مؤشر الى قبول الغرب «الأمر الواقع» وعدم استعداده لممارسة مزيد من الضغط على كارزاي ومنافسه لتقديم تنازلات متبادلة لإنجاح الانتخابات، حضّت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عبدالله على مواصلة العمل من اجل السلام في بلده، مؤكدة أن الولاياتالمتحدة ستدعم «الرئيس الذي يختاره الشعب». واتخذ رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون موقفاً مماثلاً. واتخذ عبدالله موقفه «الاحتجاجي»، بعد رفض كارزاي مطالب منافسه بإجراء إصلاحات في اللجنة المشرفة على الانتخابات تشمل تغيير رئيسها عزيز الله لودين الذي يتهمه المرشح المعارض بمحاباة كارزاي والسكوت عن تجاوزات خلال الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية في 20 آب (أغسطس) الماضي. ويضعف انسحاب عبدالله من السباق الرئاسي صدقية كارزاي الذي سيكون فوزه نتيجة جولة ثانية يخوضها من دون منافس معلن، في ما يشبه الاستفتاء المضمون النتائج، ما يعزز بالتالي موقف حركة «طالبان» التي واصلت التهديد بشن هجمات لزعزعة الأمن خلال الانتخابات ما قد يؤدي الى عزوف مزيد من الناخبين عن الاقتراع، ويؤدي الى فوز هزيل للرئيس المنتهية ولايته. وفي وقت أعرب كارزاي عن «أمله» بأن تُجرى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، استبعدت أوساط سياسية في كابول تدخل عواصم غربية في مقدمها واشنطن، لإقناع الرئيس الحالي بالنزول عن بعض طلبات عبدالله، ما يؤدي بالتالي الى إقناع الأخير بالعودة عن قراره. وفي مقابلة مع إذاعة «ازادي» (الحرية) الأفغانية التي تمولها الولاياتالمتحدة أمس، قال كارزاي: «بصفتي مواطناً أفغانياً ومرشحاً، آمل في أن تُجرى الانتخابات (في دورتها الثانية) وأن ينتخب الشعب رئيسه». وأضاف الرئيس الأفغاني: «سأحترم قواعد دستور أفغانستان، لكننا سنكون مضطرين لاحقاً الى اتباع أوامر اللجنة الانتخابية المستقلة أياً تكن». واللجنة الانتخابية المستقلة التي تعتبر موالية لكارزاي، مكلفة تنظيم الانتخابات وفرز الأصوات وإعلان النتائج. وبرر عبدالله قراره العزوف عن خوض الانتخابات، باحتمال حصول عمليات تزوير كثيفة لمصلحة منافسه، في تكرار للسيناريو الذي تخللته الدورة الأولى وأدَّى حينها الى إلغاء ربع بطاقات الاقتراع بسبب شكوك في صحتها. في غضون ذلك، أعلن الناطق باسم لجنة الانتخابات الأفغانية داوود علي نجفي أن الدورة الثانية ستُجرى في موعدها بمرشح واحد فقط هو كارزاي. وقال نجفي: «استناداً الى القوانين الانتخابية والدستور يجب أن تكون هناك جولة إعادة، الدستور واضح»، فيما دعا رئيس بعثة الأممالمتحدة في أفغانستان كاي ايدي الى استكمال الانتخابات الرئاسية بطريقة «قانونية وفي الوقت المحدد» على رغم انسحاب عبدالله من السباق. في المقابل، قال الناطق باسم «طالبان» قاري يوسف احمدي إن الحركة «لن تسمح بأن تمر الدورة الثانية من الانتخابات بسلام». وأضاف: «سنزيد من هجماتنا على العملية الانتخابية، وسنضمن فشل الانتخابات». وعلى أثر إعلان عبدالله وهو وزير سابق للخارجية الأفغانية قراره، حضَّ رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون السياسيين الأفغان على الحوار والتعاون في المرحلة المقبلة. وقال براون في بيان أمس، إن «هذا القرار (الانسحاب) خضع لتفكير عميق واضح، وارحب برغبة الدكتور عبدالله في لعب دور في الحوار الوطني». وأبدى رئيس الوزراء البريطاني ثقته في أن «قادة أفغانستان سيدعمون المراحل المقبلة للعملية الديموقراطية». وأعرب عن أمله بأن تتشكل حكومة أفغانية تلبي رغبة المواطنين الأفغان.