تنظر ادارة الرئيس باراك أوباما، بحسب مسؤولين أميركيين تحدثت اليهم «الحياة»، الى اتفاق فيينا لتخصيب اليورانيوم الايراني في الخارج، باعتباره «الخيار الأفضل والوحيد» على الطاولة في هذه المرحلة من المفاوضات مع ايران، اذ يوفر للبيت الأبيض مخرجاً من ضغوط الكونغرس الذي يستعجل العقوبات ووسيلة لإسكات الانتقادات الاسرائيلية التي زادت أمس مع اقتراب إحياء الذكرى الثلاثين لأزمة خطف الرهائن في ايران. ويتزامن ذلك مع تلميح تقارير اعلامية الى احتمال رفض طهران للإتفاق ومعارضة خيار نقل اليورانيوم المخصب بدرجات مخفضة الى روسيا. وعلى رغم ادراك الادارة الأميركية تعقيدات المشهد الايراني، خصوصاً بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أُجريت في حزيران (يونيو) الماضي، يشير الخبير في الشؤون النووية في معهد العلوم والأمن الدولي ديفيد ألبرايت الى أن نيل واشنطن موافقة طهران على اتفاق فيينا، يعني «اختراقاً ديبلوماسياً» للرئيس أوباما و»مفتاحاً» للمضي بالمسار الديبلوماسي لأزمة الملف النووي. ويرى الخبير ان نقل نسب ضخمة من اليورانيوم الايراني المخصب الى روسيا ثم فرنسا لتحويله الى طاقة قبل رده الى ايران لاستخدامه في المفاعل النووي للبحوث الطبية في طهران، سيهدئ مخاوف الغرب من تخزين طهران اليورانيوم لتطوير قنبلة نووية، ويعطي الديبلوماسية دفعاً في اتجاه اجراء مزيد من المفاوضات حول باقي الأسئلة المطروحة حول الملف بينها التجميد والحوافز الاقتصادية. وأبلغ مسؤولون أميركيون في وزارة الخارجية والبيت الأبيض «الحياة» أن الاتفاق يشكل فرصة لإحراز مزيد من التقدم، مشددين على «موضوعية واتزان مضمونه». وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الاتفاق الذي أُجريت مفاوضات سرية حوله في روسيا الصيف الماضي وعلنية في لقاءات جنيف وفيينا الشهر الماضي، يقضي بنقل كمية 1180 كيلوغراماً من اليورانيوم المخفض الخصوبة الى روسيا في فترة أقصاها 15 كانون الثاني (يناير) المقبل. وتمثل الكمية مخزوناً ضخماً من اليورانيوم سيحرم ايران في حال شحنه من خيار استخدامه في تطوير سلاح نووي داخل أراضيها، ويضمن سلمية البرنامج على المدى القصير. ويشير ألبرايت الى أن الخيارات الديبلوماسية المتاحة في حال تطبيق اتفاق فيينا، ستمضي في اتجاه اقناع ايران بتجميد كامل لليورانيوم، في مقابل منحها حوافز اقتصادية وتجميد محتمل للعقوبات، وهو ما يعرف بخيار «التجميد مقابل التجميد». من هنا تتخوف واشنطن من أن رفض ايران للعرض سيعرقل المفاوضات حتى قبل بدئها، وسيزيد الأصوات المتشددة في أميركا ويزيد الضغوط على البيت الأبيض للاستعجال في فرض عصا العقوبات. وفي خطوتين رمزيتين هذا الأسبوع، صادقت لجنتا الشؤون الخارجية في مجلس النواب والمصارف في مجلس الشيوخ بالإجماع على مسودة قرارين يدعوان لمقاطعة الشركات التي تبيع النفط المكرر الى طهران. وتجاهلت هذه اللجان دعوات الادارة ونائب وزيرة الخارجية جايمس ستاينبرغ الذي طلب من الكونغرس استمهال الادارة واعطاء الوقت الكافي للخيار الديبلوماسي قبل التلويح بعقوبات. وتدفع اسرائيل على غرار الكونغرس نحو تشديد العقوبات على طهران، خصوصاُ على القطاعين المصرفي والنفطي لشل الاقتصاد الايراني. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن ادارة أوباما «تعتقد بأن الاتفاق يعطيهم على الأقل فترة سنة للسعي الى ابرام اتفاقاً نووياً موسعاً مع ايران، ما ينزع فتيل ضرب اسرائيل المنشآت النووية الايرانية قبل حيازة ايران مزيد من الطاقة والخبرة لتطوير سلاح نووي. وستفرض هذه المعطيات بذل ادارة أوباما جهوداً اكبر في اتجاه تهدئة مخاوف الكونغرس واسرائيل والإفساح في المجال أمام الخيار الديبلوماسي. والثاني التزام المسار التفاوضي مع طهران ومحاولة اقناعها بتبني اتفاق فيينا قبل نهاية السنة، وهو الخيار الوحيد على الطاولة اليوم في ظل رفض أميركا تعديل الاتفاق مع التمسك بحل الأزمة ديبلوماسياً. كاديفار في غضون ذلك (رويترز)، اعلن المفكر الاسلامي الايراني المعارض محسن كاديفار ان الولاياتالمتحدة اهدرت فرصة بالتفاوض مع ايران فقط في شأن قدراتها النووية وليس مع حركة الديموقراطية الناشئة في ايران. وأبدى محسن كاديفار الناشط السابق في الثورة الاسلامية الايرانية والذي اصبح احد منتقدي نظامها الديني، تشاؤمه من العلاقات الاميركية - الايرانية. وقال لطلاب في جامعة «ديبول» في شيكاغو: «الادارة الاميركية تركز على الطاقة النووية فقط، فيما تتجنب أي مواقف عن حقوق الانسان والديموقراطية في ايران التي تعتبر القضية الاساسية لأبناء البلاد». وأضاف: «لا يفكر الاميركيون إلا في مصالحهم وليس في مصلحة الانسان. وعلى رغم ان موقف ادارة الرئيس باراك اوباما مثّل تحسناً كبيراً عن ادارة الرئيس السابق جورج بوش، لكن تجاهل اميركا لإيران يمكن ان يعجل في تكرار السياسة الاميركية التي اعقبت الثورة الايرانية عام 1979». وأشار كاديفار الاستاذ في جامعة «ديوك» الى وجود اختلاف كبير في الرأي داخل ايران في شأن ما تمثله «الحركة الخضراء» المعارضة، في وقت يوجد اجماع وحيد على الحاجة الى انهاء السلطة المطلقة للقيادة الدينية الايرانية. ويؤيد كاديفار إنشاء دولة اسلامية ذات حكومة ديموقراطية منتخبة تملك مرونة في وضع القوانين ولا تلتزم ما تفرضه الشريعة.