اختلف حضور المقهى الثقافي في نادي الدمام الأدبي، خلال فعاليته التي نظمت أخيراً، حول مجموعة القاص خليل الفزيع «البحر يتنفس حزناً»، إذ اعتبره البعض رائداً في القصة القصيرة السعودية، في حين تحفظ قسم آخر على صفة الريادة معترفين في الوقت ذاته بأسبقيّته في كتابة القصة. وافتتح الفعالية منسق المقهى القاص عبدالله النصر، بقراءة مقتطفات من سيرة الكاتب الزاخرة بالعطاء في شتى مجالات الثقافة العامة، على مستوى المقالة الأدبية والصحافية والوطنية وكذلك على مستوى الشعر والقصة القصيرة. ثم قرأ القاص عبدالله الوصالي قصة «البحر يتنفس حزناً»، التي تحمل عنوان المجموعة، نيابة عن القاص الذي لم يتمكن من الحضور. وقال الوصالي، معلقاً على القصة، إنها تحتوي على محاولة جادة لإشعار القارئ بالشخصية، مضيفاً أن الفزيع «يميل إلى المدرسة الواقعية ولا يزال مخلصاً لها». وأوضح أنه يبدو في المجموعة «متعاطفاً مع شخوصه ومنحازاً لهم»، إلا أنه ذكر أن الفزيع «يحاول كثيراً رسم الشخصيات ويركز على التفاصيل مستثنياً قصصه القصيرة جداً». وذهب الوصالي إلى أن حرص الفزيع على التفاصيل «قد يوصله إلى حواف الأسلوب الإخباري في وصف المشهد»، مضيفاً أن هذا الأسلوب «تعتمده الرواية من دون القصة القصيرة إلا بنحو مضطر لا إسهاب فيه». واتفق الناقد أحمد سماحة مع الوصالي، مؤكداً على كون الفزيع من رواد القصة الواقعية، لافتاً إلى أن الكاتب يشتغل على شخوصه «الذين ينتمون عادة إلى الطبقات المطحونة». وأوضح أن الفزيع أحد الحريصين على البناء القصصي «الذي يتمسك بالبداية والوسط والنهاية ومحاولة إضاءة الشخصية من كل جوانبها، معتمداً على التفاصيل الكثيرة، وهذا ما حدث في قصة «البحر يتنفس حزناً»، إذ حاول جاهداً إضاءة شخصيتها الرئيسية (أم أحمد)». كما أشار سماحة إلى جملة من تقنيات القص لدى الكاتب، موضحاً أن قصص المجموعة «تعتمد السرد المشهدي، والتوظيف الجيد للعين الرائية، كما تتوخى المفارقة بجانب الفلاش باك والوصف، ونرى ذلك جلياً في قصته «الحافلة»، التي عمد فيها إلى تفسير بعض الصور مثل «متسربلاً باليأس والقنوط»، إذ فسّر القنوط واليأس في سطوره اللاحقة. واتفق القاص فهد المصبح مع القاص النصر، على أسبقية الفزيع الزمنية وأستاذيته في القصة كونه من السابقين لجيله، إلا أنه اختلف معه في وصفه بالريادة، معتبراً أنه لا يختلف عن قاصين آخرين كثر كالقاصَين خالد اليوسف ومنصور الشقحاء وغيرهما، في كون قصصهم «ليست أكثر من سير ذاتية، قاموا بكتابتها بعد إحالتهم إلى التقاعد». وقال القاص عبدالله النصر في مداخلته إن الكاتب «يعتمد الأسلوب التفصيلي البعيد عن لغة الإيحاء، وإشراك خيال المتلقي. ومن هنا فالقارئ لن يجد صعوبة في فهم الحدث منذ القراءة الأولى».