مما لاشك فيه أن زيارة خادم الحرمين الشريفين التاريخية إلى سورية وما تمخض عنها من اتفاقات وارتياح في الشارع العربي، لما تحمله من دلالات ومعاني سامية تصب في توحيد الرؤى وجمع الشمل والصف العربي، بعد الانقسامات التي شهدها في الآونة الأخيرة إبان حكم الرئيس الأميركي السابق بوش ورؤيته للشرق الأوسط الجديد، والضغوط التي كانت تمارسها حكومته على كل الدول من دون استثناء بعد تنصيب نفسه رئيساً للعالم، وأصبح يستخدم جميع الأدوات المتاحة له لعمل ما يريد، فقد كان يريد أن ينفرد بسورية وحاول إبعادها عن الوسط العربي، كما حاول أن يقصم ظهر البشير، ولكنه وبوقفة الدول العربية والإفريقية وشعبه معه استطاع أن يفلت من الخناق الذي استخدم فيه «أوكامبو» والمحكمة كأداة ضغط، وهكذا يقوم خادم الحرمين بفك هذا الحصار كذلك، كما فكه البشير عن نفسه بجولاته المستمرة ليصل خادم الحرمين إلى سورية ويقول للسوريين نحن معكم وبكم لبناء أمة عربية متماسكة ومتفاعلة من المحيط إلى الخليج. وليكن الشأن اللبناني على أجندة الحوار والتباحث، فما أن انتهت الزيارة إلا وقام الرئيس الأسد بتطمين القيادة اللبنانية بفحوى الزيارة وتعضيد الوقوف مع لبنان حكومة وشعباً وفي هذا دفع لاستقرار لبنان الشقيق. يقولون «الحكمة ضالة المؤمن»، وعليه فإنني اقترح أن يتم تكوين مجلس رئاسي لحكماء الدول العربية، يكون برئاسة خادم الحرمين الشريفين وآخرين من الرؤساء المشهود لهم بالحكمة لمساعدة الدول العربية في حلحلة مشكلاتها، ومن ثم الخروج من دائرة العنف اللا مسؤول، ولكي يكون ذلك نواة لجمع الصف العربي الذي نحتاج إليه في هذه الظروف الحرجة، والتحول العالمي السريع في كل المجالات، ففي خلق هذا التكتل ستتاح لنا تنمية مواردنا المتاحة بأفضل السبل والإمكانات، ومن ثم يتم الاكتفاء الذاتي للوطن العربي من الحاجات التي صارت ضرورية ومهمة، خصوصاً أننا نسمع هذه الأيام عن قيام كثير من الشركات بدس الأمراض والسم في غذاء المسلمين، وما حادثة القمح الذي قامت مصر برفضه ببعيدة. كما أننا نملك مؤسسات تمويل قوية وفاعلة يمكن أن تحول المنطقة بتوسطها العالم إلى حراك فاعل ومهم في ظل التوجه الإسلامي، إذ فشل النظام الرأسمالي في قيادة العالم إلى الرخاء، وجلب هذه الكوارث التي لم يتعافَ منها العالم حتى الآن.