لندن، موسكو - أ ب، رويترز، أ ف ب - لمح وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي أمس، الى احتمال قبول بلاده إرسال جزء من مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب الى الخارج، لرفع مستوى تخصيبه واستخدامه في مفاعل للبحوث الطبية، مشيراً الى ان طهران سترد في الأيام المقبلة على اقتراح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في هذا الشأن. في الوقت ذاته، تلقت طهران دعماً معنوياً مهماً من رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي استبق زيارته لإيران، بانتقاده «النهج المدمر» الذي يتبعه الغرب ضدها، مؤكداً الطابع السلمي لبرنامجها النووي. تزامن ذلك مع تطور أمني بارز في العلاقات بين طهران وإسلام آباد، اذ أعلنت قوات الأمن الباكستانية اعتقال 11 عنصراً من «الحرس الثوري» الإيراني بتهمة انتهاك الحدود، بعد أيام على إعلان الجنرال محمد باكبور قائد القوات البرية في «الحرس» ان قواته تنتظر أمراً من القيادة السياسية الإيرانية لملاحقة أعضاء جماعة «جند الله» في الأراضي الباكستانية، بعد تنفيذها تفجيراً انتحارياً في محافظة سيستان بلوشستان جنوب شرق إيران الأسبوع الماضي، أسفر عن مقتل اكثر من 40 شخصاً بينهم 15 من «الحرس الثوري». لكن «الحرس الثوري» نفى نبأ اعتقال عناصره، فيما أفاد التلفزيون الإيراني بأن باكستان اعتقلت 8 جنود وعناصر شرطة إيرانيين خلال ملاحقتهم مهربي وقود. وأعلن وزير الداخلية مصطفى محمد نجار ان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني «اتخذ قرارات حازمة جداً لمواجهة منفذي الاعتداءات الإرهابية الأخيرة»، رافضاً نفي باكستان وأفغانستان وجود زعيم «جند الله» عبد الملك ريغي على أراضيهما. اما مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي فاعتبر ان «عملاء للأجانب» يرتكبون «الأعمال الإجرامية والإرهابية» في إيران والعراق وباكستان. وعلى صعيد الملف النووي، قال متقي: «لضمان حصولنا على الوقود نستطيع، كما فعلنا في السابق، شراءه او إرسال جزء من اليورانيوم المنخفض التخصيب الذي نمتلكه ولسنا في حاجة إليه، الى الخارج لإبداله بوقود يمكن استخدامه في تشغيل مفاعل طهران». وأضاف ان «الاختيار بين هذين الأمرين قيد الدرس، وسنعلن النتيجة خلال أيام». ويتعارض تصريح متقي مع الانتقادات التي وجهها مسؤولون إيرانيون لاقتراح البرادعي، والذي اعتبره رئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني «خدعة». في الوقت ذاته، دعا رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان علاء الدين بروجردي الى «تسليم الوقود النووي الإيراني على مراحل، وبضمانة الوكالة الذرية»، بهدف «تفادي أي خداع». وقالت مصادر إيرانية ل «الحياة» ان هناك 3 خيارات أمام طهران للتعاطي مع اقتراح البرادعي: إما ان يكون ذلك ممكناً في مقابل إعادة الملف النووي الإيراني من مجلس الأمن الى الوكالة الذرية، وإما ان تشتري إيران الوقود من دون الدخول في تفاصيل مخزونها من اليورانيوم المخصب، وإما ان تُنتج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة تحت إشراف الوكالة. وأضافت ان الخيارات الثلاثة لا تزال موضع نقاش، موضحة ان الرد الإيراني سيُسلّم بعد «الانتهاء من المشاورات التي تجريها طهران مع الأطراف المعنيين». في غضون ذلك، حض سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي إيران على قبول اقتراح البرادعي، داعياً كل الأطراف الى «إبداء اكبر مقدار من الصبر والتركيز على الآلية التي وُضعت بفضل جهود الدول الست وإيران». وغادر مفتشو الوكالة الذرية إيران أمس، بعد تفقدهم مرة ثانية المنشأة الجديدة للتخصيب قرب مدينة قم. وقبل ساعات من وصوله الى طهران أمس، اعتبر اردوغان ان فرضية مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية هي بمثابة «جنون». وقال لصحيفة «ذي غارديان» البريطانية ان المخاوف الغربية من البرنامج النووي الإيراني مجرد «ثرثرة»، منتقداً «مَن يقولون انهم يريدون سلاماً عالمياً، لكنهم ينتهجون مقاربة مدمرة ضد دولة يعود تاريخها الى عشرة آلاف سنة». وإذا كانت زيارات اردوغان السابقة الى طهران، جاءت في إطار العلاقات الثنائية، الا أنها ترتدي هذه المرة طابعاً آخر، في ظل تطورات المنطقة والمواقف التركية الأخيرة حيال مسائل عدة، إضافة الى الزيارة التي ينوي اردوغان القيام بها لواشنطن بعد طهران. وتستبعد مصادر إيرانية ان يكون الملف النووي على طاولة محادثات اردوغان في طهران، إلا في إطار اطلاعه على وجهة النظر الإيرانية المتعلقة بآلية التعاطي مع هذا الملف. كما استبعدت تحميل اردوغان رسالة الى واشنطن، باعتبار ان «القناة الإيرانية - الأميركية سالكة».