أعلنت وزارة الدفاع العراقية التوصل الى هوية المتورطين بالهجوم المزدوج الذي ضرب بغداد الاحد، مؤكدة انهم من عناصر تنظيم «القاعدة» وحزب البعث المنحل، فيما كشف محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق ان احدى السيارتين اللتين استخدمتا لتنفيذ التفجيرين تعود الى مديرية مياه الفلوجة. وفيما شهدت العاصمة العراقية امس اجراءات امنية مكثفة واغلاق لمعظم الشوارع الرئيسية فيها توالت أمس ردود الفعل المنددة بالهجوم المزدوج الذي ارتفعت حصيلته الى نحو 150 قتيلاً واكثر من 600 جريح، فيما يستعد البرلمان لعقد جلسة خاصة لاستجواب القادة الامنيين وسط مطالبة بعض الكتل باقالتهم. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية اللواء محمد العسكري أمس «استطعنا التوصل الى معلومات مؤكدة تثبت تورط عناصر تنظيم القاعدة وبقايا فلول البعث بهجوم» الاحد. وأضاف: «تمكنا من ضبط دارين احدهما في حي اور (شمال) والآخر في جانب الكرخ (غرب) تم فيهما جمع المواد الكيماوية المتفجرة التي وصلت الى العراق من احدى دول الجوار». وأكد المتحدث ان «قوات الامن العراقية تعمل لاعتقال المتورطين الذين تم التعرف اليهم». وشهدت بغداد الاحد هجومين انتحاريين بفارق زمني بسيط، استهدف الاول وزارتي العدل والبلديات والاشغال العامة فيما استهدف الثاني مبنى مجلس محافظة بغداد، وأديا الى مقتل 100 شخص على الاقل وإصابة اكثر من 500 آخرين. وأشار العسكري الى ان «المواد المتفجرة التي استخدمت هي خليط من متفجرات ومواد كيماوية زراعية»، مؤكداً «انها مشابهة تماماً للمواد التي استخدمت يوم الاربعاء الدامي»، في اشارة الى الاربعاء 19 آب (أغسطس) الماضي الذي شهد هجومين انتحاريين مماثلين استهدفا وزارتي المال والخارجية ما أدى الى مقتل نحو مئة وإصابة مئات آخرين. وكشف محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق الى وكالة «فرانس برس» ان «الشاحنة التي انفجرت قرب وزارة العدل كانت من طراز رينو ومحملة بطنين من المتفجرات وتعود لمديرية مياه الفلوجة» التي تبعد 50 كلم غرب بغداد. وتساءل: «كيف وصلت من الفلوجة الى هنا؟ إما أن يكون إهمالاً أو تواطؤاً». وأضاف ان «ما نراه من خلال كاميرات المراقبة خطأ بشري واضح» في اشارة الى سوء اداء القوات الامنية. وأشار الى اتخاذ اجراءات امنية مشددة وقال: «نحن نراجع جميع الخطط الامنية بعد ما حدث. علينا ان نعد خططاً جديدة خصوصاً في منطقة الصالحية لأهمية الوزارات»، مضيفاً ان «بعض الشوارع في الصالحية سيتم قطعها». وأكد ان «الانفجار (الثاني الذي) نفذ بالقرب من المحافظة كان بواسطة حافلة من طراز كيا». وأوضح: «فقدت 12 موظفاً معظمهم من الحراس بالانفجار الذي استهدف المبنى، وأصيب 400 آخرون بجروح». من جهته، قال العقيد خليل إبراهيم المسؤول عن حماية وزارة الدفاع: «عثرنا صباح اليوم (الاثنين) على جثة تحت احد الجدران الاسمنتية، كما عثرنا على جثة اخرى في الطابق الاول (من مبنى وزارة الدفاع)، وعثرنا كذلك على اشلاء». وأضاف: «بدأنا بإزالة الدمار الذي حل في المبنى». من جانبه، قال اللواء وليد حميد مدير الدفاع المدني في بغداد: «عثرنا داخل مبنى وزارة الاشغال والبلديات على اشلاء جثث»، متوقعاً «العثور على عدد آخر من الجثث». وأفاد مصدر أمني ان من بين الضحايا الذين سقطوا قرب وزارة العدل ستة اطفال قضوا داخل احدى الروضات، لافتاً الى ان «جداراً سقط على الاطفال الستة». المالكي: إرادات سياسية وأحقاد من جهته، اعتبر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان التفجيرات الاخيرة تقف وراءها «إرادات سياسية». وقال المالكي خلال حضوره أمس المؤتمر العلمي السابع الذي أقامته وزارة الزراعة في جامعة بغداد: «نحن نبني وهم يخربون كما حصل في تفجيري الاحد وغيرها من الاعمال الارهابية التي تقف خلفها إرادات سياسية وأحقاد». وأضاف ان «التحدي أمامنا كبير، لكن ثقتنا كبيرة أيضاً بان العراقيين لن يستسلموا أو يتهاونوا أو يتخلوا عن بناء وطنهم». وتساءل المالكي: «هل العراق لا يزال فيه حزب واحد وقائد واحد؟ وهل فيه ديكتاتورية؟ وهل فيه تطلع للعدوان على الدول المجاورة؟ اذاً لماذا يقومون بذلك ولماذا لا نجد اجابة على هذه التساؤلات سوى المزيد من الحقد والطائفية». وأكد ان «من يقومون بهذه الاعمال الاجرامية يريدون القتل لمجرد القتل، ويريدون ان يقولوا ان حكومة الوحدة الوطنية لم تستطع تحقيق النجاحات، كما يريدون افشال العملية السياسية»، في اشارة الى الانتخابات التشريعية المقررة في كانون الثاني (يناير) المقبل. وكان المالكي ترأس ليل الأحد اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن القومي لمناقشة الهجمات مع القادة العسكريين وضباط الشرطة وقيادة عمليات بغداد الذين قدموا شرحاً تفصيلياً عن نتائج التحقيقات الأولية والخسائر والأضرار التي تعرض لها المواطنون الأبرياء ومواقع سيادية للدولة العراقية. وشدد المالكي على كل القيادات الأمنية والإستخبارية «بضرورة التعاون والتنسيق التام لكشف هذه الخلايا الإجرامية التي تستهدف المواطن العراقي حيث أصدر توصيات خاصة بتعزيز الوضع الميداني والإستخباري». وأعلن وزير الأمن الوطني العراقي، شيروان الوائلي، أن «مجلس الأمن الوطني درس اتخاذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون وقوع مثل هذه العمليات الإرهابية»، فيما أعلن الناطق باسم خطة «فرض القانون» اللواء قاسم عطا ان «الاجهزة الامنية مستمرة في التحقيق للكشف عن الجهات التي تقف وراء التفجيرين وستعلن عن نتائج التحقيق حال الانتهاء منه». وعقدت الرئاسات الثلاث، الجمهورية والوزراء والبرلمان، اجتماعاً أمس خصص لدراسة التطورات السياسية والامنية. في غضون ذلك، يستعد البرلمان العراقي لعقد جلسة خاصة لاستجواب القادة الامنيين وسط مطالبة بعض الكتل باقالتهم فيما دعت كتلة رئيس الوزراء «دولة القانون» الى حشد الجهد السياسي لتدويل قضية التفجيرات. وشهدت معظم مناطق بغداد امس اجراءات مشددة عند نقاط التفتيش فيما استمرت عمليات انتشال جثث القتلى في مواقع التفجيرات. الى ذلك طالبت «جبهة التوافق» القادة الامنين بالاستقالة «احتراماً لدماء الشهداء واعترافاً بالأخطاء التي اقترفت». وقال النائب عن الجبهة رشيد العزاوي في اتصال مع «الحياة» ان «ابسط ما يمكن عمله هو اقالة قادة الاجهزة الامنية المسؤولين عن امن المناطق التي حدثت فيها التفجيرات»، مشيراً الى ان «التوصيات باعادة النظرة بالقوات الامنية وتغيير الخطط واستبدال بعض القادة التي رفعها البرلمان بعد تفجيرات آب الماضي لم يؤخذ بها، الامر الذي أدى الى تكرار الحادث». ودعا العزاوي الحكومة الى «اتخاذ قرارات جريئة بتغيير الخطط والقادة وعزل المستشارين الامنين الذي زاد عددهم عن الحد المعقول». من جانبه دعا عضو «ائتلاف دولة القانون» عبد الهادي الحساني الى حشد الجهود من اجل تدويل التفجيرات التي حصلت، وقال ل «الحياة» انه «بعد تفجيرات الاحد الماضي يجب ان لا تكون هناك اصوات معارضة لتدويل الحوادث الارهابية». وتوقع الحساني تسارع خطوات ارسال لجنة التحقيق الدولية. وتابع: «لا نبرئ ساحة الاجهزة الامنية مما حصل ولكن على الجميع ان يساهم في جعل الامر بيد القضاء الدولي». وكان النائب عن «المجلس الأعلى الإسلامي» حميد رشيد معلة كشف عن مطالبة عدد من النواب بعقد جلسة طارئة للبرلمان لبحث تفجيري الأحد. وأوضح معلة ان الجلسة ستكون الاسبوع الجاري. في هذا الوقت دعا رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي رئيس الوزراء العراقي الى الانضمام الى الائتلاف لمنع «الاخطار التي ما زالت تحيط بالعملية السياسية». وندد الحزب الشيوعي في بيان ب «قوى الإرهاب والجريمة التي اقترفت جريمة شنيعة جديدة أزهقت فيها العشرات من الأرواح البريئة، وسفحت الكثير من الدماء الزكية لمئات المواطنين العزل الآخرين»، واعتبر تفجيرات الأحد «جريمة ابادة جماعية»، وأشار الى ان «مسلسل الجرائم الوحشية للعصابات الإرهابية يشير بوضوح إلى مسؤولية فلول البعث الصدامي وبؤر القاعدة والميليشيات والجريمة المنظمة». ودعا «القوى السياسية الوطنية إلى تجاوز خلافاتها، والارتقاء إلى مستوى التحديات، والتعجيل في معالجة القضايا السياسية المعلقة، وفي مقدمها قضية قانون الانتخابات».