ودع الرياضيون رجل البذل والعطاء والكرم والسخاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد أعوام مميزة، غرس خلالها قواعد عدد من المنشآت الرياضية العملاقة والبُنى التحتية الخالدة في الذاكرة، إذ عاشت الرياضة السعودية في عهد الفقيد الراحل مرحلة حيوية زاهية، ارتبط فيها بتشييد المشاريع الرياضية الضخمة في المدن السعودية كافة، والضخ المالي الكبير للاتحاد السعودي لكرة القدم والأندية المحلية والمناحي الرياضية، وذلك رغبة منه رحمه الله في أن يعيش شباب الوطن في بيئة رياضية مثالية. ونكس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم علمه حداداً على وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ونعاه رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي أحمد الفهد الفقيد، معتبراً إياه أحد الداعمين للرياضة، ورفض لاعب المنتخب الإماراتي الاحتفال بهدفه الأول في مرمى المنتخب الياباني في كأس آسيا أمس (الجمعة)، وفي السعودية أوقف الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبدالله بن مساعد النشاطات الرياضة ثلاثة أيام، فالرياضة في مختلف أنحاء العالم كان لها مشاركتها في المصاب الجلل. وحظي القطاعان الشبابي والرياضي باهتمام كبير وحرص منقطع النظير من الفقيد عبدالله بن عبدالعزيز، إذ قدم البشائر تلو الأخرى لشباب الوطن منذ توليه مقاليد الحكم، ولن ينسى الرياضيون كافة ليلة حضوره إلى ملعب الأمير عبدالله الفيصل في جدة قبل ثلاثة أعوام لرعاية المباراة الختامية على كأس الملك للأندية الأبطال بين الأهلي والنصر، إذ توجه إلى الإطلاع على مشروع توسعة المدرجات فور وصوله إلى الملعب، وسأل عن كلفة المشروع، فأكد له الرئيس العام لرعاية الشباب آنذاك الأمير نواف بن فيصل أن المشروع سيسهم في توسعة مدرجات الملعب من 17 ألف متفرج إلى 32 ألف متفرج، إضافة إلى زيادة أكشاك بيع التذاكر، وأن الكلفة الإجمالية ستكون 90 مليون ريال تم اعتمادها من وزارة المالية، فأتى الرد السريع من الفقيد: «90 مليون بس! هذا مبلغ رخيص»، مؤكداً بأبوته الحانية في رسالته السامية أن المال مهما كان حجمه لا يمكن أن يكون عائقاً أمام سعادة الرياضيين في كل مكان، مجسداً مدى حرصه واهتمامه الكبيرين بمشاريع الرياضة واستشعاره معاناة الشباب الرياضي ، ثم تساءل الملك الراحل بعفوية تامة عما تم عمله في الملعب الجديد، فأجابه الأمير نواف بن فيصل: «هذا كبير، الله يحفظك، وباقي هذا الملعب الصغير». وبعد أن أمر بإنشاء مدينة الملك عبدالله الرياضية الشهيرة ب«الجوهرة» في مدينة جدة، والتي كانت تحفة لفتت أنظار الرياضيين، حرص على أن يكون لكل أرجاء السعودية النصيب ذاته، فأمر بإنشاء 11 ملعباً رياضياً جديداً في المدينةالمنورة والقصيم والمنطقة الشرقية وعسير وتبوك وحائل وعرعر وسكاكا ونجران والباحة وجازان، تضاهي مدينة الملك عبدالله الرياضية، وحرص على ألّا تتجاوز مدة التنفيذ العامين. وللملك عبدالله بن عبدالعزيز علاقة خاصة برياضة الفروسية، إذ كان لدعمه صندوق الفروسية بنحو ربع بليون ريال كبير الأثر في تحقيق كثير من الإنجازات التي تحصلت للفرسان السعوديين في المحافل الدولية، والتي كان أبرزها حصول المنتخب السعودي للفروسية لقفز الحواجز على الميدالية البرونزية للفرق، ضمن منافسات دورة الألعاب الأولمبية بلندن 2012، وكذلك تحقيق الفارس عبدالله شربتلي الميدالية الفضية في كأس العالم للفروسية 2010، وكذلك الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الآسيوية ال17 في مدينة آنشتون، وكذلك تحقيق المنتخب السعودي لقفز الحواجز الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الآسيوية ال16 في غوانزو في الصين وكذلك تحقيق الفارس رمزي الدهامي الميدالية الذهبية في البطولة ذاتها. كما أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء مقر لاتحاد اللجان الأولمبية العربية الوطنية والاتحاد العربي لكرة القدم على نفقته الخاصة، دعماً للرياضة والرياضيين، كما أمر في وقت سابق بدعم جميع الأندية الرياضية ب10 ملايين ريال لأندية «دوري المحترفين» ال14، كما شملت المنح أندية الفئات الأخرى بواقع 5 ملايين ريال لكل ناد من أندية الدرجة الأولى، ومليوني ريال لبقية الأندية الرياضية المسجلة رسمياً. ولأنه ملك الإنسانية استقبل أبطال لاعبي المنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة وكرّمهم بعد تحقيقهم كأس العالم، كما استقبل نادي الأهلي بعد تحقيقه أربع بطولات لألعاب مختلفة في موسم واحد، وقدم أربعة ملايين ريال لنادي الأهلي، كما استقبل نادي الاتحاد بعد تحقيقه كأس آسيا للأندية ووصوله إلى بطولة كأس العالم للأندية، وهنأهم على هذا الإنجاز الذي يحسب للوطن، وقدم دعماً سخياً ل«العميد»، كما قدم 45 مليون ريال لدعم المنتخب الأول لكرة القدم، المشارك في نهائيات كأس العالم التي أُقيمت في ألمانيا. وفي عهده أمر بتولي الأمير نواف بن فيصل بن فهد منصب الرئيس العام لرعاية الشباب خلفاً للأمير سلطان بن فهد، وبعدها بأعوام عدة أمر بتعيين الأمير عبدالله بن مساعد رئيساً لرعاية الشباب خلفاً للأمير نواف بن فيصل. ولفت فقيد الوطن أنظار العالم في كل مناسبة رياضية يحضرها بابتسامته المشرقة وبساطته الكبيرة وطيبته ولين تعامله، ودقة متابعته الشأن الرياضي في مشاهد رائعة قلّما تُشاهد في بقية البلدان، مبتعداً عن البروتوكولات الرسمية في مثل هذه المناسبات، فكان يسأل عن أسماء بعض اللاعبين، ويحفز الرؤساء والمسؤولين، ويجبر خواطر الفرق الخاسرة، كما استقبل عدداً من الرياضيين في الألعاب الفردية والجماعية التي رفعت علم السعودية في المحافل الخارجية وشرفت الرياضة السعودية طوال الأعوام الماضية. يذكر أن الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس اللجنة الأولمبية السعودية الأمير عبدالله بن مساعد أوقف الأنشطة الرياضية في السعودية، وأصدر ابن مساعد قراراً جاء فيه: «نظراً إلى وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود فإنه تقرر إيقاف الأنشطة الرياضية والشبابية المحلية والمشاركات الخارجية كافة مدة ثلاثة أيام».