بعض العرب «ذرب» وتعجبك فطنته، هكذا احسست وانا أقرأ رسالة وردتني من الدفعة الأخيرة من خريجي الكليات الصحية وكان عنوانها «حملة حتى نتوظف لخريجي الكليات الصحية» ووضعوا بين قوسين كلمة (المستقلة). وسبب التسمية انهم خريجو كليات العلوم الصحية، كليات تابعة لوزارة الصحة قبل انضمامها إلى وزارة التعليم العالي، وتمثل الدفعة الأخيرة التي تلتزم وزارة الصحة بتعيينها. وتخرجوا في بداية هذا العام 1430ه، وهم على حد تعبير رسالتهم ما بين نار وزارة الخدمة المدنية، ورحمة وزارة الصحة، حتى صدر قرار وزير الصحة السابق الدكتور حمد المانع الذي يقضي بتعيين خريجي هذا العام 1430ه، كآخر دفعة تلتزم وزارة الصحة بتعيينها. مكمن «الذرابة» في رسالة هؤلاء الشباب انهم استهلّوها بمقطع من كلمة هو (تعودنا في هذه البلاد عبر تاريخها أن نجعل الأفعال تسبق الأقوال، ولا شك أن استمرار تنميتنا ونمو اقتصادها يعتمد أولاً على توفيق الله ثم على شباب بلادنا الذين نتطلع إلى جهودهم ومشاركتهم في خدمة وطنهم) وهو جزء من كلمة وجهها الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - بمناسبة افتتاحه الدورة الثانية لمجلس الشورى في جدة في 10/03/1418ه الموافق 14/07/1997. اما مكمن الفطنة فهو قولهم في الرسالة «يولد الإنسان وتولد معه حقوقه، وتظل تنمو وتكبر كلما نما الإنسان وكبر، حتى إذا مات ورحل عن هذه الدنيا وانتهى عنه ومنه كل شيء، ظلت له حقوق يجب أن تحترم، فلا يجوز تجاهلها أبداً، لا من الناحية الشرعية ولا الأخلاقية. هذا يعني أن الله خلق حقوق الإنسان قبل أن يخلق واجباته، ولذلك يجب أن تكون القاعدة الجديدة في وزارة الصحة، هي الحقوق أولاً، أي علينا أن نمنح المواطن حقوقه قبل أن نسأله عن واجباته، بالضبط كالطالب في المدرسة، إذ لا يحق للمعلم أن يسأله عن أداء واجباته المدرسية قبل أن ينال قسطه من حق التعليم، أليس كذلك؟». وزارة الصحة تزمع رفع مستوى التعيين الى اختصاصي خلال ثلاث سنوات كما ورد في اعلاناتها مدفوعة الثمن في معظم الصحف، وهنا اتساءل الا يمكن تخيير المتبقي من خريجي الكليات الصحية بين التعيين كفني او اكمال الدراسة ليصبح اختصاصياً، بالطبع لا والسبب اوردته الرسالة نفسها واقتطف منه: «الأكثر مرارة من ذلك، لا نجد أية فرصة من وزارة التعليم العالي، في برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لإكمال مرحلة البكالوريوس، عندما قصَّرت جامعاتنا في أداء دورها اذ رفضت، وما زالت ترفض، أعداداً كبيرة ممن يتقدم إليها». ليس بامكاننا حل كل اشكالات التوظيف والبطالة، لكن الأخذ بالأولى والأهم، وربما الأيسر قد يساعدنا في لملمة بعض جراح الشباب التي تنزف اياماً من أعمارهم. [email protected]