عادت الجهود اللبنانية الرسمية لمواجهة المجموعات الإرهابية التي ترسل الانتحاريين إلى بعض المناطق، الى الواجهة أمس، بإلقاء الجيش القبض على «القائد اللوجيستي» للانتحاريين، ما قد يساعد في ملاحقة الانتحاريين المحتملين المرتبطين بهذه المجموعات. وجاء هذا التطور بعدما حبس اللبنانيون أنفاسهم لثلاثة أيام مخافة أن ينعكس العدوان الإسرائيلي على موكب لعناصر من «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني في منطقة الجولان السورية على جبهة لبنان الجنوبية مع إسرائيل. (للمزيد) إلا أن المعطيات التي برزت بعد هذه العملية، أفادت بأن الحزب سيتجنب الرد عبر لبنان على الأقل في المرحلة المنظورة المقبلة، لا سيما بعد اتصالات مع الحزب دعته الى تجنيب لبنان المواجهة، فضلاً عن أن الجانب الإسرائيلي بعث بإشارات إلى عدم الرغبة في التصعيد، مدعياً أنه لم يكن على علم بوجود الضابط الإيراني في عداد الموكب. وعلمت «الحياة» أن الجانب الإسرائيلي سبق أن أبلغ الأممالمتحدة في نيويورك، قبل غارة القنيطرة وقبل حديث الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله الى قناة «الميادين» الخميس الماضي، أنه لن يقبل بحصول الحزب على أسلحة متطورة قد يستخدمها في عمليات ضده. وذكرت معلومات ديبلوماسية أن إسرائيل اعتبرت تلويح الحزب باستخدام هذه الأسلحة في خطب سابقة ألقاها السيد نصرالله «خرقاً للخطوط الحمر». وقال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أثناء لقائه النواب أمس، إن «جريمة العدوان الإسرائيلي على مجموعة من مجاهدي المقاومة في القنيطرة تنطوي على أبعاد خطيرة، وتندرج في إطار السياسات العدوانية الإسرائيلية وحسابات رئيس الحكومة الصهيوني بنيامين نتانياهو الانتخابية». واعتبر بري أن «إسرائيل ارتكبت خطأ استراتيجياً، واللعب بالنار لا يعني أن النار لعبة، وبهذه الجريمة تكون إسرائيل وضعت إيران على حدودها وعلى تماس مباشر معها». وإذ أوحى بري بهذا الكلام، أن الجانب الإيراني قد يرد من الجبهة السورية المتاخمة للجولان المحتل، فإنه أكد أن «لا تداعيات لهذه الجريمة على مسار الحوار الجاري بين حزب الله وتيار المستقبل، وأن هذا الحوار أعطى ثماراً مباشرة على صعيد تخفيف الاحتقان وتحصين الوضع اللبناني». وتعقد الجولة الرابعة من الحوار الإثنين المقبل. وشدد على أن «الخطة الأمنية في البقاع ستكون خطة فاعلة وحاسمة لمكافحة المطلوبين والمجرمين الذين شوهوا وجه المنطقة، وألحقوا بها ضرراً فادحاً، مؤكداً أن «لا غطاء على أحد أياً كان». وينتظر أن يبحث «حزب الله» و «المستقبل» في تدابير إزالة الرايات والشعارات التي تزيد من الاحتقان المذهبي في بيروتوطرابلس وصيدا. وقالت مصادر مطلعة إن التدابير المطلوبة في بيروت ستنفذ خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وكانت قيادة الجيش أعلنت أمس عن توقيف المدعو قاسم يوسف ثلجة، في طرابلس، الذي تبين أنه «القائد اللوجيستي» للانتحاريين، وفق مصدر أمني رفيع. وإذ أوضح الجيش أن ثلجة كان استقبل الانتحاريين اللذين نفذا التفجير المزدوج في جبل محسن في العاشر من الجاري، وأمَّن لهما الأكل والسكن واستطلع المكان لهما قبل ساعتين من التفجير بعد أن سلمهما حزامين ناسفين، فإن التحقيقات معه تنصبّ على معرفة ما إذا كان استقبل غيرهما وأمن لهم مستلزمات تنفيذ عمليات أخرى، كما تتناول التحقيقات الجهة التي هو على صلة بها. ومساء أوقف الجيش في عرسال أحد المطلوبين من أبناء البلدة وآخر سورياً ينتمي الى مجموعة إرهابية. ولفت أمس إعلان قائد الجيش العماد جان قهوجي أن «لبنان لا يمكن أن يتغير ولا يمكن أن يكون جزءاً من الصراع الذي يعصف بالمنطقة». وزار قهوجي مواقع الجيش في بلدة عرسال ومحيطها لتفقدها، وقال: «صنعنا الانتصار تلو الانتصار ضد الإرهاب لكن هذا لا يعني أننا انتهينا من الأحداث والأزمات». وعلى صعيد معالجة لجوء بعض المرتبطين بالمجموعات المتطرفة الى مخيم عين الحلوة الفلسطيني، أجرى عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد، موفداً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لقاءات مع كبار المسؤولين، لا سيما بري ورئيس الحكومة تمام سلام. وأبلغ الأحمد يرافقه قادة الفصائل الفلسطينية، الحرص على عدم السماح لأي جهة في المخيم الفلسطيني بمسّ هذا الاستقرار.