لا تدريب موصوفاً للأمومة والأبوة. نعم، ثمة تمارين للوضع والولادة، عماده التنفّس بإيقاعات مختلفة، بحسب شدة الأوجاع، كما نشاهد في البرامج والمسلسلات والأفلام. وما أشطر الشريك الذكر، إذ يشرع في الشهيق والزفير وكأنه هو الذي سيضع الطفل. هناك كتب ومجلات، وما أكثرها، تعطي فكرة عن الأمومة والأبوة، ونصحاً في الرعاية الصحية والغذاء والتربية السليمة... ولكن، ما إن يطل المولود حتى يطير كل شيء ويتبدد، المعلومات والنصائح والإرشادات. ويصبح الرضيع كطابة يتقاذفها الوالدان، كمن يتقاذف المسؤولية، حتى تهدأ الأيادي وتتشبّث بالطفل ولا تعود تتركه. عندئذٍ، يبدأ مشوار الأمومة والأبوة. كثيرة هي أحاديث الناس التي تروي عن والد فرّ ولم يعد عندما رزق بولد، وآخر تساءل عمّا يفعل ب «هذا الشيء» في البيت، وثالث نسيه في السيارة وهبّ لمساعدة زوجته على الاستلقاء في السرير. ويروى عن أمهات يصبن بحالات إحباط عندما يأتي الطفل. وهناك أزواج يكونون على أتمّ الاستعداد لاستقبال المولود الأول، وكأنه فرد «قديم» من أفراد العائلة، وينتقلون ثلاثتهم إلى أسلوب العيش الجديد. والحالة المادية للزوجين ليست بالضرورة ما يثير قلقهما حيال الفرد الجديد الآتي، ولا النفسية ولا غريزة البقاء والاستمرار. ويبقى مجهولاً تماماً ذلك الشعور بالقبول من دون قيد أو شرط والانزلاق إلى الحياة الجديدة، أو بالرفض.