قال تقرير صدر أول من أمس عن البنك الدولي إن معدلات النمو الاقتصادي - عقب ركود عميق- أخذت تتحول إلى الاتجاه الموجب مع تدخل الحكومات على نطاق واسع لدعم الطلب، والحد من كثافة أجواء عدم التيقن والمخاطرة النظامية في الأسواق المالية. وتوقع التقرير أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي 5 في المئة في 2010، مقابل 1.75 في 2009، وبتحقيق هذا الارتداد الايجابي بقيادة الصين والهند وعدد من الاقتصادات الآسيوية الصاعدة الأخرى. وثمة ارتداد ايجابي محدود تشهده اقتصادات صاعدة أخرى بدعم من الدفعة التنشيطية التي تتيحها السياسات والتحسن المستمر في الأوضاع التجارية والمالية العالمية. وتوقع أن يكون التعافي بطيئاً، نظراً إلى استمرار ضعف النظم المالية وضرورة التدرج في سحب الدعم المقدم من السياسات العامة واستمرار حاجة الأسر في الاقتصادات التي تضررت من كساد أسعار الأصول إلى إعادة بناء مدخراتها، وهي تعاني من ارتفاع معدلات البطالة إلى أن يصبح التعافي عميق الجذور. «ولكن صانعي السياسات عليهم البدء في الإعداد لعملية منظّمة تنتهي بسحب التدخل الحكومي الذي بلغ مستويات استثنائية». وأشار التقرير الذي نشر على موقع مؤسسة النقد إلى أن «الاقتصاد العالمي بدأ يزداد توسعاً من جديد، تدفعه قوة أداء الاقتصادات الآسيوية واستقرار أوضاع الاقتصادات الاخرى أو تعافيها في حدود متواضعة. فقد أدى التدخل الحكومي غير المسبوق في الاقتصادات المتقدمة إلى استقرار النشاط، ودعم استعادة معدلات نمو محدود في اقتصادات عدة. أما الاقتصادات الصاعدة والنامية فقد قطعت على وجه العموم شوطاً أطول على طريق التعافي، يقودها النهوض الذي تشهده آسيا. ويستفيد كثير من هذه الاقتصادات في الوقت الراهن من رواج أسعار السلع الاولية أخيراً ومن السياسات الداعمة المتبعة». ويضيف التقرير: «يسير التعافي بوتيرة بطيئة، ولا يزال النشاط أقل بكثير من مستوياته قبل الأزمة. ويأتي التحسن الجاري مدفوعاً بالارتداد الإيجابي في قطاع الصناعات التحويلية، والتحول في دورة المخزون، وهناك بعض بوادر الاستقرار التدريجي في مبيعات التجزئة وعودة الثقة إلى المستهلكين وتحقيق المزيد من التماسك في أسواق المساكن بالتدريج. ومع تحسن التوقعات عادت أسعار السلع الأولية إلى الارتفاع بعد أن هبطت إلى أدنى مستوياتها في أوائل العام الحالي، كما بدأ التحسن في النشاط التجاري العالمي». أما العوامل التي حفزت هذا الارتداد الإيجابي وفق التقرير فهي السياسات العامة القوية التي اعتمدتها الاقتصادات الصاعدة، إذ عملت هذه السياسات على دعم الطلب وكادت تبدد المخاوف كافة من احتمالات الكساد العالمي، وهي المخاوف التي أسهمت في إحداث انخفاض هو الأكثر حدة في النشاط الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية منذ الحرب العالمية الثانية. وسرعان ما جاء رد فعل البنوك المركزية الذي تمثل في تخفضيات استثنائية كبيرة في أسعار الفائدة وتدابير غير تقليدية لضخ السيولة والحفاظ على استمرارية الائتمان. وأطلقت الحكومات برامج كبيرة للتنشيط المالي مع دعم البنوك بتقديم الضمانات وضخ رؤوس الأموال. وقد أسهمت هذه التدابير مجتمعة في خفض حالة عدم اليقين وزيادة الثقة، ما شجع تحسن الأوضاع المالية، بحسب ما يتبين من عمليات جني الأرباح القوية التي شهدتها أسواق كثيرة وانتعاشة تدفقات رؤوس الأموال الدولية. إلا أن البيئة السائدة لا تزال مليئة بتحديات جسيمة تواجه المقترضين المصنفين في مستويات ائتمانية منخفضة. وبشكل أعمّ وكما يؤكد التقرير أن مخاطر انعكاس المسار لا تزال مصدراً كبيراً للقلق، ولا يزال عدد من مؤشرات الضغوط المالية مرتفعاً. كما توقع حدوث توسع بطيء في الاقتصادات المتقدمة لفترة تغطي معظم 2010، مع استمرار ارتفاع معدلات البطالة حتى فترة متأخرة من العام، ومن المتوقع أن يصل النمو السنوي في العام المقبل إلى نحو 1.25 في المئة عقب انكماش مقداره 3.5 في المئة في العام الحالي.