لوحظ أمس تصاعد حدة الانقسامات في جماعة «الإخوان المسلمين» بين أجيالها وتياراتها المختلفة (جيل الشباب وجيل الحرس القديم، وتيار المحافظين وتيار الإصلاحيين)، الأمر الذي قد ينعكس على نشاط الجماعة خلال الفترة المقبلة. وبلغت هذه الانقسامات درجة تقديم المرشد العام مهدي عاكف استقالته قبل أن يسحبها نتيجة لضغوط مورست عليه. وقالت مصادر في «الإخوان» إن استقالة المرشد السابع للجماعة جاءت «تعبيراً عن احتجاجه على رفض أعضاء مكتب الإرشاد تصعيد الدكتور عصام العريان إلى عضوية أعلى سلطة فيها». وعلى رغم أن عاكف اتهم أمس الإعلام بتصدير الانقسامات داخل جماعته، غير أن الأزمة الأخيرة أكدت أن الجماعة التي تعد أكبر فصيل معارض في مصر في حاجة إلى إعادة صياغة داخلية بما يتناسب مع تكوينها الجيلي. وسارع عاكف الذي تنتهي ولايته في كانون الثاني (يناير) المقبل، إلى نفي تقديمه استقالته من منصبه، مؤكداً أنه فوجئ بالأخبار التي تتردد في بعض وسائل الإعلام عن تنحيه. غير أن مصادر في «الإخوان» قالت ل «الحياة» إن المرشد العام تقدم باستقالته فعلاً خلال اجتماع عقد أول من أمس لعدد من أعضاء مكتب الإرشاد قبل أن يتراجع عنها «بعد ضغوط مورست عليه». وأوضحت «أن الأزمة تفجرت في أعقاب إصرار عاكف على تصعيد رئيس المكتب السياسي للإخوان الدكتور عصام العريان إلى عضوية مكتب الإرشاد غير أن قيادات المكتب رفضوا ذلك وأرجعوا رفضهم إلى مخالفة تصعيد العريان للوائح الداخلية للإخوان». واتهم عاكف في تصريحات نشرت على الموقع الرسمي للجماعة الإعلام ب «تصعيد الانقسامات والخلافات الداخلية»، ورأى أن «هناك سعياً حثيثاً من قِبَل بعض وسائل الإعلام إلى افتعال مواقف هامشية لصرف النظر عن قضايا أكثر أهمية» . وأكد عضو مكتب إرشاد الإخوان رئيس كتلتها البرلمانية النائب سعد الكتاتني أن مهدي عاكف لم يتقدم باستقالته ويقوم بمهمات عمله في شكل طبيعي. واتهم الكتاتني «جهات ومؤسسات» لم يسمها وقال إنها «تتمنى أن تظهر وتصدر الانشقاقات والصراعات داخل الجماعة». وأوضح ل «الحياة»: «ما حدث أن المرشد العام اجتمع مع عدد من قيادات مكتب الإرشاد (أول من أمس) للتدارس في شأن الرسالة الأسبوعية والتي يوجهها عاكف لمناصريه وتم طرح مسألة تصعيد الدكتور عصام العريان على المائدة لكن لم يحدث أن تقدم المرشد العام باستقالته». وأشار إلى أن بعض الجهات «استغل» حصول مهدي عاكف على إجازة لمدة أسبوع «لتقول إن هناك خلافات داخل الإخوان». وقال: «السيد مهدي عاكف حضر إلى مكتبه (أمس) واجتمع بعدد من قيادات الجماعة في حضور الدكتور عصام العريان والأمور سارت في شكل طبيعي». وشدد الكتاتني على أن مسألة تصعيد العريان تحكمها اللوائح الداخلية للجماعة. وتساءل «هل يتم تفسير الاختلاف في وجهات النظر على أنه انشقاقات وصراعات داخلية؟». وقال: «نحن ملتزمون الديموقراطية وهناك بعض المسائل تأخذ أكثر من جلسة للدرس والوصول إلى اتفاق في وجهات النظر، وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق نلجأ إلى الاقتراع بين أعضاء المكتب لإنهاء الاختلاف». وأشار إلى أنه «في ظل الملاحقات الأمنية تمكنت الجماعة من إنجاز مجلس شورى الإخوان ويبقى لنا استحقاقان هما انتخاب مكتب الإرشاد وبعد ذلك انتخاب خليفة لمهدي عاكف ... وفي غضون الأشهر القليلة المقلبة سنتمكن من إنجاز هذين الاستحقاقين». ويؤكد خبير الحركات الإسلامية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور ضياء رشوان وجود «خلافات بين الأجيال داخل الإخوان» ظهرت خلال الفتره الأخيرة، ويشدد على أن الأزمة الأخيرة تدل على أن جماعة الإخوان «في حاجة إلى التجديد وإعادة الصياغة الداخلية بما يتناسب مع تكوينها العمري والجيلي، فلا يمكن أن يكون غالبية قادة الجماعة في مراحل سنية متأخرة أما أعضاؤها فغالبيتهم من جيل الشباب». وقال ل «الحياة»: «الانسجام بات ضرورياً في المرحلة المقبلة .. فالأزمة الأخيرة تعد جرس إنذار لقيادات الإخوان». وكان مهدي عاكف أعلن مطلع العام الجاري أنه «لن يخوض الانتخابات على منصب المرشد العام مرة أخرى»، وأكد في مناسبات عدة إصراره على موقفة مشدداً على أن «جماعته لديها من الكوادر القادرة على ملء الفراغ».