تتحول باريس، اليوم (الأحد)، إلى عاصمة لمكافحة الإرهاب باستقبالها تظاهرة حاشدة ترتدي طابعاً دولياً ضد الاعتداءات التي أودت بحياة 17 شخصاً في فرنسا سقطوا ضحايا ثلاثة اسلاميين متطرفين. وسيلتقي قادة من أنحاء العالم، وأحزاب ونقابات ومجموعات دينية، يهودية ومسيحية ومسلمة، وجمعيات وشخصيات في باريس لتحويل هذه «المسيرة الجمهورية» إلى يوم تاريخي. وكانت التظاهرة في البداية مخصصة لتكريم ذكرى ضحايا المتشددين الذين قتلتهم قوات الأمن بعد ذلك. وهؤلاء الضحايا هم رسامو الكاريكاتور في الصحيفة الأسبوعية الساخرة «شارلي إيبدو» الذين قتلهم الأخوان سعيد وشريف كواشي، ثم شرطية قُتلت الخميس الماضي، وأربعة أشخاص قتلهم أحمدي كوليبالي، الجمعة الماضي، في متجر لبيع المآكل الخاصة باليهود. لكن هذا التجمّع تحوّل تدريجاً إلى تظاهرة ترتدي طابعاً دولياً، إذ سيصل ملك الأردن عبدالله الثاني وزوجته، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى باريس ليشاركوا الرئيس فرنسوا هولاند في التظاهرة اعتباراً من الساعة 15,00 (14,00 تغ). كما سيحضر الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وقبل هولاند، شارك رئيس واحد في تظاهرة في الشارع وهو فرنسوا ميتران في 1990 بعد تدنيس مقبرة يهودية في كاربنتراس جنوب شرق فرنسا. وستجري هذه المسيرة بين ساحتي «لاريبوبليك» (الجمهورية)، و«لاناسيون» (الامة) في شرق باريس اللتين تفصل بينهما ثلاثة كيلومترات. كما سيشارك في التجمع رؤساء ثماني دول أفريقية، وأهم القادة الأوروبيين من المستشارة الألمانية أنغيلا مركل إلى رئيسي الوزراء البريطاني والإسباني ديفيد كامرون وماريانو راخوي، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. وبذلك سيستقبل هولاند قبل التظاهرة رؤساء نحو خمسين دولة أو حكومة في قصر الإليزيه. وفي الرئاسة الفرنسية ترحيب بهذه «التعبئة الدولية الاستثنائية» و«الوحدة الوطنية»، وفي الوقت نفسه تأكيد انه «تجمع للشعب الفرنسي»، قبل كل شيء، وهذا ما أكدته نتائج استطلاع للرأي أجراه معهد «إيفوب» لمجلة «باري ماتش»، ونُشر مساء أمس. فبعد ثلاثة أيام على الوقائع يرى 97 في المئة من الفرنسيين أن البرهنة على الوحدة الوطنية ضرورية. وستسير أسر الضحايا في طليعة المسيرة، يليها هولاند وضيوفه الأجانب، ثم الشخصيات السياسية الفرنسية. وستكون الأحزاب السياسية حاضرة كلها، باستثناء "الجبهة الوطنية" التي استبعدت رئيستها مارين لوبن مشاركة هذا الحزب اليميني المتطرف نظراً لاستبعاده من الاستعدادات للتجمع. وتوقع وزير الداخلية برنار كازنوف مشاركة «مئات الآلاف» بينما تحدث رئيس الوزراء مانويل فالس عن «ملايين». والرقم القياسي الذي سجل في فرنسا هو 1.5 مليون شخص نزلوا الى الشوارع للاحتفال بالفوز في المونديال في 1998. ووعد فالس بإجراءات أمنية مشددة بمستوى الحدث، إذ سيتم نشر 2200 رجل أمن، وإغلاق عشر محطات لقطار الأنفاق، ويمنع وقوف السيارات. وفي هذا الاطار سيقوم ألفا شرطي و1350 عسكرياً آخرين بحماية المواقع الحساسة في العاصمة الفرنسية ومحيطها، من مقار لوسائل إعلام إلى أماكن العبادة ومدارس ومبان عامة وممثليات ديبلوماسية. وستكون التغطية الإعلامية أيضاً استثنائية كما كانت طوال أزمة وصفت بأنها «11 أيلول (سبتمبر)» الفرنسية. لكن يوم السلطة التنفيذية لا يقتصر على هذه التظاهرة، إذ أن الرئيس الفرنسي سيستقبل صباح اليوم ممثلي المجموعة اليهودية في فرنسا، للبحث معهم في ما وصفه الجمعة بأنه «عمل مروع معاد للسامية»، في إشارة إلى احتجاز الرهائن في محل بيع الأطعمة لليهود. وسيزور بعد ظهر اليوم الكنيس الكبير في وسط العاصمة. وعند الظهر يستقبل هولاند الحكومة الفرنسية، ثم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي قبل دعوة رفض تلبيتها الرئيسان الأسبقان البالغان الثمانين من العمر فاليري جيسكار ديستان وجاك شيراك. وبعد ذلك سيستقبل رؤساء الحكومات السابقين ميشال روكار وجان مارك إيرلوت وآلان جوبيه. أما وزير الداخلية فسيكون عليه إلى جانب ضمان أمن التظاهرة، حضور اجتماع دولي حول الإرهاب بحضور وزراء الداخلية في 11 بلداً اوروبي ووزير العدل الأميركي اريك هولدر القريب من الرئيس باراك أوباما. وستتمثل في هذا الاجتماع لاتفيا وألمانيا والنمسا وبلجيكا والدنمارك وإسبانيا وإيطاليا وهولندا وبولندا والسويد وبريطانيا.