لم تمنع مشاعر التضامن والتنديد والإدانة التي التزمتها السلطات المغربية إزاء الممارسات الإرهابية التي اجتاحت فرنسا إثر استهداف مجلة «شارلي إيبدو» ومتجر الأطعمة اليهودية خلال الأيام الماضية، استمرار الأزمة الديبلوماسية بين الرباطوباريس. وقبل أن يتوجه وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار إلى باريس للمشاركة في أكبر تظاهرة تضامن ضد الإرهاب اليوم، ألقى باللائمة على أوساط فرنسية، لم تبد الرغبة في العمل مع بلاده «لتفادي الأعطاب» التي لحقت بالعلاقات المغربية - الفرنسية. وقال مزوار إن سبب استمرار الأزمة الديبلوماسية مع فرنسا يعود إلى غياب «الإرادة السياسية» لدى باريس، و«اهتزاز» الثقة. وأوضح في مقابلة صحافية أن زمن «وصاية فرنسا على المغرب ولى»، في إشارة إلى الملفات التي تعتبر الرباط الكلام أو التحرّك الفرنسي في شأنها تدخلاً في شؤونها الداخلية، وميلاً إلى «الإساءة إلى الروابط التي تجمع بين البلدين الصديقين». ودان استدعاء المدير العام للاستخبارات الداخلية المغربية عبد اللطيف الحموشي إلى التحقيق القضائي خلال قيامه بزيارة رسمية إلى باريس. ورأى أن هذا الحادث يُعتبر امتداداً لخضوع فرنسا ل «لوبيهات تسعى إلى المساس بصفاء العلاقات المغربية - الفرنسية». من جهة أخرى، أشارت أسبوعية «لاكسبريس» الفرنسية إلى وجود أطراف داخل الحكومة الفرنسية الحالية «مسؤولة عن تدهور العلاقات مع الرباط». ويسود الاعتقاد ذاته في الأوساط الرسمية والحزبية المغربية، منذ تولي الاشتراكيين الحكم في فرنسا بزعامة الرئيس فرنسوا هولاند، الذي كان زار المغرب، مبدياً دعماً قوياً لخطة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط لإيجاد «حل سياسي توافقي» لنزاع الصحراء. وفي سياق متصل، برز تصريح وزير الداخلية الفرنسي السابق شارل باسكوا الذي اعتبر في أعقاب الهجمات الإرهابية في باريس، أن على فرنسا أن تطور وتعزز علاقاتها على المستوى الدولي، مشيراً إلى أن الأزمة القائمة مع الرباط «كان لها أثر سلبي في الوضع في فرنسا»، مذكّراً بأن الرباط كانت دائماً مصدراً رئيسيًا للمعلومات الاستخباراتية» في الحرب على الإرهاب. إلى ذلك، أفادت مصادر مأذونة ل «الحياة» بأن الاستخبارات المغربية مدت السلطات الفرنسية بكم هائل من المعلومات حول هجمات محتملة، كانت تستهدف منشآت مثل ميترو باريس ومراكز حيوية أخرى، شملت أيضاً رصد مخططات إرهابية لاستهداف عواصم أوروبية أخرى.