«شبكة الإنترنت وسيلة للتواصل والمعرفة وخدم متطلبات حياتنا اليومية، وقد تم حجب الموقع الذي ترغب بدخوله لاشتماله محتوى مدرج تحت «فئات المحتويات المحظورة» بحسب تصنيف السياسية التنظيمية لإدارة النفاذ للإنترنت، وإذا كان لديك وجهة نظر مختلفة، الرجاء انقر هنا». هذه العبارة تطالعك، في صيغ مختلفة، عند تصفحك شبكة الإنترنت في الدول العربية، وبعض الدول لم يكلف نفسه وضع عبارة تشرح موقفه، واكتفى بعبارة «هذا الموقع محجوب». حتى الآن لا توجد في البلاد العربية سياسة معلنة تحدد النفاذ للإنترنت، والشيء الوحيد المتفق على حجبه في الدول العربية هو المواقع الإباحية، وهذه لا خلاف حولها، أما بقية المحتويات فهي تخضع لموقف الحكومة السياسي والاجتماعي، من هذه القضية او تلك. وقبل ايام كنت ابحث في مسألة الخلط بين مفهوم الدولة ومفهوم الحكومة الذي يمارسه الإعلام العربي، فوجدت ان هناك دراسات ومقالات منشورة في دوريات وصحف محجوبة في دول كنت اعتقد انها الأكثر مرونة في قضية الحجب، وحاولت البحث في الدولة الدينية والدولة المدنية وصادفت مواقع محجوبة، وهذه الإشكالية يعاني منها الإنسان العربي في دوله كلها. والمؤسف انك لا تعرف ما هو المصدر المحجوب، وبمجرد ان تنقر على العنوان تطالعك عبارة «هذا الموقع محجوب»، فضلاً عن ان بعض الدول يتفنن في ارهاب المتصفح، ويشعره بأنه يقترف إثماً، حتى لو كان يبحث في قضية جادة، وآخر تصيبك رسالته بالذعر بحكم انك دخلت الى منطقة يعاقب عليها القانون. الأكيد ان إخضاع معايير النفاذ الى الانترنت في الدول العربية للسرية، وترك تحديدها لجهة او جهات محددة، وعدم وضع قانون مكتوب مسألة بحاجة الى نقاش، ولا بد لنقابات الصحافيين وجمعياتهم من دور في هذه القضية، فالتصفح على الانترنت لم يعد مسألة ترف، والصحف اليوم تتجه الى هجر بيوتها الورقية، واذا لم تبادر الى سن قوانين تحمي حرية الحصول على المعلومات، فإنها ستترحم على ايام الورق. والاهم من هذا وذاك، هو ان على الحكومات العربية ان تدرك ان قوانين الحجب المتعسفة تعد صارخ على حقوق البشر في المعرفة، وان حرية التعبير والاطلاع هي إضافة لهيبة الدولة وقوتها.