تترقب الأسواق العالمية بحذر استقرار أسعار النفط عند حدود 50 دولاراً، مع تسجيلها أكبر تدهور منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. وحولت الاسعار المنخفضة ميزان القوة الاقتصادي في العالم باتجاه الدولة الصناعية المستوردة للطاقة، مثل دول جنوب شرق آسيا، في حين يتوقع أن تعاني دول مثل روسياوإيران من مشكلات اقتصادية كبيرة هذا العام. ويتوقع بعض الخبراء استمرار هبوط أسعار النفط إلى نحو 30 دولاراً للبرميل، مع غياب مفهوم العرض والطلب الحافظ للاستقرار، وبقاء السعر رهناً بمضاربات المستثمرين. وسيشكل العام الحالي تحولاً رئيساً في اقتصادات دول جنوب شرقي آسيا التي ستتمكن من رفع الاجور والطلب الاستهلاكي إضافة إلى نمو ارباح الشركات، ما يعني أن استقرار الأسعار قرب مستوياتها الحالية على المدى المتوسط سيعزز محركات النمو في آسيا. وتعد الفيليبين المستفيد الأكبر من هبوط أسعار النفط، إذ توقعت دراسة لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي لها معدل نمو بنحو 7.6 خلال العامين المقبلين، في حال تراجع أسعار النفط إلى 40 دولاراً. وستتمكن الهند من تقليص عجز الحساب الجاري وإعادة التوازن إلى معدلات التضخم، في حين سيسمح هبوط أسعار النفط بتعديل سياسة الطاقة الداخلية في إندونيسيا وماليزيا. وسيساعد تراجع كلفة الطاقة "البنك المركزي الصيني" في خفض أسعار الفائدة وتأمين تسهيلات للمشاريع المتعثرة. وفي الجانب الآخر، عمق هبوط الأسعار تراجع إيرادات النفط في إيران التي ما زالت تعاني من أثار العقوبات الاقتصادية الغربية. وأقرت طهران موازنتها للعام المقبل عند سعر 72 دولارا للبرميل، إلا أن ذلك لا يعد سببا كافياً بعد لرضوخها الى مطالب الدول الغربية بخصوص ملفها النووي. ومن المتوقع أن يسجل الاقتصاد الروسي تراجعاً بنحو 4.7 في المئة العام الحالي في حال استقرار اسعار النفط عند 60 دولارا وسط الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد، وخسارة الروبل نحو 46 في المئة من قيمته أمام الدولار. وفي الولاياتالمتحدة، خسر مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" نحو 4.2 في المئة من قيمته منذ بداية كانون الثاني (يونيو)، وأشار الباحث الاقتصادي في "بنك أوف أميركا" دان سوزوكي الى أن تراجع أرباح قطاع الطاقة والشركات المرتبطة به يفوق في قيمته الأثر المباشر لهبوط أسعار النفط على المستهلك ورفع الاستهلاك المحلي. في المقابل، توقعت دراسة اجرتها مؤسسة "أوكسفورد أيكونوميكس" أن يحقق الاقتصاد الأميركي نموا وسطياً بنحو 3.8 في المئة خلال العامين المقبلين في حال بقاء أسعار النفط عند 40 دولارا، بالمقارنة مع 3 في المئة عند 83 دولارا للبرميل.