تسارعت وتيرة التأثيرات الكبيرة لانهيار أسعار النفط على روسيا، وهو الأمر الذي شكل مفاجأة مدوية في أسواق المال والأعمال، حيث لوحت «وكالة ستاندرد أند بورز» للتصنيف الائتماني بخفض تصنيفها الائتماني لروسيا إلى مستوى «غير مرغوب فيه»، وقالت الوكالة إنها قررت وضع مستوى «بي بي بي سالب» تحت المراقبة، وإنها ستعيد النظر في تصنيف روسيا منتصف شهر يناير المقبل. وقالت وكالة «بلومبيرغ» الإخبارية: إن روسيا الاتحادية تعيش وسط أسوأ أزمة اقتصادية منذ العجز عن سداد الديون عام 1988م، فيما أرجعت «ستاندر أند بورز» للتصنيف الائتماني في بيانها حول روسيا «بأن ما تراه من تدهور سريع في المرونة النقدية وتأثيرات ضعف الاقتصاد على نظامها المالي سبب في اتخاذ هذه الخطوة»، وبحسب وكالة وكالة «بلومبيرغ» بأن هبوط أسعار النفط عند أدنى مستوياتها منذ خمسة أعوام والعقوبات الغربية على روسيا بسبب الصراع على أوكرانيا دفعت أكبر دولة مصدرة للطاقة في العالم إلى حافة الركود. وأضافت الوكالة أن البنك المركزي في موسكو أنفق خمس احتياطياته المالية، وأسعار الفائدة زادت ست مرات منذ مارس الماضي بعد أن دخلت روسيا تحت العقوبات الدولية عقب غزوها شبه جزيرة القرم. وزادت الوكالة بأن العملة الروسية فقدت 40% من قيمتها أمام الدولار هذا العام، حيث تعتبر ثاني أسوأ عملة أداء بين أكثر من 170 عملة تتبعتها وكالة «بلومبيرغ» بعد العملة الأوكرانية. وفي السياق ذاته، أنصف العديد من خبراء الاقتصاد في العالم المملكة العربية السعودية فيما يخص انهيار أسعار النفط، وهو الأمر الذي أكدته السعودية مراراً بأن انخفاض أسعار النفط يرجع لعوامل اقتصادية بحتة، ولا يوجد أي أسباب سياسية خلف هذا الهبوط الحاد. وفي مقال للخبير جون كيب أحد أبرز خبراء الاقتصاد في العالم، ويكتب لوكالة «رويترز» للأنباء ونشرته الوكالة على موقعها حمل عنوان «أسعار النفط والدبلوماسية السعودية»، حيث قال: «ألقى النعيمي في المقابلة الصحفية باللوم عن انخفاض أسعار النفط على الركود الاقتصادي العالمي، وارتفاع الإنتاج من خارج أوبك، وانتشار المعلومات المغلوطة والمضاربين. ومن المؤكد أن تلك العوامل قد تقدم تفسيراً مقنعاً لانخفاض أسعار النفط إلى النصف تقريباً منذ يونيو. ولا توجد حاجة لاستدعاء نظرية مؤامرة عن خطة سرية لإلحاق الضرر بإيرانوروسيا لتفسير التاريخ الحديث للأسعار». وأوضح كيب: «يرد بعض أنصار نظرية المؤامرة بالإشارة إلى أن السعودية ربما لا تكون تسببت في تراجع السعر لكنها لم تفعل شيئاً لمنعه. لكن لا يوجد شيء كان يمكن للسعودية عمله لإبقاء الأسعار قرب مستوى مائة دولار للبرميل في الأجل المتوسط». وأضاف: «كما شرح النعيمي فلو خفضت السعودية الإنتاج لشجعت ببساطة على زيادة الإنتاج من منتجين ذوي تكلفة أعلى في الولاياتالمتحدة والبرازيل وأماكن أخرى، ولخسرت المملكة حصة في السوق دون أن تكسب تحسناً مستمراً في السعر، وإذا كان انخفاض أسعار النفط يتيح فائدة دبلوماسية للسعودية والولاياتالمتحدة بتشديد الضغط الاقتصادي على دول معادية مثل إيرانوروسيا وفنزويلا، فتلك فائدة جانبية وليست الهدف الرئيس للسياسة». واستطرد: «كان الرد المنطقي من السعودية على ارتفاع إمدادات المعروض من الغاز الصخري وركود الطلب على النفط الخام هو السماح بانخفاض الأسعار لكبح الاستثمار في الغاز الصخري واستعادة بعض النمو المفقود في الطلب. وحول نظرية المؤامرة أضاف: «والقول بوجود مؤامرة في الأحداث الأخيرة مسألة غير ضرورية وغير مؤكدة على الإطلاق، ولم يشر مؤيدو نظرية «النفط كسلاح دبلوماسي» إلى دليل واحد مباشر. وفي هذه الظروف لا يوجد سبب للشك في تفسيرات وزير البترول السعودي». ووافقت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية رأي جون كيب، حيث رأت الصحيفة في هبوط أسعار النفط عوامل اقتصادية، وأبرزها الطفرة التي تشهدها الولاياتالمتحدة في إنتاج النفط الصخري، وهو ما مكَّن الأمريكيين من الاعتماد على إنتاجهم المحلي بشكل أكبر والاستغناء عن النفط المستورد من الخارج وهو ما أدى بالضرورة إلى تراجع الطلب العالمي على النفط، إذ إن الولاياتالمتحدة هي أكبر مستهلك للنفط في العالم».