جنيف، القاهرة - «الحياة»، أ ف ب، رويترز، أ ب - تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس قراراً يصادق على تقرير غولدستون الذي يتهم إسرائيل وحركة «حماس» بارتكاب جرائم حرب في غزة. ودانت إسرائيل القرار ووصفته ب «الجائر»، فيما رحب الفلسطينيون به، ودعوا مجلس الأمن إلى التحرك لتنفيذ توصياته. وصوتت 25 دولة لمصلحة اعتماد التقرير، وعلى رأسها الدول العربية والأفريقية، فيما عارضته ست دول بينها الولاياتالمتحدة، بينما امتنعت 16 دولة عن التصويت أو لم تصوت مطلقاً. ويدعو القرار إلى المصادقة على «التوصيات التي يتضمنها التقرير» الذي أعدته لجنة برئاسة القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون عن الهجوم الإسرائيلي على غزة. ويطالب القرار «الأطراف المعنية كافة، بما فيها أجهزة الأممالمتحدة، بضمان تطبيق» التوصيات. وكشفت مصادر فرنسية ل «الحياة» في باريس أن الدول التي صوتت ضد التقرير هي الولاياتالمتحدة والمجر وسلوفاكيا وإيطاليا وهولندا، فيما تغيبت عن الجلسة فرنسا وبريطانيا وأنغولا ومدغشقر وقيرغزستان. وبررت المصادر انسحاب فرنسا بأنها «لم تكن راضية (عن القرار) لأن الفلسطينيين لم يأخذوا بتوصيتها بضرورة إدخال تعديلات على نص القرار أو طلب بريطانيا إتاحة مزيد من الوقت لدرس التعديلات». لكن المصادر أشارت إلى أن «فرنسا تعتبر التقرير جدياً، لكنها لا تؤيد الصيغة الإجرائية التي اعتمدت»، مؤكدة أنها «لا تشاطر إسرائيل والولاياتالمتحدة موقفهما من التقرير». وفي سرد للأسباب التي دعت الولاياتالمتحدة إلى الاعتراض على القرار، قال السفير الاميركي في المجلس دوغلاس غريفيث: «عملنا من أجل إصدار قرار يعترف بحق دولة في اتخاذ عمل مشروع لحماية مواطنيها في مواجهة تهديدات لأمنهم، وفي الوقت ذاته يدين انتهاكات القانون الدولي بغض النظر عن الفاعل...وللأسف هذه ليست مواصفات القرار الذي أمامنا». وخلص التقرير الذي نشر الشهر الماضي إلى أن إسرائيل و «حماس»، ارتكبتا «جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية» خلال النزاع. وأوصى بإحالة نتائجه على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إذا لم يجر الجانبان تحقيقات ذات صدقية خلال ستة أشهر. وجاء التصويت أمس بعد يومين من تعرض إسرائيل والفلسطينيين لضغوط دولية خلال نقاش مجلس الأمن حول الشرق الأوسط، من أجل إجراء تحقيقات داخلية «ذات صدقية» في الاتهامات التي تضمنها التقرير. ورحبت السلطة الفلسطينية بقرار مجلس حقوق الإنسان. وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات: «نأمل أن لا يكون قرار مجلس حقوق الإنسان مجرد قرار...ونأمل بمتابعته وفق آليات تنفيذ في مجلس الأمن، وأن يعتمده (المجلس) ضد الجرائم الإسرائيلية لضمان وقف تكرارها»، كما عبر عن أمله في «اعتماد القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة». من جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: «نرحب بهذا القرار المهم ونعتبره انتصاراً للقضية الفلسطينية وعدالتها وللديبلوماسية الفلسطينية...واعترافاً دولياً جديداً بالقضية الفلسطينية وبحقوق شعبنا الثابتة». واعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جبريل الرجوب القرار «إدانة سياسية وقانونية وأخلاقية لإسرائيل وجرائمها، وتتويجاً للجهد الفلسطيني الذي بذلناه ولتضحيات شعبنا في غزة وانتصاراً لإرادة شعبنا». وفي غزة، رحبت «حماس» باعتماد التقرير. وقال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية المُقالة التي تقودها الحركة طاهر النونو إن حكومته «ترحب بالموافقة على التصويت على تقرير غولدستون وتشكر الدول المصوتة لصالح التقرير...وندعو إلى أن يكون التصويت على القرار بداية لمحاكمة قادة الاحتلال». وتعهد التحقيق في توصيات التقرير، لكنه لم يتطرق إلى الاتهامات التي يوجهها إلى حركته. وفي المقابل، انتقدت إسرائيل تبني التقرير. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان إنه «يضر بالجهود لحماية حقوق الإنسان التي تتفق مع القانون الدولي، وكذلك بجهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط». وأضاف أن «هذا القرار يشجع المنظمات الإرهابية في أنحاء العالم ويقوض السلام العالمي». وزعم وزير الداخلية الإسرائيلي ايلي يشائي أن «الجيش تعامل مع (المدنيين) الأبرياء بقفاز من حرير»، خلال الحرب على غزة. وأضاف أن قرار المجلس «مهزلة ديبلوماسية» و «قرار مناهض لإسرائيل». من جهة أخرى، انتقد القاضي ريتشارد غولدستون الذي أصدر التقرير، القرار الذي اعتمده مجلس حقوق الانسان، معتبراً أنه «يستهدف إسرائيل وحدها ولم يتضمن انتقادات لحماس». وقال إن القرار مليء بإشارات إلى «الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة لحقوق الإنسان في القدسالشرقيةالمحتلة»، إلا أنه لا يذكر «حماس». وأضاف أن «مسودة القرار هذه تحزنني لأنها لا تتضمن سوى اتهامات ضد إسرائيل، وليست فيها عبارة واحدة تدين حماس مثلما فعلنا في التقرير». وفي القاهرة، أعربت جامعة الدول العربية عن ترحيبها الشديد بتبني التقرير. وقال مسؤول حقوق الإنسان في الجامعة السفير محمود غالب إن «المجلس انحاز إلى جانب الحق وتفعيل قانون حقوق الانسان على أي اعتبارات سياسية، لأن الأمر يتعلق بارتكاب إسرائيل جرائم حرب لا يمكن السكوت عليها، ولن يقف المجتمع الدولي أمامها صامتاً من دون أن يحرك ساكناً». وشدد على أن «ما ارتكبته اسرائيل من جرائم حرب يجب ألا يفلت مرتكبها من العقاب». ورأى أن «مجلس حقوق الإنسان رد اعتبار الشهداء والضحايا، وقال كلمته ودان اسرائيل بكل وضوح».