كلّف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أمس، وزير الداخلية السابق الحبيب الصيد تشكيل أول حكومة في عهد الجمهورية الثانية. وقال الصيد، في كلمة مقتضبة ألقاها إثر تلقيه رسالة التكليف في القصر الرئاسي: «رئيس الجمهورية كلفني ببدء المشاورات لتكوين أول حكومة في الجمهورية الثانية. وابتداءً من اليوم، نشرع في المشاورات مع الأحزاب والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني، ونحاول قدر المستطاع إنهاء المشاورات في أسرع وقت ممكن»، مشدداً على أن الاستقرار الأمني والاجتماعي سيكونان على رأس أولويات حكومته. وكان السبسي التقى رئيس البرلمان محمد الناصر والأمين العام لحزب «نداء تونس» الطيب البكوش الذي قدم الصيد كمرشح الحزب الأول في البرلمان لتشكيل الحكومة الجديدة. وقال الناصر بعد الاجتماع مع الرئيس، إن الصيد «شخصية مستقلة» وصاحب «كفاءة وخبرة»، بخاصة في المجال الأمني، مذكراً بأنه عمل في «حكومة الثورة». وتولى الصيد، وهو مستقل لا ينتمي تنظيمياً إلى أي حزب، مناصب حكومية عدة في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، أبرزها رئيس ديوان وزير الداخلية، قبل أن يتولى وزارة الداخلية بعد الانتفاضة الشعبية التي أنهت حكم بن علي، وبعدها أصبح مستشاراً للشؤون الأمنية لدى رئيس الوزراء السابق حمادي الجبالي. ومن المتوقع أن يحظى الصيد (65 سنة) بدعم كتلتَي «نداء تونس» وحركة «النهضة» الإسلامية في البرلمان، إضافة إلى كتلتي «آفاق تونس» و «الاتحاد الوطني الحر». واعتبر رئيس كتلة «النهضة» النيابية ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، أن «الحبيب الصيد شخصية تحظى بالاحترام وأن تونس تحتاج في المرحلة المقبلة إلى حكومة وحدة وطنية واسعة». وعلى رغم أن «النهضة» لم تقرر بعد دعم الرئيس المكلّف، إلا أن الناطق باسمها زياد العذاري عبّر في تصريحات إعلامية عن الاستعداد «للتعاون مع الحبيب الصيد وسنحدد موقفنا النهائي من الحكومة بعد الإعلان عن تركيبتها وبرنامجها». وقال العذاري إن الصيد «عمل معنا (حكومة النهضة) ومع حكومة الباجي قائد السبسي (بعد الثورة) ومع الحكومات التي كانت قبلنا. ولطالما كان في خدمة الدولة التونسية». كما يتمتع رئيس الوزراء المكلّف بدعم السبسي الذي عمل معه وزيراً للداخلية في الحكومة الانتقالية عام 2011، فيما يواجه انتقادات كبيرة من قوى اليسار والناشطين الذين يعتبرون أن فترة توليه الحكومة شهدت قمعاً شديداً للتظاهرات واعتداءات ضد النشطاء والإعلاميين. ويُتوقَّع أن لا يشارك كل من «الجبهة الشعبية» اليسارية والقوميين في الحكومة المقبلة، على اعتبار أن الرئيس المكلَّف كان وزيراً في حكومة «النهضة» التي يرفضون وجودها في التشكيلة الحكومية المقبلة. وقال الناطق باسم «الجبهة الشعبية» حمة الهمامي، إن «تعيين رئيس حكومة مستقل من خارج الحزب الأول في البرلمان يعني أن هذا الحزب لا يريد تحمل مسؤولية الحكم». في غضون ذلك تمكنت الوحدات الأمنية مساء أول من أمس، من اعتقال «العنصر التكفيري حسام بن زيد» المتهم بقتل عنصر الأمن محمد علي الشرعبي (24 سنة) وهو في طريقه إلى منزله في ساعة متأخرة ليل السبت- الأحد، في محافظة زغوان (تبعد 70 كلم عن العاصمة التونسية). وأثارت هذه العملية غضب رجال الأمن الذين طالبوا بحمل سلاحهم خارج أوقات العمل لحماية أنفسهم.