أكد خبراء مال أن المصارف العربية زادت مخصصات خسائر القروض خلال هذه السنة، إلى مستويات كبيرة تجاوزت معدل النمو السنوي ونسبته 100 في المئة خلال السنوات الأربع الماضية. وأفادت دراسة أصدرتها مجموعة «بوسطن الاستشارية» على هامش «مؤتمر آفاق قطاع المصارف في الشرق الأوسط» الذي انطلق في دبي أمس، بأن إجمالي مخصصات القروض المتعثرة في اكبر 25 مصرفاً في المنطقة، خلال النصف الأول من السنة الحالية تجاوز 7 بلايين دولار. وأشار خبراء خلال المؤتمر، إلى أن الأزمة المالية العالمية، انعكست سلباً على المصارف العربية، جرّاء تعثر مؤسسات وزبائن عن تسديد القروض، بخاصةٍ في ما يتعلق بالقطاع العقاري، الذي يعتبر من اكثر القطاعات تأثراً بنقص السيولة والركود الذي أصاب الاقتصاد العالمي. وتوقع الشريك الرئيس والمدير الإداري لمكتب مجموعة «بوسطن الاستشارية» في دبي رينولد ليشتفوس، أن يبقى مستوى مخصصات تغطية خسائر القروض مرتفعاً خلال الأشهر القليلة الباقية من السنة، بسبب تأثير أزمة المال في الاقتصاد الحقيقي، سواء في قطاع الشركات أم في القطاع الشخصي. لكنه، أشار إلى أن هذا المبلغ «يبدو قليلاً مقارنة مع دول غربية مثل المملكة المتحدة، التي تقدر أن نظامها المصرفي في حاجة إلى تجميد 130 بليون جنيه إسترليني من هذه المخصصات». وعلى رغم تأكيد خبراء أن المصارف العربية تأثرت سلباً خلال الشهور الماضية، غير أن محافظ مركز دبي المالي العالمي ونائب رئيس مجلس إدارة مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي عمر بن سليمان، أشار إلى أن قطاع المصارف في المنطقة «يتهيأ للنمو مجدداً إثر نجاحه في اجتياز الأزمة العالمية بسلام، مستفيداً من الإصلاحات الواسعة التي شهدتها الأسواق الإقليمية والتغيرات الهيكلية العالمية التي منحت المنطقة أفضلية على غيرها». وقال بن سليمان في كلمته الافتتاحية أمام المؤتمر، انه «في وقت تعاني الأنظمة المالية العالمية أزمة خانقة، نجحت الأسواق والحكومات والجهات التنظيمية والمؤسسات في الشرق الأوسط، في التعامل مع الأزمة بمستوى عال من المهنية والكفاءة، حين نسقت جهودها لتمكّن المنطقة من اجتياز الاختبار الأصعب على الإطلاق لأنظمتها وهيكلياتها المالية والاقتصادية. وعززت هذه التجربة قدرة المنطقة على وضع سياسات أكثر تطوراً وإيجاد أدوات أكثر فاعلية للسياسات النقدية». وخاطب محافظ مركز دبي المالي العالمي مجموعة كبيرة من الرؤساء التنفيذيين وكبار الاقتصاديين وخبراء الهيئات التنظيمية المشاركين في المؤتمر قائلاً: «نحن الآن في موقع يؤهلنا لأن نعلن بثقة كبيرة أن المنطقة نجحت في اجتياز أسوأ مراحل الأزمة من دون أن تعاني أنظمتها المالية والمصرفية من أخطار كبيرة. ما يُعدُّ إنجازاً مهماً ومؤشراً إيجابياً يبشر بمستقبل مشرق لقطاعها المالي». ولاحظت «مجموعة بوسطن» نمو العائدات لدى عشرين مصرفاً عربياً خلال الأشهر الماضية، بينما تراجع نمو الأرباح في 17 مصرفاً، وتمكنت ثمانية أخرى من زيادة أرباحها. أما المصارف التي تمتلك فروعاً للعمليات المصرفية الشخصية والخاصة بالشركات، فنمت عائدات أربعة مصارف منها، وتكبدت ثمانية خسائر. ونمت عائدات سبعة مصارف من الخدمات المصرفية الخاصة بالشركات، وتراجعت ثلاثة منها. ويظهر تحليل مقطعي للمصارف في دول مجلس التعاون الخليجي أن عائدات الخدمات المصرفية الشخصية عانت من ركود في النصف الأول من 2009، في حين انخفضت أرباح الخدمات المصرفية الشخصية انخفاضاً أقل من إجمالي الأرباح المصرفية. وأشار التقرير إلى أن الخدمات المصرفية الشخصية شكلت عامل استقرار، في تطور إيرادات مصارف الشرق الأوسط وأرباحها، كما الحال في كل أنحاء العالم. لكنه لفت إلى أن عائدات المصارف الدولية وأرباحها انخفضت انخفاضاً طفيفاً مع انتهاء النصف الأول من 2009 قياساً إلى مصارف الشرق الأوسط، واستمرت الأرباح في التراجع إلى ما دون النصف مقارنة بما كانت عليه عام 2005. ولا تزال مصارف الشرق الأوسط أقل تأثراً بالأزمة المالية، على رغم حدوث حالات تخلف عن تسديد ديونها هذه السنة. وأكدت دراسة أصدرتها شركة «أتش سي للأوراق المالية والاستثمار»، ارتفاع معدلات مخصصات القروض في المصارف الإماراتية خلال الربع الثاني من السنة الحالية متأثرة بظروف البيئة الاقتصادية الصعبة. وأشارت إلى أن القروض المتعثرة في الإمارات، سجلت ارتفاعاً في المحفظة المصرفية في ظل وجود علامات تدهور في سجلات تجارية. وأفاد التقرير بأنّ متوسط معدل القروض المتعثرة في الدولة، ارتفع 1,1 في المئة خلال الربع الثاني من السنة مقارنةً مع 0,8 في المئة خلال الربع الأول. وأكد أن ارتفاع صافي دخل المصارف من الفائدة، ساهم إلى حد كبير في دعم الأرباح خلال الربع الثاني، ما قد يدعم بدوره معدلات الربحية لدى المصارف، إضافةً إلى أن نمو حجم القروض في الإمارات، بنحو 2,7 في المئة على أساس فصلي، يعود إلى دعم الحكومة والهيئات الأخرى ذات الصلة.