تنفي موسكو في شكل قاطع أن تكون توصلت مع الأميركيين إلى أي صفقات تربط ملفات الأمن الاستراتيجي بتسليح إيران. لكن هذا الملف ظل لسنوات معروضاً على طاولة البحث في كل اللقاءات الروسية الأميركية.وكتب خبير عسكري روسي أخيراً مقالة أشار فيها إلى أن موسكو كانت تعرف أن الولاياتالمتحدة ستطلب التخلي عن تزويد إيران بمنظومات «س 300» الصاروخية المضادة للجو، أو على الأقل تأجيل ذلك، بمثابة خطوة مقابل تخلي الجانب الأميركي عن نشر منظومة الدفاع المضاد للصواريخ (الدرع الصاروخية) في بولندا وتشيكيا. وعزا الكاتب إلى مصدر ديبلوماسي قوله ان «ميدفيديف واوباما جاهزان لتبادل «الهدايا» - يتخلى الأميركيون عن نشر الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا، التي كانوا يعتزمون التخلي عنها أصلاً، ونحن، رداً على ذلك، نؤجل توريد منظومات «س 300»، التي لم نكن على عجل أيضاً لتصديرها». ومعلوم أن روسيا وقعت عقد تزويد إيران بمنظومات «س 300» في عام 2005، رداً على انسحاب الولاياتالمتحدة في عام 2003 من المعاهدة السوفياتية - الأميركية للدفاع المضاد للصواريخ لعام 1972. ولم يجر منذ ذلك الحين وحتى الوقت الحاضر تصدير هذه المنظومات. وقال خبير عسكري روسي ل «الحياة» إن موسكو «لم تنظر في أي لحظة بجدية لمسألة تصدير هذه التقنيات إلى إيران» بعبارة أخرى «هذه الصفقة كان ينظر إليها دائماً باعتبار أنها لن تتم أبداً». وأوضح الخبير أن تصدير «س 300» إلى طهران كان سيعني منح الإيرانيين قدرة كبيرة جداً على المناورة وإطالة أمد المفاوضات حول البرنامج النووي مع التقدم في تطويره والشعور أنهم بمنأى عن أي هجوم على منشآتهم. ويكفي القول إن هذه المنظومة فائقة التقدم وهي كافية للتصدي لهجوم تشنه 70 إلى 80 طائرة حربية معاً. وقال فلاديمير يفسييف، وهو محلل مركز الأمن العالمي في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن «تحويل «س 300» من قطعة حديد على عجلات إلى قطعة حربية حقاً، يحتاج إلى اختصاصيين، وإعدادهم يستغرق ما لا يقل عن سنة». ومن غير الواضح في نفس الوقت، كما أضاف يفسييف، من أين ستأتي روسيا بالعدد الكافي من منظومات «س 300» الضرورية لتجهيز إيران. وذكر الخبير بأن «النظام سحب من الإنتاج في عام 2004. ويتحول الدفاع الجوي الروسي في الوقت الحاضر بنشاط إلى نظام «س 400». وبالتالي يتعين توفير منظومات «س 300» لإيران، إما بسحبها من المجموعات القتالية، أو بشرائها من البلدان الأخرى، التي تتسلح بها، وعلى سبيل المثال بيللاروسيا. إن تأجيل توريد «س 300» لإيران، أو إلغاء هذه الصفقة نهائياً كما يتوقع البعض، يتيح للرئيسين الروسي والأميركي مواصلة نهج «تجديد تشغيل آلية العلاقات الثنائية»، الذي تم الاتفاق عليه خلال لقاء دميتري ميدفيديف وباراك اوباما. وربما بات بوسع الرئيسين تقديم مقايضة الدرع الصاروخية بنظام «س 300» للأوساط الاجتماعية في بلديهما بمثابة أول نتيجة ملموسة للسياسة الجديدة، خصوصاً بعدما ظهر الموقف الروسي خلال اجتماعات جنيف حول الملف النووي الإيراني «مختلفاً ويحمل نبرة جديدة» كما وصفه معلقون في موسكو.