كشفت دورة الألعاب الآسيوية ال17 التي أقيمت أخيراً في مدينة أينشيون الكورية الجنوبية بشكل واضح عن ضعف نتائج المنتخبات الرياضية العربية وتراجعها المطرد على رغم المشاركة الكبيرة، وبالتالي العجز الرياضي العربي على الصعيد القاري أولاً، ثم على الصعيد الدولي ثانياً. وشهدت الدورة التي أقيمت من ال19 أيلول (سبتمبر) إلى الرابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضيين، تسجيل ست حالات منشطات، منها رياضيان عربيان، هما العراقي جاسم محمود عبود (أثقال وزن فوق 105 كيلوغرامات) والسوري نور الدين الكردي (كاراتيه وزن دون 75 كيلوغراماً)، بينما شارك في «الأولمبياد الآسيوي» الذي يشكل التظاهرة الرياضية الثانية في العالم من حيث الأهمية بعد دورة الألعاب الأولمبية، بل يفوقها من حيث حجم المشاركة، 1299 رياضياً عربياً من الجنسين يمثلون 12 دولة من الشطر الآسيوي للعالم العربي، حصلوا على 66 ميدالية (27 ذهبية و17 فضية و22 برونزية)، أي بمعدل ميدالية متنوعة لكل 20 رياضياً. في المقابل، شاركت الصين ب894 رياضياً ورياضية، وتصدرت قائمة الميداليات بمجموع 343 ميدالية (151 ذهبية و109 فضيات و83 برونزية)، أي معدل ميدالية لكل أقل من ثلاثة رياضيين، وعلى النسق ذاته حلت كوريا الجنوبية (الدولة المنظمة) ثانية بمجموع 234 ميدالية (79 ذهبية و71 فضية و84 برونزية)، إذا ما وزعت على 833 رياضياً سيحصل كل 3.5 رياضيين على ميدالية، واليابان جاءت ثالثة بمجموع 199 ميدالية (47 ذهبية و76 فضية و76 برونزية) حصدها 718 رياضياً أي ميدالية لكل 3.6 رياضيين. والأمر ذاته ينسحب على الشطر العربي في أفريقيا على رغم أن دورة الألعاب الأفريقية لا تحظى بالاهتمام ذاته، نظراً إلى مشاركة الدول بالصف الثاني في الرياضات كافة لاسيما في ألعاب القوى، علماً بأن القارة السمراء هي مصنعة ومصدرة الأبطال إلى العالم في مختلف الألعاب. وتكشف مقارنة بسيطة بين الغلة العربية مجتمعة في الدورة الآسيوية وحصاد أي من الدول الثلاث فوارق كبيرة على الصعيد الرياضي بكليته، فالعرب «ملحقون» في كل شيء، والدول الأخرى «سيدة نفسها» في كل شيء بدءاً من التفكير الرياضي والاهتمام والإعداد الفني والإداري المنظم. وإذا كان للتراجع الصيني مبرراته وأسبابه الخاصة مقارنة مع الدورة السابقة التي استضافتها قبل أربعة أعوام في غوانغزو، فلا عذر للعرب في ظل تبوء عربي «محبوب ومتفان» في خدمة الرياضة الآسيوية باعتراف المشاركين كافة على أعلى المستويات، فمنصب رئيس المجلس الأولمبي يشغله الكويتي الشيخ أحمد الفهد. وكالعادة، أعدت الدول العربية العدة لهذه الدورة ودفعت بوفود رياضية كبيرة نسبياً، لكن الحصيلة لم تأت على قدر التوقعات بالنسبة إلى معظمها، إذ جاءت قطروالبحرين استثناء (66 ميدالية في مقابل 69 في غوانغجو)، وحفظ العرب شيئاً من الألعاب وغابت عنهم أشياء، فتوّج بعض رياضييهم على أعلى الدرجات في ألعاب القوى والرماية والفروسية، إضافة إلى بعض الفضة والبرونز في الألعاب القتالية، لكنهم غابوا تماماً عن منصات السباحة. وفي الألعاب الجماعية، غابت الإمارات وصيفة بطل مسابقة كرة القدم، وبرزت قطروالبحرين في كرة اليد (ذهبية وبرونزية) والعراق في كرة القدم (برونزية)، وتقدمت قطر من المركز ال18 في دورة غوانغزو الصينية عام 2010 (4 ذهبيات و5 فضيات و7 برونزيات) إلى المركز ال9 في أينشيون (10 ذهبيات و4 برونزيات) فكانت قفزتها كبيرة، إذ كسبت قطر الرهان، بعدما وضعت اللجنة الأولمبية القطرية هدفاً بإحراز 10 ذهبيات ونجحت في ما سعت إليه. من جانبها، انتقلت البحرين من المركز ال14 (5 ذهبيات و4 برونزيات) قبل أربعة أعوام إلى ال13 مع غلة أوفر كثيراً (9 ذهبيات و6 فضيات و4 برونزيات)، إذ وعدت البحرين بمفاجأة في «الأسياد» فتحققت المفاجأة، فجاءت ميدالياتها كافة في ألعاب القوى عبر رياضيين من أصول أفريقية باستثناء برونزية منتخب اليد، ما أثار جدلاً عن التجنيس والمجنسين، لكن المجلس الأولمبي كان حاسماً بتأكيده أن الشروط مستوفاة وأن هذا الموضوع سار في العالم أجمع. وكانت السعودية التي لا تعتمد التجنيس أكبر الخاسرين، فتراجعت من المركز ال13 (5 ذهبيات و3 فضيات و5 برونزيات) إلى المركز ال 20 (3 ذهبيات و3 فضيات وبرونزية واحدة)، بينما لم يكن حصاد الأردنيين جيداً في الألعاب القتالية (جودو وكاراتيه وملاكمة وتايكواندو) كما فعلوا في الصين (ذهبيتان وفضيتان وبرونزيتان)، فتراجعت الغلة (فضيتان وبرونزيتان). في جانب آخر، حققت سورية المشغولة في حربها انتصاراً سياسياً من خلال مشاركتها في الدورة الآسيوية الماضية، وفك عزلتها على حد قول رئيس الاتحاد الرياضي العام واللجنة الأولمبية السورية اللواء موفق جمعة، فهي لم تحقق أي انتصار على صعيد النتائج وخرجت من الدورة خالية الوفاض من دون أية ميدالية للمرة الأولى في تاريخ مشاركاتها (ذهبية وبرونزية في غوانغزو)، فيما غابت عُمان واليمن وفلسطين عن لائحة الميداليات، وهي غالباً ما تكون كذلك، فيما خسر لبنان (فضية وبرونزية) المشغول بدوره في وضع غير مستقر برونزية من غلة غوانغزو، وأيضاً تراجعت الكويت من المركز ال17 (4 ذهبيات و6 فضيات وبرونزية واحدة) إلى المركز ال19 بغلة أفضل عدداً وأقل قيمة (3 ذهبيات و5 فضيات و4 برونزيات)، وهي تدين في إحراز الذهبيات للرامي عبدالله الرشيدي (السكيت) وعبدالله المزين لاعب السكواش وراشد المطيري (كاراتيه). وتقدم العراق قليلاً على اللائحة بفضل حسن الطالع الذي خدم العداء عدنان طعيس في سباق 800 متر باستبعاد الثلاثة الأوائل السعودي محمد لادن والقطري مصعب بلة والبحريني إبراهام كيبتشيرتشير روتيتش، وكان نفسه أحرز بجهده الخاص برونزية 1500 متر، بينما خطت الأمارات أيضاً خطوة إلى الأمام، لكن بفضل المجنسة علياء سعيد التي أحرزت لها الذهبية الوحيدة في سباق 10 آلاف متر.