لا أعلم من أين أبدأ وأنا أسرد معاناتي، من الديون التي كبلتني، أم من أبناء أراهم يذبلون من الانكسار والحزن والحاجة، أم من زوجة اشتقت كثيراً إلى ابتسامة أشاهدها على محياها. الحقيقة أنني أعطف كثيراً على أسرتي من قلة حيلتي، وعندما أخلو بنفسي أجد أنني من يستحق العطف. بعد محاولات يائسة لسنوات طويلة، ها أنا أعلن الاستسلام وأقف مكتوف الأيدي عاجزاً عن تلبية أبسط متطلبات الحياة لأبنائي. لا أدري ما أعمل وكيف أعيش الحاضر أو أنظر إلى المستقبل والديون تحيط بي من كل صوب وتؤثر سلباً في جميع نواحي حياتي الخاصة أو العامة. هجرت المناسبات العامة وفارقت الأصدقاء، وكل ذلك بسبب هذه الديون التي أصبحت أسيراً لها. راتبي يبلغ نحو ستة آلاف ريال، ولكن في مقابل ذلك يخصم من راتبي 1700 ريال قسط سيارة أتلفت بالكامل بعد أن وقعت لي حادثة مرورية كادت تودي بحياتي وتعرضت لكسر في الترقوة وفي الرجل، وما زال مصرف الراجحي يستقطع هذا المبلغ، وتبقى من هذا القسط المجموع بالكامل مبلغ وقدره 100662 ريال لمدة 57 شهراً. وعليه اضطررت إلى شراء سيارة أخرى ويحسم من راتبي 1700 ريال لمدة 48 شهراً وبعدها أنا مطالب بسداد الدفعة الأخيرة وتبلغ 24 ألف ريال، إضافة إلى نحو 900 ريال هي أقساط لمدة 50 شهراً قيمة أثاث منزلي، ناهيك عن قسط البنك السعودي للتسليف 400 ريال. لاحظوا أنني علاوة على ما سلف أدفع 1250 ريالاً قيمة إيجار الشقة، فأنا لا أملك أرضاً أبني عليها منزل المستقبل، الذي بات مستحيلاً بالنسبة إليّ. لا أطلب الكثير، فقط منزلاً يؤويني وأسرتي بدلاً من الشقق المستأجرة، التي أصبحت كابوساً ترافقني مدى حياتي كلها. ترى ما مصير زوجتي وصغاري فيما لو مت؟! أجزم أن الشارع هو مصيرهم، فلا منزل ولا أرض ولا حتى تحويشة يستطيعون من خلالها الوقوف على أرجلهم ولو لأسبوع واحد. كل ما قاسيته وأقاسيه أثر على حالتي النفسية، إذ أرهقني هم الدين إضافة إلى متطلبات الأسرة مع فواتير الخدمات العامة بأنواعها وغيرها من الكثير التي تستحق مع مطلع كل شهر وأصبح راتبي لا يفي بأي شيء، ووصل الأمر إلى المساس باستقرار أسرتي، وبت خائفاً أكثر من أي وقت مضى على مستقبل أطفال لا حول لهم ولا قوة، وأصغرهم رضيع لا أجد أحياناً ما أسد به رمقه. أما في ما يتعلق بمتطلبات الأعياد، فمنذ سنوات نسيتُ وأسرتي المعوزة الفرح بها أو الاستمتاع مثل غيرنا، بل على العكس تماماً إذ نقضيها في المنزل وأنا أتأسى على ما وصلتُ إليه من عجز يقتلني كل يوم.