تتمتع الكرة اللاتينية ونجومها دائماً بسحر خاص، حيث حمل العام 2014 العديد من الوجوه المختلفة لفرقها ومنتخباتها ونجومها، فتارة تحقيق النجاح والاقتراب من المجد، وتارة أخرى الإخفاق وتخييب الآمال. أهم الأنباء السارة التي زفها العام للكرة اللاتينية كان نجاح البرازيل في تنظيم مونديال 2014 بصورة ناجحة للغاية، وعدم تكرار المشكلات التي وقعت في كأس القارات من مظاهرات ومشاكل أمنية، لكنه انتهى بكابوس خسارة أصحاب الأرض في شكل مهين. لكن لم يكن الكابوس الأسوأ بالنسبة للكرة اللاتينية خلال 2014 هو كون ألمانيا أول منتخب أوروبي يُتوّج بلقب كأس العالم في هذا الجزء من العالم، بل نجاحه في تحقيق اللقب على حساب قطبي الكرة في أمريكا الجنوبية: البرازيل، والأرجنتين. الهزيمة القاسية ل«راقصي السامبا» في نصف نهائي المونديال من ال«مانشافت» بنتيجة (7-1) ستظل عاراً يصعب محوه، ومن بعده أيضاً الفشل حتى في ترضية الجمهور في مواجهة المركز الثالث بالخسارة من هولندا بثلاثية نظيفة، كما أن مرارة خسارة النهائي في الوقت الإضافي بهدف ماريو غوتزه ستظل تؤرق عشاق «راقصي التانجو» لفترة ليست بالقليلة. على عكس «الكبار»، نجحت فرق يُنظر لها دائماً على أساس أنها «مُستضعفة» في أميركا اللاتينية، في تحقيق نتائج مبهرة، بل وقدمت أيضاً أداء مميزاً للغاية، مثل تشيليوكوستاريكاوكولومبياوالمكسيك. الأولى على سبيل المثال أبهرت في المونديال حيث فازت على أستراليا وإسبانيا وهُزمت من هولندا بعد أداء هجومي راق، وخرجت أمام البرازيل في ثُمن النهائي بعد أن أذاقتها الأمرين في مباراة انتهى وقتها الأصلي والإضافي بالتعادل بهدف لمثله ليتم الاحتكام لركلات الترجيح. ونجحت كولومبيا من جانبها في الوصول إلى ربع نهائي المونديال لأول مرة في تاريخها، وقدمت مستوى متميزاً للغاية بدون نجمها الأول راداميل فالكاو الذي كان مصاباً حينها، قبل خروجها على يد البرازيل. المكسيك بالمثل كانت رائعة تحت قيادة ميغيل اريرا ونجحت في احتلال وصافة المجموعة خلف البرازيل، وخرجت بصورة درامية من ثُمن نهائي المونديال أمام هولندا، عقب أن ظلت متقدمة حتى الدقائق الأخيرة. ومثّلت كوستاريكا أكبر مفاجآت 2014 حيث تمكنت وبجدارة من تصدر «مجموعة الموت» التي ضمت أوروغواي وإيطاليا وإنكلترا وخرجت من ربع النهائي بركلات الترجيح أمام ال«طواحين». وعلى صعيد الأندية اللاتينية كان للكرة وجهان أيضاً، حيث كان سان لورنزو الأرجنتيني على بعد خطوة من المجد عقب تأهله لنهائي مونديال الأندية، ولكنه خسر من ريال مدريد الإسباني بهدفين نظيفين بعد شوط أول مشرّف، فيما كانت تجربة كروز أول المكسيكي الذي وصل لنصف نهائي البطولة أكثر قسوة حيث اكتسحه النادي الملكي برباعية. على الصعيد الفردي وبالنسبة للاعبين في 2014 يختلف الأمر قليلاً، حيث قدم نجوم الكرة اللاتينية أداء جيداً في أوروبا والبطولات الدولية، فالأرجنتيني ليونيل ميسي نجح في كسر رقم الإسباني راؤول غونزاليس ليصبح الهداف التاريخي لدوري الأبطال ب75 هدفاً. وتمكن «البرغوث» أيضاً من كسر رقم تيلمو زارا الذي ظل قائما لأعوام، ليصبح ميسي الهداف التاريخي لليغا ب258 هدفاً، كما أنه حصل على جائزة أفضل لاعب في المونديال، على الرغم من الجدل المُثار حولها، بخلاف ترشحه أيضاً في القائمة النهائية لجائزة الكرة الذهبية بجانب الألماني مانويل نوير، نجم بايرن ميونيخ، والبرتغالي كريستيانو رونالدو، أيقونة ريال مدريد. وكان من ضمن نجوم الكرة اللاتينية في 2014، الكولومبي جيمس رودريغز هداف مونديال البرازيل، والذي قام بخطوة كبرى في مسيرته بالانتقال من موناكو الفرنسي إلى ريال مدريد الإسباني مقابل 80 مليون يورو، ويقدم معه أداء ثابتاً ومتميزاً. ولا يمكن نسيان المستوى الرائع للأرجنتيني أنخل دي ماريا مع الريال في النصف الأول من هذا العام، بنهاية الموسم الماضي، والدور الكبير الذي لعبه في تتويج النادي الملكي بكأس الملك ودوري الأبطال الأوروبي. صحيح أنه خلال النصف الثاني من العام انتقل لمانشستر يونايتد الإنجليزي كأغلى صفقة في تاريخ ال«بريميير»، ولكنه حتى الآن لم يقدم كل ما عنده بسبب الإصابات التي تعرّض لها. البرازيلي نيمار هو الآخر قدم عاماً مميزاً، فعلى الرغم من أنه لم يبرق كثيراً في نصفه الأول خلال الموسم الماضي، ولكنه خلال نصفه الثاني هذا الموسم يسير بخطى ثابتة حيث سجل 13 هدفاً في الليغا، وصنع ثلاثة، وأحرز ثلاثة أهداف في دوري الأبطال. ولم ييأس أليكسيس سانشيز بعد رحيله عن برشلونة الإسباني في موسم الانتقالات الصيفية نحو أرسنال الإنجليزي حيث أصبح بمثابة «الفتى المنقذ» لل«مدفعجية»، حيث سجل معهم في الدوري الإنكليزي هذا العام تسعة أهداف وصنع خمسة. وشهد العام 2014 نقلة نوعية في مسيرة عدد كبير من اللاعبين المنتمين للكرة اللاتينية، مثل الحارس الكوستاريكي كيلور نافاس الذي ساهم مستواه المميز خلال الموسم الماضي وبالمونديال في انتقاله لريال مدريد، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على التشيلي كلاوديو برافو الذي ذهب لبرشلونة. وكان العام ظالماً في شكل كبير مع الحارس المكسيكي غييرمو أوتشوا الذي كان أكثر المتألقين في منتخب ال«تري كلور» خلال المونديال، حيث أنه انتقل لمالاغا الإسباني وأصبح صديقاً لدكة البدلاء بصورة دائمة. ورفض الحظ بالمثل الابتسام للكولومبي راداميل فالكاو الذي غاب عن الملاعب منذ بداية العام بسبب إصابة الرباط الصليبي التي حرمته من خوض المونديال، وحتى حينما انتقل لمانشستر يونايتد الإنكليزي وبعد تعافيه تعرض لإصابة أخرى حرمته من التألق مع ال«شياطين الحمر».