أنقرة - رويترز - تذكي المخاوف بشأن اقتصاد تركيا الضعيف التكهنات بأن رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان قد يدعو الى إجراء انتخابات مبكرة عام 2010 آملا بالفوز بأغلبية مطلقة للمرة الثالثة وتجنب المجازفة بحكم ائتلافي. والسؤال الأساسي هو ما اذا كان حزب العدالة والتنمية الحاكم يستطيع حشد دعم كاف يسمح لأردوغان بإعطاء دفعة لمسعاه الإصلاحي دون شريك في الحكم في البلاد التي اتسم تاريخ الحكومات الائتلافية بها بانعدام الاستقرار والصراعات الداخلية. وليس من المقرر أن تجري تركيا -المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي ويحكمها حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية منذ شكل حكومة حزب واحد عام 2002- انتخابات برلمانية قبل يوليو تموز 2011 . لكن التوقعات تزايدت بأن اردوغان قد يدعو الى انتخابات مبكرة في ربيع او خريف العام القادم ويتوقف هذا على وتيرة التعافي من كساد عميق. ولا يزال من المتوقع أن يفوز حزب العدالة والتنمية صاحب اكثر حكومة استقرارا تشهدها تركيا خلال عقود بعدد من الأصوات اكبر من اي من منافسيه. وكتب وولفغانغ بيكولي من مجموعة يوراسيا لاستشارات المخاطر السياسية في مذكرة بحثية "سيوفر تعاف سريع ومحكم أفضل فرصة لحزب العدالة والتنمية ليدعو الى انتخابات برلمانية مبكرة لمفاجأة المعارضة على حين غرة." اردوغان الذي يحتفظ بخططه سرا لم يناقش علنا احتمال إجراء انتخابات مبكرة لكن مؤتمرا لحزب العدالة والتنمية عقد يوم السبت وعين خلاله المندوبون مجلسا تنفيذيا جديدا غذى الشائعات بأن هناك انتخابات مبكرة تلوح في الأفق. وقال نور الدين جانيكلي نائب رئيس كتلة حزب العدالة والتنمية البرلمانية لرويترز "لم يبحث أحد في الحزب او يناقش القضية حتى الآن قط لكن اذا تم طرح إجراء انتخابات مبكرة فسنضع خططنا على هذا الأساس." وفي ظل ارتفاع معدل البطالة الى مستوى قياسي بلغ 13 في المئة والتوقعات بانكماش الاقتصاد بنسبة ستة في المئة عام 2009 نتيجة لآثار الأزمة المالية العالمية يمثل الاقتصاد مثار قلق كبير لحزب العدالة والتنمية عندما يقوم بحساباته السياسية. وتشير توقعات حكومية الى أنه من المنتظر أن يعود الاقتصاد التركي الذي نما بنحو سبعة في المئة بين عامي 2002 و2007 الى النمو عام 2010 وأن يتسارع نموه عام 2011. ويضغط انخفاض الايرادات على الحكومة لتشديد السياسة المالية وكبح جماح الإنفاق في مرحلة ما. وكانت محادثات مطولة بين تركيا وصندوق النقد الدولي حول اتفاق بشأن قرض لمساعدة تركيا في احتياجاتها المالية قد شهدت خلافات بشأن سياسات الإنفاق التي تنتهجها الحكومة. ويقول سنان اولجين رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية وهو مركز بحثي يتخذ من اسطنبول مقرا له "بدأت شعبية حزب العدالة والتنمية تتراجع في ظل الأزمة الاقتصادية لذلك ستكون الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة منطقية." وفاز حزب العدالة والتنمية بنسبة 47 في المئة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية عام 2007 لكنه شهد تراجع الدعم له الى 39 في المئة في انتخابات بلدية جرت في مارس آذار حيث عاقب الناخبون الحكومة بسبب ارتفاع معدل البطالة وتعاملها مع الأزمة الاقتصادية. ويرى محللون احتمالات ضئيلة جدا لأن يحصل اردوغان على نسبة تضاهي نسبة 47 في المئة التي حصل عليها حزبه من قبل سواء في عام 2010 او 2011. وقال اولجين إن أحد المخاطر الأخرى التي قد يواجهها حزب العدالة والتنمية هي اعتزام حزبين صغيرين الاندماج لتشكيل ائتلاف جديد ينتمي لتيار يمين الوسط لأن من الممكن أن يحصل هذا الائتلاف على ما يكفي من أصوات المحافظين التي تذهب الى حزب العدالة والتنمية عادة ليفوز بنسبة العشرة في المئة اللازمة لدخول البرلمان. وفي حين لا يزال حزب المعارضة العلماني الرئيسي وهو حزب الشعب الجمهوري ضعيفا فإن دخول حزب جديد الى البرلمان يمكن أن يصعب على حزب العدالة والتنمية الاحتفاظ بنسبة الاربعين في المئة من الأصوات التي يحتاجها ليحكم دون شريك ائتلافي. وفي عهد حزب العدالة والتنمية بدأت تركيا محادثات للانضمام الى عضوية الاتحاد الأوروبي وحققت استقرارا اقتصاديا لم يسبق له مثيل حيث استقطبت تدفقات قياسية من الاستثمارات الأجنبية. واذا عادت الحكومات الائتلافية غير المستقرة التي شهدتها العقود السابقة فلن تستقبلها الاسواق استقبالا جيدا. وقال بيكولي "اذا أحرز حزب العدالة والتنمية أقل من 40 في المئة سيكون الوضع مختلفا تماما في تركيا. الحكومات الائتلافية بتركيا بطبيعة الحال لا تستمر لاكثر من عامين والانضباط المالي يذهب أدراج الرياح والإصلاحات لا تنفذ." ويزيد من فرص اجراء انتخابات مبكرة ايضا عداء أحزاب المعارضة الرئيسية لخطط الحكومة لتوسيع نطاق حقوق الأقلية الكردية للمساعدة في إنهاء صراع مسلح مستمر منذ 25 عاما فضلا عن إصلاحات أخرى يطالب بها الاتحاد الأوروبي مثل وضع دستور جديد. لكن نهاد علي اوزجان من مؤسسة الاقتصاد والأبحاث بتركيا وهي مؤسسة بحثية يرى أن الحكومة قد تنتظر حتى عام 2012 نظرا للتعافي الضعيف. وقال اوزجان "الموقف الحالي لا يبدو جيدا جدا بالنسبة لحكومة تحاول اتخاذ قرار بإجراء انتخابات مبكرة... من المستحيل على حزب العدالة والتنمية الحصول على 47 في المئة من الأصوات مجددا الا اذا ازدادت التوترات. توجد عملية تآكل طبيعية." ومن الممكن أن تنشط حكومة أضعف لحزب العدالة والتنمية المعارضة العلمانية المترسخة والتي تتهم اردوغان باتباع جدول أعمال ديني سري.