بدأت حركة «فتح» تحركاً جماهيرياً وسياسياً لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدسالمحتلة، استهلته بدعوة إلى إضراب شامل ومسيرات في الأراضي الفلسطينية غداً، «لإظهار صمود شعبنا وتمسكه بمقدساته الإسلامية والمسيحية». ودعت الحركة في بيان أمس الفلسطينيين إلى الخروج في «مظاهرات ومسيرات سلمية... لإعلان تمسك شعبنا بمقدساته، وبالقدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية المستقلة». وبدت الخطوة محاولة لاحتواء الانتقادات الموجهة لزعيم الحركة الرئيس محمود عباس على خلفية سحب طلب عرض «تقرير غولدستون» الذي يدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة على مجلس الأمن. وقال عضو اللجنة المركزية ل «فتح» جبريل الرجوب إن الحركة مستعدة لبناء جبهة وطنية واسعة للدفاع عن القدس أمام الهجمة الإسرائيلية، داعياً حركة «حماس» إلى «الالتفات إلى القضايا الحقيقية للشعب الفلسطيني»، والتوقف عن «حملتها المجحفة والظالمة على الرئيس عباس». وأضاف أن «فتح ستبعد نفسها عن السلطة، وستضع نفسها على يسارها وليس على يمينها... ومازلنا متمسكين بمشروعنا الوطني». ودعا إلى تشكيل إطار وطني ليتابع «تقرير غولدستون» الذي عمق طلب السلطة إرجاءه الخلافات الفلسطينية. وقال إن «فتح ترى في تقرير غولدستون شهادة حية ومقنعة لإدانة الاحتلال الإسرائيلي، وتريد توظيفه لملاحقة جرائم إسرائيل ضد شعبنا الفلسطيني، خصوصاً خلال الحرب على غزة». وأضاف بحسب وكالة «فرانس برس» أن «هذه مهمة كل الشعب الفلسطيني وقيادته وفصائله، وقيادة حركة فتح قررت أن تدعو حركة حماس وكافة الفصائل الفلسطينية إلى تشكيل إطار وطني فلسطيني يضم الجميع للتحرك على المستويين الاقليمي والدولي لتفعيل تقرير غولدستون، ونحن جاهزون لتشكيل الإطار الوطني فوراً لهذه القضية البالغة الأهمية». وتابع أن «حركة فتح تعتبر هذا الإطار ضرورياً من خلال جهد فلسطيني مشترك وآليات موحدة تشارك فيها كل القوى الفلسطينية». وأشار إلى أن «هناك الكثير من الإدانات الدولية لجرائم إسرائيل ضد شعبنا تبرر أن يكون جهدنا موحداً ولا بد من تفعيل العاملين الدولي والإقليمي باستراتيجية وآليات متفق عليها. ونتمنى أن يحقق جهدنا المشترك محاكمة للاحتلال وجرائمه ونرى كل جنرالات إسرائيل وزعاماتها التي ارتكبت جرائم ضد شعبنا في محكمة لاهاي لمجرمي الحرب». وأكد أن «فتح اعترفت بأن هناك خطأ حصل بتأجيل مناقشة تقرير غولدستون، لكن الرئيس شكل لجنة تحقيق على مستوى منظمة التحرير ونحن في فتح شكلنا لجنة تحقيق اخرى وسنكشف نتائج التحقيق... وإذا ثبت أن هناك خطأ مقصوداً لضرب فعالية التقرير، فإن فتح لن تتسامح مع من ارتكب الخطأ». ولفت إلى أن حركته «لم تبلغ من القيادة المصرية بأي تأجيل لجلسات الحوار» المقررة في 25 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، مؤكداً «جاهزية الحركة لتقديم كل ما من شأنه إنجاح الحوار لأن تكريس الانقسام مصلحة للاحتلال». وشدد على أن «مفهوم الوحدة كما تراه حركته يقضي بوحدة الوطن والشعب ووحدة قيادته على رأس منظمة التحرير لأنها الطريق للشرعية الدولية... وهناك مصلحة وطنية لتكون حماس جزءاً من النظام السياسي الفلسطيني والطريق إلى ذلك يتم عبر الوحدة وعبر رؤى واستراتيجيات تساهم في بناء الدولة الفلسطينية». إلا أنه دعا «حماس» إلى «التوقف عن التحريض»، موضحاً: «لا أهدد أحداً، لكن التحريض والتطاول لا يخدم حماس ولا غيرها والوحدة الوطنية الفلسطينية مصلحة للجميع». واعتبر أن «الانتخابات هي المدخل إلى تحقيق الوحدة الوطنية والوسيلة لإنهاء الانقسام وتحقيق وحدة النظام السياسي ووحدة الوطن»، كما طالب «بإعادة صياغة الأجهزة الأمنية من موقع بناء عقيدة وطنية وتحديد مهمات وآليات رقابة للأجهزة الأمنية بفصلها وبناء سور بينها وبين الفصائل». ودانت اللجنة المركزية في شدة الإجراءات الإسرائيلية «الخطيرة» في القدس. وقالت إن «الإجراءات التي تستهدف المسجد الاقصى، تستهدف أساساً القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة». وأعربت عن قلقها البالغ من «قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بمحاصرة المسجد، ومنع وصول المصلين إليه، وتواطؤ قوات الاحتلال مع غلاة اليمين اليهودي والسماح لهم بدخول باحات الأقصى وتقديم الحماية لهم». وأعربت عن قلقها خصوصاً من «الهجمة الإسرائيلية على القدس المتمثلة بمصادرة الأراضي والاستيطان والتهويد وعزل القدس عن محيطها الفلسطيني». ورأت في «هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير» محاولة من حكومة اليمين الإسرائيلي «لإعادة الأوضاع إلى دائرة العنف بهدف التهرب من التزامات واستحقاقات عملية السلام، وفرض أمر واقع بالقوة في القدس وإخراجها من مفاوضات الحل النهائي». ودعت أعضاء اللجنة الرباعية الدولية، خصوصاً الأممالمتحدة، إلى «القيام بدورهم تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته وتجاه القدس، باعتبارها أرضاً فلسطينية محتلة يجب عدم المس بواقعها الحضاري والديني والجغرافي والسكاني». وثمنت «عالياً صمود أبناء شعبنا في القدسالمحتلة ووقفتهم البطولية في وجه الهجمة الإسرائيلية»، داعية إلى اعتبار اليوم الجمعة «يوم إضراب عام» تشارك فيه «جماهير الأمتين العربية والاسلامية وجميع القوى المحبة للسلام في العالم لإعلان تضامنها ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة».