تشهد باريس حالياً استعراضاً فريداً يُقدّم فوق مركب في نهر السين يحمل اسم «أوبرا» ويستقبل الحفلات الخاصة وعروض الموضة، ولكنه هذه المرة تحول الى مسرح لتقديم عرض «لا ديتريك» من بطولة الفنانة كارولين نين التي تقدم شخصية نجمة السينما والمسرح والغناء الألمانية الراحلة مارلين ديتريش التي نشأت في برلين قبل أن تستقر في هوليوود وتنال الجنسية الأميركية. وكم من مسرحية تناولت حتى الآن حياة وأغنيات ديتريش، إلا أن نين تتميز كونها لا تكتفي بترديد الكلمات فوق الألحان التي صنعت شهرة النجمة الراحلة مثل «ليلي مارلين» و «الوقوع في الغرام» و «لولا»، ولكنها تروي بمزيج رومانسي درامي، فترة شبه مجهولة من حياة الراحلة وهي تلك التي تخص فترة الحرب العالمية الثانية حينما عبّرت عن رفضها للنازية وقررت الهجرة إلى هوليوود وطلب الجنسية الأميركية مضيفة إلى ذلك رحلات عديدة إلى جبهة القتال في أوروبا لتسلية جنود قوات الحلفاء والرفع من معنوياتهم بالكلام والغناء والرقص. وتمثل نين دور ديتريش معبرة عن التقلبات العديدة التي ميزتها لا سيما الكرم والسخاء والروح الوطنية والعدالة من ناحية، وثم الأنانية المطلقة وتسخيرها الغير كلما استطاعت فعل ذلك، في خدمة مصلحتها الشخصية. وقورنت آنذاك من قبل الأديب والشاعر الفرنسي الراحل جان كوكتو بوحش متخف وراء ملامح ملائكية. ونجحت نين في ترجمة الناحيتين المتناقضتين في شخصية ديتريش فنالت النجاح والتصفيق الحاد في ختام كل عرض. ويعتبر نجاح كارولين نين الباريسي بمثابة تكملة طبيعية للشهرة التي نالتها عام 2007 في دار أوبرا سيدني بأستراليا وفوق أحد أكبر المسارح اللندنية وفي نيويورك وطوكيو وشنغهاي وبروكسل وروما وأثينا وإسطنبول وبرلين (مسقط رأس مارلين ديتريش) وفي مهرجان إدنبره في إسكتلندا. وقبل أن تخوض تجربة استعراض «لا ديتريك» تخصصت في غناء الجاز من طريق ترديد أشهر أغنيات عمالقة هذا اللون الموسيقي ووضعت أيضاً كلماتها الخاصة فوق ألحان ألفتها في صحبة عازف البيانو كريستوفر كولبو الذي رافقها في وصلاتها وشارك في مسرحيتها. وأحيت نين في السنوات الماضية سهرات في أكبر نوادي الجاز الأوروبية وفي نيويورك. ويتوقع بعد نجاح مسرحية نين ان ينتقل عرضها الى أشهر الدور الباريسية، خصوصاً بعد النقد الايجابي الذي لاقاه العمل من قبل المتخصصين، كما ان استضافتها في برامج حوارية تلفزيونية وغناءها أشهر أغنيات ديتريش وايديث بياف، قربها من الجمهور وأوصلها الى شريحة كبيرة من الفرنسيين. ولدى سؤالها عن سبب اهتمامها الخاص بمارلين ديتريش تحديداً أجابت: «كنت أعاني من صدمة عاطفية قوية بعد انفصالي عن خطيبي ولم أعثر على ما يضمد جراحي سوى أغنياتها، فبقيت اسمعها عشرات المرات يومياً إلى أن أتتني فكرة كتابة حكاية تدور حول فترة معينة من حياتها وتحويلها في ما بعد إلى استعراض أتقمص فيه شخصية هذه المرأة التي ساعدتني في الخروج من أزمتي العاطفية».