أكد ناشرون أن مواجهة التخلف في الوطن العربي، تطلب شراكة بين الناشر والمؤلف، مشيرين إلى التحديات التي تعترض الاثنين، مطالبين بتذليلها، مؤكدين التباس العلاقة بين الناشر والمؤلف إضافة إلى سوء الفهم الذي يكتنفها وكذلك الاتهامات التي يتبادلانها. وقال رئيس الاتحاد المغاربي للناشرين النوري عبيد أنه لا يمكن بناء علاقة ناجحة بين الكاتب والناشر، دون أن تربطهما في الأصل علاقة خاصة من خلال تحديد أهداف مشتركة في المصالح، إضافة إلى أن يحترم كل طرف ما له وما عليه نحو الآخر. وأضاف في ورقة بعنوان «العلاقة بين المؤلف والناشر ونمو حركة النشر العربية» قدمها أمس في فعاليات اليوم الثاني لمؤتمر الناشرين العرب، الذي ينظمه اتحاد الناشرين العرب بالتعاون مع جمعية الناشرين السعوديين، في مركز الملك فهد الثقافي، «إنه من خلال إلقاء نظرة سريعة على واقع النشر العربي، من زاوية العلاقة بين المؤلف والناشر، تجعلنا نرى ارتباطاً متيناً بين بعض المؤلفين وناشرين محددين، إضافة إلى تجميع ناشرين لمؤلفين من مشارب متقاربة، إضافة إلى استقطاب المؤلفين من طرف ناشر عبر مجلاّت ودوريات وندوات لخلق حالة إبداع وتأليف»، مشيراً إلى أن هذا الارتباط يكمن في الإيمان المشترك بين المؤلف والناشر بأهمية مشروع النشر وقبول تبعات هذا المشروع وانعكاساته السلبية، سواء على المستوى المالي أو الاعتباري السياسي وحتى الأمني. وأوضح الأديب حمد القاضي في ورقة بعنوان «الكتاب المطبوع والعلاقة بين المؤلف والناشر... من خلال تجربة شخصية» أن العلاقة بين المؤلف والناشر «ملتبسة جداً»، مبيناً أنه ومن خلال تجربته في النشر «أن الناشر والمؤلف في ظل عدم الإقبال على اقتناء الكتاب، كلاهما مظلوم لأنهما لا يجدان «القارئ» «الزبون»، الذي يقبل على بضاعتهما فيبتاعها ويحتفي بها، مهما كانت هذه البضاعة الثقافية»، معللاً ذلك بانشغال القارئ من جانب وتحديات النشر الاكتروني، وهجوم البث الفضائي على وقت الإنسان من جانب آخر». وأكد الناشر الأردني فتحي البس في ورقة بعنوان «العلاقة بين الناشر والمؤلف» العلاقة بين الناشر والمؤلف ملتبسة، «فيها درجة عالية من سوء الفهم، وأحياناً تبادل الاتهامات»، مشيراً إلى أن الموقف العاطفي لأبناء المجتمع المدني والرسمي، «يصطف إلى جانب المؤلف»، مبيناً أنه «يجب تحليل العلاقة بين الناشر والمؤلف تحليلاً علمياً ودقيقاً، ووضع اقتراحات تجعل علاقة الناشر بالمؤلف صحية وتكاملية، وتخدم الهدف وهو نشر المعرفة والثقافة والارتقاء بالمجتمع، وإنجاح مشاريع النشر». عقب ذلك بدأت الجلسة الثانية برئاسة وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الدولية الدكتور أبو بكر باقادر تحت عنوان «مشاكل الترجمة في الوطن العربي» وتحدث فيها كل من الخبير الثقافي ومشرف مركز الترجمة في وزارة الثقافة والفنون والتراث في قطر الدكتور حسام الخطيب ومدير المركز القومي للترجمة الدكتور جابر عصفور والدكتور هشام عباس. وأوضح الدكتور الخطيب أن ثقافة الترجمة المعرفية «تكاد تكون شبه مهملة وتعاني من مقولات ومعايير بعيدة عن الصواب»، مؤكداً أن سوق الكتاب المترجم «تحتاج إلى معايير تتضمّن مؤهلات المترجم وأمانته، في النقل وإجادته اللغتين في الموضوع المعنيّ على الأقل»، مشيراً إلى أن سمعة المترجم نفسه لها تأثير كبير في صدقية الترجمة مثلما هي للمؤلفين. وقال الخطيب إن هناك دراسات «رفعت من شأن الترجمة وقيمتها الفكرية وزادت الموقف المعرفي للترجمة قوةًً، إذ حاولت أن تنقلها من خانة الحرفة إلى خانة نظام معرفي ٍ مستقبلي، يكاد يطغى على أنظمة معرفية كانت حتى الآن تُعتبر اللسان الذهبي للعصر»، لافتاً إلى أن الترجمة تتجه منذ منتصف القرن العشرين، إلى أن تكون علماً موضوعياً بكل ما في الكلمة من معنى». وأضاف أنه «لا يوجد أثر لخطط مستقبلية أو تخصصية، سوى ما تفعله وزارات الثقافة والهيئات الرسمية أو شبه الرسمية من ناحية تخصيص سلاسل معينة، بحسب مواضيع مختارة مع تفاوت كبير بهذا الشأن، بين كل قطر عربي وآخر»، مؤكداً أن مستقبل الترجمة العربية «قاتم جداً لأن أقسام اللغات الأجنبية في الجامعات العربية، ترفض أيضاً تخصيص مقررٍ لتدريس اللغة العربية». وفي الجلسة الثالثة، التي عقدت بعنوان: «معارض الكتب العربية»، وأدارها الدكتور عبدالله الشائع وشارك فيها كل من رئيس نقابة اتحاد الناشرين في لبنان سابقاً محمد إيراني وجمال الشحي وعلي العايد. وبين محمد إيراني في ورقة بعنوان: «معارض الكتب العربية ودورها في تطور صناعة النشر» أن أول معرض للكتب العربية، أقيم في لبنان عام 1956، ثم توالت المعارض تباعاً في جميع أنحاء الوطن العربي إذ تحولت إلى معالم ثقافية متجددة»، مشيراً إلى أن معارض الكتب العربية، «هي فرصة للجمهور للاطلاع على كل جديد، وملتقىً مهم تتجدد فيه العلاقات بين المؤلفين والباحثين والناشرين، إضافة إلى كونها، بالنسبة إلى الناشرين، عامل جذب واستقطاب يندرج في إطار تسويق الكتاب وتعميمه». وقال إن مساحة القراءة في العالم العربي، «في تراجع مستمر أمام ازدهار ورواج ثقافة المرئي والمسموع والتقنيات الحديثة الأخرى، التي تسهم بشكل أو بآخر في إقصاء الكتاب عن مكانته» لافتاً إلى أن تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأممالمتحدة، «تبعث على الإحباط خصوصاً في ما يتصل بتفشي الأمية، وتقلص نسبة القرّاء والقراءة وعدد الإصدارات الجديدة التي تصدر في العالم العربي». وأوضح إيراني أن أزمة الناشر العربي، «تكمن في تحديات السوق، من حيث محدودية اللغة إذ إن الحجم المستهدف محدد وواضح لا يمكنه الانتشار عالمياً، إضافة إلى محدودية الإبداع الناجمة عن قلة مراكز الأبحاث العلمية، التي تؤدي إلى تحديد أبعاد الطاقة الإبداعية كذلك الاستعاضة عن التقدم العلمي بالترجمة، وهذه لها شروطها وقوانينها وحقوقها، التي تتجاوز أحياناً إمكانات دور النشر»، مبيناً أن «تداخل مواعيد تنظيم المعارض في العالم العربي، والرقابة على الإصدارات والمنشورات من المعوقات، التي تواجه دور النشر في معارض الكتب العربية، مشيراً إلى أن المعارض «تفرض على دور النشر التقيد بتقديم لوائح الإصدارات، خلال فترة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر، ما يعني أن الناشر لا يمكنه تزويد هذه المعارض بأية إصدارات جديدة صدرت خلال الفترة التي تسبق معرض الكتاب، كما أن بعض المعارض تمنع البيع بالجملة، ما يعني أن السوق مفتوحة أمام دور النشر لأيام قليلة ومعدودة».