رجحت مصادر اقتصادية أن الموازنة السعودية ستسجل عجزاً خلال العامين الحالي 2014، والمقبل 2015، بقيمة 60 بليون ريال و155 بليوناً على التوالي، فيما بعثت الحكومة رسالة طمأنة بعدم تقليص الإنفاق، على رغم عجز الموازنة بسبب تهاوي أسعار النفط، مؤكدة مواصلة الإنفاق على المشاريع التنموية الضخمة العام المقبل. وذكرت المصادر ل «الحياة» أن موازنة العام الحالي تتضمن مصروفات فعلية بقيمة 1.1 تريليون ريال، وإيرادات بقيمة 1.04 تريليون ريال، ما يعني تسجيل عجز قيمته 60 بليون ريال. كانت وزارة المالية توقعت أن تبلغ إيرادات العام الحالي 855 بليون ريال، وحددت مبلغاً مماثلاً للنفقات العامة، من دون تسجيل عجز أو فائض. وبشأن موازنة العام المقبل أظهرت الأرقام تسجيل عجز في الموازنة بقيمة 155 بليون ريال، إذ تبلغ الإيرادات المتوقعة 715 بليون ريال في مقابل مصروفات بقيمة 870 بليوناً. وتزيد توقعات مصروفات موازنة العام المقبل بقيمة 5 بلايين ريال عن توقعات موازنة العام الحالي، فيما تنخفض الإيرادات بقيمة 140 بليوناً. وقالت مصادر مطلعة ل«الحياة»: «إن موازنة 2015 مبنية على سعر 65 دولاراً لبرميل النفط، وقد تبنى على 60 دولاراً»، مشيرة إلى أن «هذه أرقام أولية سيتم تحديثها الأسبوع المقبل قبل إعلان الموازنة الإثنين المقبل». وعلى صعيد متصل، أكد وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أن السعودية لن تقلص الإنفاق، وستواصل إنفاقها على مشاريع التنمية في موازنة العام 2015 على رغم تحديات الاقتصاد العالمي. ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن العساف قوله: «إن الوزارة انتهت من إعداد موازنة السنة المالية المقبلة، وتم عرضها على المجلس الاقتصادي الأعلى الذي يترأسه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء في القريب العاجل». وأضاف: «على رغم أن الموازنة أعدت في ظل ظروف اقتصادية ومالية دولية تتسم بالتحدي، إلا أن المملكة ومنذ أعوام طويلة اتبعت سياسة مالية واضحة تسير عكس الدورات الاقتصادية، بحيث يستفاد من الفوائض المالية المتحققة من ارتفاع الإيرادات العامة للدولة في بناء احتياطات مالية وخفض الدين العام، ما يعطي عمقاً وخطوط دفاع يستفاد منها وقت الحاجة». وتابع: «هذه السياسة ستستمر في الموازنة المقبلة وما بعدها، ما سيمكن الحكومة من الاستمرار في تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة، والإنفاق على البرامج التنموية، وخصوصاً في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، إضافة إلى تغطية الحاجات الأمنية والعسكرية». وتوقع العساف تحقيق نمو اقتصادي إيجابي، نتيجة الإنفاق الحكومي والدور الحيوي للقطاع الخاص السعودي. وتبدد تصريحات وزير المالية المخاوف من تأثير هبوط أسعار النفط سلباً في الاقتصاد، واللجوء إلى خفض الإنفاق العام بدرجة كبيرة، إذ إن المملكة كونت احتياطات ضخمة خلال الأعوام الماضية، وبلغ إجمالي الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد العربي السعودي 2.78 تريليون ريال في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. ويوضح اقتصاديون أن السعودية لن تواجه مشكلات في مواجهة عجز الموازنة المتوقع للعامين الحالي والمقبل والاستمرار في الإنفاق، خصوصاً أن غالبية المشاريع الكبيرة والعملاقة ستدخل الخدمة بنهاية 2015، ومعظمها تم البدء فيها بين عامي 2008 و2009، مثل مشاريع الكهرباء، والجامعات، ومشاريع القطارات، وتوسعات الحرمين الشريفين، ومشاريع تحلية المياه. وحدد الاقتصاديون ثلاثة خيارات أمام الحكومة لمواجهة العجز والإبقاء على مستويات الإنفاق الحكومي مرتفعة، خصوصاً مع تأكيد وزير المالية على مواصلة الإنفاق على المشاريع الضخمة. والخيارات الثلاثة المتاحة أمام الحكومة لتمويل العجز هي: اللجوء للاحتياط، أو الاقتراض من المصارف، أو خفض المساعدات الخارجية. ولن تجد الحكومة مشكلة في الاقتراض من المصارف، خصوصاً أنها نجحت في خفض الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من 3.7 في المئة في العام 2012 إلى 2.7 في المئة في العام الماضي 2013، وبذلك تكون المملكة أقل دول العالم في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي. وكان الدين العام على السعودية سجل أعلى مستوى له في تاريخه عند 685.2 بليون ريال في نهاية العام 2002، تمثل 96.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الحكومة وضعت خطة منهجية لإطفاء الدين العام لتنخفض نسبته بنحو 94.2 في المئة خلال الفترة من 2002 إلى نهاية عام 2013، أي بمعدل خفض 8.6 في المئة سنوياً.