أنهى المراهنون على صعود أسعار الأدوات المالية في «وول ستريت» أسبوع التداول في حال من القلق بعدما رسمت سلسلة من البيانات صورة متشائمة عن احتمالات مواصلة الاقتصاد الأميركي انتعاشه من أسوأ ركود يمر فيه منذ ثلاثينات القرن العشرين. فبعدما كانوا يتوقعون استمرار الانتعاش، أشارت البيانات إلى ان الاقتصاد الأميركي ربما دخل في استقرار وأن الانتعاش الذي بدأ قبل أسابيع قد يتواصل في صورة متقطعة بدلاً من ان يكون مستمراً. ومن أبرز المؤشرات السيئة تراجع مبيعات السيارات، وقفزة في الطلبات الجديدة للإعانات المخصصة للعاطلين من العمل، وتراجع غير متوقع في نشاط التصنيع، وهي تطورات جعلت «وول ستريت» تشعر بأنها ربما أفرطت في التفاؤل. وقبل إقفال أسواق المال الأميركية ليل أول من أمس، أعلنت وزارة العمل الأميركية ان البطالة ارتفعت إلى أعلى نسبة لها منذ حزيران (يونيو) 1983 عند 9.8 في المئة في حين تراجعت الوظائف بواقع 263 ألف وظيفة في أيلول (سبتمبر) وهو مستوى أعلى كثيراً من توقعات السوق التي كانت تشير إلى انخفاض مقداره 180 ألف وظيفة. وتراجع نشاط التصنيع في أيلول، وفقاً لمعهد إدارة التوريد، على رغم استمراره في الارتفاع لكن ليس بالسرعة ذاتها التي عرفها في آب (أغسطس) الماضي. وأعلنت الأعمال ان الطلبيات الجديدة التي تلقتها تراجعت في أيلول منها قبل شهر، فيما تراجع الإنتاج والأسعار. ووفقاً لوزارة العمل، ازدادت الطلبات الجديدة للإعانات المخصصة للعاطلين من العمل الأسبوع الماضي بواقع 17 ألف طلب إلى 551 ألفاً. وانخفضت مبيعات المنازل القديمة في آب بعد أربعة أشهر من الارتفاعات، وانخفضت طلبيات البضائع المصنعة، مثل الطائرات المدنية وأجهزة الكومبيوتر، وفقاً لتقرير صدر الأسبوع الماضي. ودفعت احتمالات تباطؤ النمو الاقتصادي المستثمرين باتجاه استثمارات مأمونة مثل سندات الخزينة. وتراجعت عائدات السندات التي تستحق بعد 30 سنة إلى أقل من أربعة في المئة للمرة الأولى منذ نيسان (أبريل) الماضي، ما يدل على طلب أقوى على السندات البعيدة الأجل. وانخفضت عائدات السندات التي تستحق بعد 10 سنين، وهي تُعد مرجعاً للسندات الحكومية كلها، إلى 3.18 في المئة من 3.31 في المئة. ولفت تقرير منفصل عن الإنفاق الشخصي الى ان المستهلكين ما زالوا مستعدين للإنفاق في حال مُنحوا عروضاً جيدة. وارتفع إنفاق المستهلكين، الذي يشكل 70 في المئة من الاقتصاد، في شكل حاد في آب، إذ استفاد المستهلكون من حوافز لاستبدال سياراتهم بأخرى جديدة قدمتها الحكومة ضمن برنامجها العملاق للإنعاش الاقتصادي، وفقاً لوزارة التجارة. ومع ان الارتفاع الذي بلغ 1.3 في المئة كان الأعلى في ثماني سنوات تقريباً، لم يرَ خبراء فيه دليلاً على انتعاش بعيد الأجل في قطاع الاستهلاك. ومع انتهاء البرنامج الحكومي الذي كلّف ثلاثة بلايين دولار، أكد وكلاء لبيع السيارات تراجع المبيعات في شكل حاد في أيلول. ومع قلق المستهلكين من خسارة وظائفهم، وقيم منازلهم واستثماراتهم، توقع اقتصاديون للارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي في آب ان يكون ظاهرة لن تتكرر ثانية في المستقبل القريب، على رغم ان الارتفاع حصل للشهر الرابع على التوالي. وتراجع معدل الادخار الشخصي بنسبة ثلاثة في المئة من 5.9 في المئة في أيار (مايو) الماضي مع زيادة إنفاق المستهلكين، لشراء مركبات على الأرجح. ويبيّن تراجع الادخار ان المستهلكين ما زالوا في وضع حرج، ربما بسبب تباطؤ نمو المداخيل وتثبيت الرواتب. وعلى صعيد إيجابي، أشارت أرقام إلى ارتفاع بنسبة 6.4 في المئة في مبيعات المنازل الجديدة القائمة وزيادة بنسبة 0.8 في المئة في الإنفاق على البناء، ما جعل الاقتصاديين يستبعدون عودة الاقتصاد إلى الانكماش. ويتوقعون للطلبيات المؤجلة خلال الركود ان تنطلق حين تعيد الأعمال ترتيب مخزوناتها وتستقبل المصانع طلبيات جديدة ويُقبل المستهلكون على عمليات شراء جمدوها لسنة.