تسهم نظرة بعض أطياف المجتمع السلبية للمصورين الفوتوغرافيين في الحد من إبراز إمكاناتهم وإبداعهم، وتقف حاجزاً أمام عدساتهم التي تبحث عن التقاط ما يصادفها من مشاهد معبّرة، ويرى الكثير من المصوّرين أن استهجان البعض لهم والتقليل من شأن فنهم، يمنعانهم من الغوص في بحر هذا الفن العميق، إذ يُعتبر من الصعب على المصوّر في المجتمع السعودي التنقّل بآلة التصوير في مكان عام، كون ذلك يثير ارتياب الناس، وقد يؤدي إلى الزج به في مشكلات يرى أنه في غنى عنها، ومن الصعب أن يعترف البعض بأهمية التصوير، الذي يعتبر من الفنون المميزة التي لا تتشكل بريشة وألوان، وإنما بأضواء عدسات تأخذ ما تقع عليه العين المجردة بطريقة تقوم على بعد النظر، وتقدم الحياة الطبيعية بأدق تفاصيلها بشكل تعجز عنه الفنون الأخرى. ويطالب المصورون برفع حظر التصوير عنهم في الأماكن العامة، ليطلقوا العنان لإبداعهم بحرية أكبر، مؤكدين أن ذلك قد يساعد في إزالة النظرة الدونية لهم، ويرى المصوّر فهد العاصمي، أن هناك قلة وعي حول فن التصوير الضوئي في المجتمع السعودي، فحداثة وجوده ومزاحمة الكثير من الفنون له وضعف دور وسائل الإعلام المختلفة في التوعية به مقارنة بالفنون الأخرى من أهم أسباب عدم تقبّله، ويضيف: «معاناة المصوّر لا تتوقف على المجتمع فقط، بل تتخطى ذلك لتصل إلى التشديد من الجهات الأمنية على المصور، وهو يحمل آلة التصوير في الأماكن العامة». أما المصوّر زيد المزيد، فيستغرب من تقبّل الشخص لتصويره في مناسبة ما، لكنه لا يتقبل ذلك حينما يكون في مكان عام، ويضيف: «حينما يقوم المصوّر بتصوير شخص ما بطريقة معينة من دون أخذ إذنه، فهو هنا قد أوقع نفسه في مشكلة كبيرة، نتيجة للرفض القاطع لتصويره، علماً بأن تصوير الأشخاص لا يحمل إساءة لهم، لكن هي ثقافة المجتمع تجاه هذا الفن»، ويؤكد أن المصوّر لا بد عليه أن يحترم خصوصية المجتمع، وما ننادي به لا يعني اقتحام هذه الخصوصية. أما المصوّرة لمياء الرميح، فهي لا تلقي باللوم كله على المجتمع، وإنما على الجهات التي تقصر في عدم تقديمها للدورات التعريفية والتوعية بهذا الفن لكنها لا تفعل، وتقول: «المجتمع يجهل رسالة هذا الفن، لذا هو يرفضه ولا بد للمصوّر من تقبّل ذلك منهم»، وتضيف: «أصبح لدى الكثير من الناس فوبيا التصوير، وهذا الأمر ناتج من اعتقادهم بأن التصوير محرّم شرعاً، ومعرفتهم ببعض الأحداث والمواقف السيئة التي كان سببها التصوير»، وشددت على أن المصورين ينقصهم الدعم والتشجيع، بدليل أن هناك من فازوا بجوائز عالمية، لكنهم لم يجدوا التكريم هنا. بدورها، توضّح المصوّرة شيخة عبدالعزيز، أن وجود المعارض التي تُعنى بهذا الفن لها دور في دعم المصورين وفي تحسين النظرة إليهم، ولفتت إلى أنهم بحاجة إلى أكثر من ذلك، من حيث رعاية الهواة ودعمهم إعلامياً، وتكثيف إقامة المعارض التصويرية، وتضيف: «نظرة المجتمع تتغيّر تدريجياً للأفضل، وأصبح البعض من أفراده يتفهم التصوير، ويدرك أنه فن له تاريخه وعلومه ومجالاته ورسالته السامية». من جانبه، أوضح رئيس الجمعية السعودية للتصوير الضوئي محمد بالبيد، أن الجمعية أعدّت الخطوات والمراحل العملية استعداداً لانطلاقة فعالياتها، مشيراً أن البداية ستكون خلال شهر تشرين الاول (أكتوبر) المقبل، وسيفتح خلال الأيام القليلة المقبلة باب العضوية للمصورين الراغبين في الانضمام إليها من مواطنين ومقيمين برسوم لا تتجاوز 200 ريال سنوياً، مؤكداً أن إنشاء الجمعية كان في أذهان المصورين، ومطلباً قديماً بالنسبة إليهم والآن تحقق. وقال في حديث ل«الحياة»: «ان الجمعية بجانب خدمتها للمصورين، فهي أيضاً مفتاح لخدمة المجتمع وتثقيفه بهذا الفن، وبالتالي يتم تحقيق الشراكة والتواصل بين الجانبين»، لافتاً إلى أن الجمعية أعدّت دراسة مفصّلة تغطّي جميع مناطق المملكة، بخصوص تقديم الدورات والورش التدريبية والتعليمية المتعلقة بفن التصوير، لأن ذلك يساعد في صناعة فنانين على اطلاع وثقافة، وبالتالي تصبح مخرجاتهم الفنية ذات تميّز عالٍ. وحول تقبّل المجتمع لهذا الفن ونظرته إليه قال: «المصوّر معرّض إلى المساءلة الاجتماعية في الميدان، وهذا مشروع لأفراد المجتمع، لكن ما ليس مشروعاً هو أن يتم المنع من دون إعطاء أسباب مقنعة»، مشدداً على أنه لا بد للمصوّر أيضاً أن يدرك الفرق بين الحرية والخصوصية، وأن يعي رسالته ودوره من دون الإضرار بالغير، مشيراً إلى أن البطاقات التي ستصدرها الجمعية للمصورين التابعين لها قد تقلل من حدة المجتمع تجاه هذا الفن، داعياً المصورين إلى التفاعل مع الجمعية ومع ما تقدمّه من خدمات، لاسيما أنها أنشئت من أجلهم.