يشكل العام الحالي جبهة تحدٍّ أمام القطاع العقاري في السعودية، وذلك لتجاوز آثار الأزمة المالية الاقتصادية، إذ يسعى القطاع إلى تعزيز دوره في الاقتصاد الوطني، من خلال تنمية المشاريع العقارية في ظل ضخ الحكومة استثمارات في القطاع من خلال تنفيذ مشاريعها المختلفة. وقد تشكل معضلة التمويل أهم التحديات أمام العقاريين في السعودية، وذلك بعد تأثر قوالب التمويل العقاري في العالم، ولا سيما في ظل الأضرار التي أصابت الجهات التمويلية العالمية، وهو ما قد يدفع العقاريين إلى إعادة إحياء المساهمات العقارية التقليدية من جديد، لتشكل قوى مساندة لتطوير المشاريع في البلاد. وأوضح العضو المنتدب لشركة أملاك العالمية للتمويل العقاري عبدالله الهويش أن هناك حاجة ملحّة لوجود صيغ ومنتجات تمويلية تساعد على مواكبة التنمية الاقتصادية في البلاد، بما يعود على المستفيد النهائي كمستهلك أو مستثمر أو شركة مطورة. وتوقع أن يكون العام المقبل هو عام التمويل العقاري، وأن تتدفق السيولة في السوق العقارية كقروض تمويلية للمساكن، مشدداً على أن شركات التمويل وبرامج البنوك التمويلية العقارية تترقب إقرار الجهات المتخصصة لنظام التمويل العقاري للشروع في طرح منتجاتها المطورة. وقال الهويش إنه في حال تفعيل إقرار الرهن يمكن أن تبلغ العوائد السنوية لصناعة القروض العقارية السعودية 150 بليون ريال، لافتاً إلى أن السوق تتجدد بين فترة وأخرى من خلال الأفكار الجديدة والجزئية التي يطرحها كبار العقاريين في البلاد، وذلك عن طريق قنوات الاستثمار أو عن طريق طرح مختلف المشاريع في أرجاء البلاد، وهو ما حدد حركة الاستثمار في السوق العقارية السعودية. وأشار إلى أن شركة أملاك العالمية للتمويل العقاري – أول شركة تمويل عقاري في السعودية - نجحت في تمويل أكثر من نصف بليون ريال لشركات التطوير العقاري المحلية، والأفراد، ورجال الأعمال، لافتاً إلى ان نجاح الشركة في ضخ هذا المبلغ منذ انطلاقتها مطلع 2008، يؤكد متانة سوق التمويل العقاري السعودي، ومدى الحاجة إلى التمويل العقاري بمختلف أنواعه الموجه إلى الشركات والمطورين، أو الموجهة إلى الأفراد، وفي الوقت ذاته يعزز من نجاح أهداف الشركة الرامية إلى التوسع في طرح منتجات تمويلية تلبي حاجات المستهلكين، وتتوافق مع نوعية الوحدات السكنية والتجارية المرغوبة. وأوضح أن الشركة أبرمت اتفاقات عدة مع عدد من شركات التطوير العقاري التي تستهدف الشريحة المتوسطة من خلال منتج الأجارة الموصوف بالذمة لتمكن عملائها من تملك وحدات سكنية خلال مراحل البناء. وقال الهويش، إن هذه الخطوة تأتي في إطار توطين منتجات تمويلية جديدة تخدم السوق العقارية، سواء من المستفيدين من راغبي تملك وحدات سكنية، أم للمستمرين من المطورين العقاريين. وأفاد الهويش بأن هذا التوجه الذي باشرت الشركة العمل به فعلياً لتنشيط العمل مع مطورين عقارين لتشييد وحدات سكنية لذوي الدخول المتوسطة؛ يأتي بعد دراسة مستفيضة قامت بها الشركة منذ آواخر العام الماضي، وبتوجيه ومتابعة من أعضاء مجلس إدارة الشركة. وبين أن منتج الأجارة الموصوف بالذمة سيخلق شراكة مهمة بين المطورين العقاريين والممولين، لتوطين منتجات سكنية مختلفة من شقق أو دبلكسات أو فلل مستقلة في مناطق ذات طلب يتناسب مع حجم الطلب من الفئات المتوسطة وفوق المتوسطة، بحيث تتراوح قيمة الوحدة السكنية بين 500 ألف ريال ومليوني ريال. ولفت إلى أن الخبرة التي اكتسبتها «أملاك»، مكنتها من التعرف على حاجات المطورين العقاريين، وتوسيع الشراكة الاستثمارية، وهذا يختصر الكثير من الوقت والجهد، ويقلل من كلفة المنتجات العقارية، مشيراً في هذا الصدد إلى أن الشركة تعكف على التجهيز لتحالفات كبرى مع مطورين عقاريين متخصصين في توطين المساكن لذوي الدخول المتوسطة. وقال الهويش: «نؤمن بالشركة الاجتماعية التي ترفع مستوى الوعي بأهمية القروض الاستثمارية، بدلاً من القروض الاستهلاكية، ولذلك فإن الشركة، أخذت على عاتقها تعزيز هذا الجانب من خلال التعريف المستمر بالمنتجات التمويلية العقارية، ولا سيما منتج الإجارة الموصوف بالذمة الذي نجح في خلق شراكة استراتيجية مع المطورين العقاريين. وأضاف: لقد نجحنا مع مطلع العام الجاري، على مستوى خدمات الأفراد في توسيع شريحة المستفيدين من خلال الحضور في المنطقتين الغربية والشرقية، بفرعين في جدة والدمام، إضافة إلى ذلك فإن شركة أملاك توسعت في استهداف شرائح أخرى من المجتمع السعودي- قد لا تكون – مستفيدة من خدمات التمويل الأخرى، مثل المهندسين، والأطباء والمحامين والمحاسبين. وأفاد بأن تشجيع طرح وحدات سكنية اقتصادية من خلال خلق شركات فاعلة بين شركة أملاك والمطورين العقاريين، ويتوقع من هذه الخطوة نتائج ممتازة ومهمة خلال السنوات المقبلة. من جهته، قال المدير العام لشركة العلي العقارية علي الشهري لا شك أن سوق التمويل في السعودية على أبواب طفرة كبرى، توازي النمو العقاري المستدام، والطلب المتزايد على منتجاته، مبيناً أن إعلان وزير المالية عن تأسيس شركة على غرار شركة فني ماي الأميركية لشراء القروض العقارية من المؤسسات المالية، خطوة إيجابية ومهمة جداً، جاءت في توقيت أكثر من مناسب، إذ إن سوق الإسكان في السعودية التي تفتقر إلى التمويل طويل الأجل، ذي التكاليف المنخفضة. وأضاف أن هذه الخطوة ستخدم سوق التمويل العقاري من جانبين: الأول دخولها مستثمراً في سوق التمويل، والثاني من خلال شراء القروض، وهو ما يتيح التمويل طويل الأجل، الذي يعتبر أهم عوائق التوسع في سوق التمويل العقاري.