يمكن وصف متحف «مدام توسو» في لندن بأنه مسرح للفرجة. كل الشخصيات فيه مصنوعة من الشمع. ومن لا يزوره (تذكرة دخوله 30 جنيهاً) يفوّت على نفسه فرصة رؤية أحد أهمّ معالم بريطانيا الثقافية والسياحية. والحديث عن متاحف مدام توسو يطول، فهي تملك في أكثر من دولة متحفاً، والممتع في متحفها هو أنك تستطيع أن تتصور مع التماثيل المعروضة في قاعات عدة مخصصة لفئات محددة من الشخصيات، بل وتعانقها أيضاً. «ليلة الافتتاح» هو اسم إحدى قاعات المتحف، وفيها تلتقي بنجوم السينما والتلفزيون ك «الرجل العنكبوت»، أو تختلط مع زعماء العالم السياسيين والدينيين، وفي قاعة ثقافة البوب تقف وسط موسيقيين وفنانين ورياضيين معروفين. مكان واحد لا تستطيع زيارته مع الأطفال، وهو المساحة المخصصة لعرض جانب من التاريخ الدموي الذي رافق الثورة الفرنسية عندما أعدم نحو ثلاثة آلاف شخص. ويستطيع زوار المتحف زيارة غرفة «الجلوس والعمل» حيث يمكنهم إلقاء نظرة على الكمية الهائلة من الأبحاث والجهود التي تبذل لصنع تماثيل الشمع، بما في ذلك اختيار العيون ومطابقة الأسنان وترتيب الشعر وأخذ قياسات سمات الجسم وصب الرؤوس الشمعية. ويستوقف الزائر منظر تقاطر النساء وتزاحمهن أمام تمثال الممثّل المعروف جورج كلوني الذي تفضّله النساء في هذا الزمن، بفضل وسامته اللافتة. وتكتشف خلال التنقل بين جنبات المتحف أنه يدار بعقلية تجارية صرفة، وأنه لا يختلف عن أي مشروع استثماري. فعندما تتحرّك بين جدرانه تستمع في زواياه الى الموسيقى الصاخبة ممتزجة مع هدير أصوات النساء والأطفال الذين تتملّكهم الدهشة والعفوية جرّاء ما يرونه ويشاهدونه في هذا المكان «الكرنفالي». كما يستوقفك منظر تقاطر أعداد غفيرة من الصبايا والشباب داخل إحدى القاعات لمشاهدة «نجم البوب» الراحل مايكل جاكسون، وهو التمثال الأحدث في المتحف ولاقى إقبالاً كبيراً من عشاقه لالتقاط الصور التذكارية معه وكتابة عبارات الحزن على فراقه في المكان المخصص لذلك. وتعلو التمثال شاشة تلفزيون مسطحة تعرض أغنياته ويتراقص على أنغامها عشاقه. ويظهر الرئيس الأميركي باراك أوباما في المتحف داخل مكتبه البيضاوي في البيت الأبيض والابتسامة على وجهه، بعدما نقل تمثال سلفه جورج بوش إلى قسم رؤساء الدول والحكومات السابقين. ويشهد تمثال أوباما إقبالاً شعبياً كبيراً، يتناسب مع شعبيته من الجنسيات المختلفة.