طهران، موسكو، واشنطن - أ ب، رويترز، أ ف ب - تعرّضت ايران لضغوط شديدة من الدول الست المعنية بملفها النووي في جنيف أمس، من اجل الاستجابة لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإزالة الغموض المحيط ببرنامجها النووي والرد بشفافية على اتهامات بإخفائها برنامج تسلح ذري. لكن هيئة الاذاعة والتلفزيون الايرانية افادت بأن المفاوض الايراني في جنيف سعيد جليلي ابلغ الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا خلال المحادثات، ان طهران لن تتخلى عن «حقوقها» النووية. وشارك في المحادثات التي عُقدت في فيلا في منطقة غنتهود شمال شرقي جنيف، جليلي وديبلوماسيان ايرانيان جلسا على جانب من طاولة بيضوية الشكل، فيما جلس سولانا الذي يرأس المحادثات رسمياً ووليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الاميركية والمديرون السياسيون في وزارات الخارجية لفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والمانيا. وتحدث سولانا أولاً، ثم اعقبه بيرنز الذي شارك للمرة الاولى في شكل كامل بالمحادثات. وكان الوفد الدولي عقد اجتماعاً تنسيقياً ليل الأربعاء - الخميس. واجتماع جنيف هو الأول بين الطرفين منذ 14 شهراً، واكتسب أهمية قصوى بعد الكشف عن منشأة ايرانية ثانية لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة قم، لم تبلغ طهران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بها سوى في 21 ايلول (سبتمبر) الماضي. وقالت كريستينا غالاش الناطقة باسم سولانا ان المحادثات أجريت في مناخ «ودي وعملي»، وانها تركز على البرنامج النووي الايراني. وأضافت: «هناك نية صادقة من جانب المجتمع الدولي، لاقامة علاقة جادة مع ايران. وفي الوقت ذاته، هناك ايضاحات مهمة يجب الحصول عليها». وشددت على أن البرنامج النووي الايراني هو اهم موضوع في المحادثات. لكن هيئة الاذاعة والتلفزيون الايرانية أفادت بأن جليلي وهو سكرتير المجلس الاعلى للامن القومي الايراني، ابلغ سولانا خلال المحادثات ان «الجمهورية الاسلامية لن تعدل في أي شكل، عن حقوقها الاكيدة». وأفادت قناة «برس تي في» الفضائية الايرانية بأن المجلس الاعلى للأمن القومي اصدر بياناً اشار فيه الى ان المحادثات أجريت في «جو هادئ»، موضحاً ان جليلي عرض رزمة الاقتراحات التي قدمتها طهران الى الدول الست، وشرح كيفية تطبيقها خلال المفاوضات الاساسية. كما جدد جليلي المطالبة بنزع السلاح النووي في العالم. ونقل مصدر ديبلوماسي في جنيف عن جليلي قوله ان ايران مستعدة «للبحث في كل القضايا العالقة منها المشكلة النووية، ولكن في إطار مقاربة شاملة» أوضحتها طهران في رزمة الاقتراحات. وقال المصدر نفسه ل «الحياة» أن الدول الست أرادت من الاجتماع «اختبار مدى استعداد ايران لفتح منشآتها النووية وتنفيذ قرارات مجلس الأمن. كما تأمل تسوية الخلاف مع ايران، من خلال انخراطها في مسار تفاوضي على أسس واضحة وثابتة، على قاعدة صفقة وقف التخصيب في مقابل تجميد العقوبات الدولية». وجددت الدول الست طرح رزمة الحوافز التي كان سولانا نقلها إلى طهران في 14 حزيران (يونيو) 2008، وتؤكد حق ايران في امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، مع تعهد بتزويدها الوقود النووي الضروري لتشغيل مفاعلاتها النووية، شرط وقف التخصيب على الأراضي الإيرانية. وتوقعت وكالة الأنباء الرسمية الايرانية (إرنا) ان تتواصل هذه المحادثات حتى اليوم الجمعة، ونقلت عن «مصادر مطلعة» في جنيف قولها ان «بريطانيا وفرنسا تسعيان الى عرقلة مسيرة المحادثات وحرفها عن مسارها البناء والطبيعي»، موضحة ان «الاجواء في جنيف تشير الى حدوث خلافات جدية في وجهات النظر بين الدول الست، اذ تؤكد الدول الاخرى المشاركة ضرورة الابتعاد من القضايا المثيرة للخلاف ومواصلة الحوار». متقي في واشنطن وعشية محادثات جنيف، ناقش وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي الملف النووي الايراني مع نائبين اميركيين خلال زيارة نادرة لواشنطن الاربعاء الماضي. وأفادت «إرنا» بأن الاجتماع مع عضوين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، تناول خصوصاً «الموقع النووي الجديد قرب قم». وأكد متقي للنائبين ان طهران «لن تتخلى عن حقها» في امتلاك التكنولوجيا النووية، مشدداً على ان ايران «لا تنوي الانسحاب من معاهدة الحد من الانتشار النووي». وأكد ان «ايران تعاونت على الدوام مع الوكالة الذرية، وهي مستعدة للسماح بدخول مفتشين» الموقع. وعلى رغم ان زيارة متقي الى واشنطن هي الاولى لوزير خارجية ايراني منذ تلك التي قام بها كمال خرازي العام 1998 خلال عهد بيل كلينتون، قلل الناطق باسم الخارجية الاميركية أيان كيلي من أهميتها، مشيراً الى ان متقي لم يلتقِ «أحداً في وزارة الخارجية او البيت الابيض او مجلس الامن القومي». وأوضح ان متقي «كان يريد التوجه الى شعبة المصالح الايرانية في السفارة الباكستانية، وقبلنا هذا الطلب». ولا تقيم الولاياتالمتحدةوايران علاقات ديبلوماسية منذ العام 1980. في غضون ذلك، افادت قناة «برس تي في» الفضائية الايرانية بأن الوكالة الذرية طلبت مزيداً من التفاصيل حول المنشأة الجديدة للتخصيب. وأضافت ان مدير العمليات في الوكالة الذرية هيرمان ناكيرتس طلب من ايران في رسالة، تزويد الوكالة «باسم وموقع (المنشأة) ومرحلة البناء وخطط ادخال المواد النووية» اليها. وزاد ان «الوكالة ستقدر كذلك منحها السماح بالدخول الى المنشأة بالسرعة الممكنة». في موسكو، قال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان باريس «اقرب الى تأييد» اقتراح طهران ان يخصّب طرف آخر اليورانيوم لتغذية مفاعلها للبحوث. وقال لاذاعة «صدى موسكو»: «لست من محبذي العقوبات التي تطاول الشعب. احيانا يكون ذلك ضرورياً لكننا لا نتحدث عنه في الوقت الحاضر». لكن سيلفان شالوم نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي اعتبر المحادثات «مضيعة للوقت. الايرانيون لن يتخلوا ابداً عن خططهم بأن يصبحوا دولة نووية». وقال ان محاولة فرض عقوبات في اطار مجلس الامن على ايران، هي ايضاً «مضيعة للوقت»، اذ من غير المرجح ان تؤيد الصين وروسيا خطوة مماثلة.