شدد الرئيس الشرفي للمجلس العربي للمياه رئيس جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، على أن الشعب المصري رفض «الإرهاب والتطرف والتخلف والعودة إلى عصور الظلام». وقال في كلمته خلال افتتاحه المنتدى العربي الثالث للمياه في القاهرة أمس (الثلثاء)، بحضور رئيس الجهة المنظمة لمنتدى «المجلس العربي للمياه» الدكتور محمود أبوزيد، وممثل الأمين العام للجامعة العربية السفيرة شهيرة وهبي، ووزير الزراعة المصري الدكتور عادل البلتاجي، ووزير الموارد المائية والري المصري الدكتور حسام المغازي، ورئيس وزراء السودان السابق الدكتور الصادق المهدي، وعدد من وزراء المياه والزراعة العرب، وكبار المسؤولين والخبراء من مختلف الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية، «نستحضر في هذا المقام الكلمات الحازمة لسيدي خادم الحرمين الشريفين ومشاعره الصادقة، التي تشع إسلاماً وعروبة نبلاً ورجولة في آب (أغسطس) 2013 (لقد تابعنا، ببالغ الأسى، ما يجري في وطننا الثاني مصر، من أحداث تسر كل عدو كاره لاستقرار مصر وأمنها وشعبها، وتؤلم في ذاك الوقت كل محب حريص على ثبات الصف المصري ووحدته، الذي يتعرض اليوم لكيد الحاقدين في محاول فاشلة – إن شاء الله – لضرب وحدته واستقراره)، واستطراده مهيباً ب(رجال مصر والأمتين العربية والإسلامية، والشرفاء من العلماء، وأهل الفكر والوعي والعقل والقلم، أن يقفوا وقفة رجل واحد، وقلب واحد، في وجه كل من يحاول أن يزعزع دولة لها في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية مكان الصدارة مع أشقائها من الشرفاء)، ثم إعلانه الحاسم لموقف المملكة، من دون تردد أو خشية (وليعلم العالم أجمع، أن المملكة العربية السعودية، شعباً وحكومة، وقفت وتقف اليوم مع أشقائها في مصر ضد الإرهاب والضلال وكل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية)». وحذّر من أن «الأمن العربي مهدد بمخاطر كبيرة قد تصيبه جرّاء نقص المياه وهي أخطر من القضايا السياسية، إذ يجب أن يكون هناك اقتراحات كبيرة لإنقاذ قضية المياه في الأمة العربية التي تتفاقم يوماً بعد آخر»، مشدداً على أن «هناك إرهاباً وقرصنة على المياه»، داعياً إلى ضرورة «تفعيل دور مجلس الأمن في التصدي لذلك، إذ إن نقص المياه يؤدي إلى كوارث كبيرة في الغذاء والزراعة والعديد من المجالات التي تدفع بمزيد من العطش والجوع والفقر». وقال: «إن قوة العرب ستمنع الابتزاز المائي والقرصنة المائية، وستقف بالمرصاد للإرهاب المائي في شتى صوره»، موضحاً أن «الفجوة المائية بين العرض والطلب تنذر بخطر يتفاقم يوماً بعد آخر، فكلما ازداد العطش ازداد الجوع، وكلما استفحل الاثنان استشرى الفقر في أبشع صوره، وحيثما حل الفقر تتقلص فرص التنمية والنمو، وأينما تناقصت هذه الفرص ضاعت حرية الرأي وامتلاك القرار». إلى ذلك، وضع الرئيس الشرفي للمجلس العربي للمياه رئيس جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، حجر الأساس للمقر الجديد للمجلس في ضاحية التجمع الخامس في القاهرة الجديدة أمس (الثلثاء) فوق الأرض التي خصصتها الدولة المصرية لإنشاء مبنى جديد بدلاً من المبني الموقت الذي يشغله المجلس الحالي في مدينة نصر، وذلك بعد تدشينه المنتدى، والمعرض المصاحب له. كما أعلن تبرعه للمجلس سنوياً بمبلغ 500 ألف دولار مدة خمسة أعوام متتالية، كدعم سنوي مقدم من المملكة لإيجاد حلول مبتكرة لمشكلة نقص المياه. ويبحث مع رئيس الوزراء المصري القضايا المشتركة وبحث الرئيس الشرفي للمجلس العربي للمياه رئيس جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، خلال لقائه في القاهرة أمس (الثلثاء) رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب، العلاقات السعودية – المصرية، إضافة إلى عدد من القضايا المشتركة. نص كلمة الأمير خالد بن سلطان استهل كلمتي بأن أحيي، من أرض الكنانة، شعب الكنانة، أرض ذات تاريخ وحضارة، وشعب ذو علم وثقافة، قادر بوعيه على لجم كل عنف، وإيقاف كل تطرف، شعب بنيانه حصين، واختراقه عسير، لم يتخلَّ على مدى تاريخه عن دوره الريادي حرباً وسلماً، فظلت مصر، أبداً، ثقافة وفناً، علماً وبحثاً رقياً وفكراً جعلها الله آمنة مطمئنة وأدامها شامخة عزيزة منيعة محروسة. أحيي هذا الشعب الأصيل، الذي يثبت كل يوم عروبته وخدماته للإسلام، ورفضه الإرهاب والتطرف، والتخلف والعودة إلى عصور الظلام، أحييه لوقوفه صفاً واحداً، في مشهد غير مسبوق في التاريخ، وراء قيادة وطنية، أنقذت مصر والعالمين: العربي والإسلامي، وأفشلت مخططاً تخريبياً وهدمت أطماعاً دنيوية وأبعدت شبح التقسيم طائفياً كان أو مذهبياً أو عرقياً، ورسمت خريطة للمستقبل وأوفت بالتزاماتها واستحقاقاتها، فحق هذا الشعب الأبي: موفور التحية وعميق التقدير. كما أحيي القائد البطل الذي خرج مستعداً للشهادة دفاعاً عن حقوق الشعب وأمنه الوطني، ولم يخشَ إلا الله فحق له أن يلتف الشعب حوله ويحبه من القلب، ويحمل معه المسؤولية ويؤدي معه الأمانة، ثقة بوطنية القائد وشجاعته وإيثاره. وبالشعب وقيادته الوطنية يشعر المخلصون في الأمة بالأمان ويلحق بالمتخاذلين الخزي والخسران، ولنستحضر في هذا المقام الكلمات الحازمة لسيدي خادم الحرمين الشريفين ومشاعره الصادقة، التي تشع إسلاماً وعروبة نبلاً ورجولة في آب (أغسطس) 2013. «لقد تابعنا، ببالغ الأسى، ما يجري في وطننا الثاني مصر، من أحداث تسر كل عدو كاره لاستقرار مصر وأمنها وشعبها، وتؤلم في ذاك الوقت كل محب حريص على ثبات الصف المصري ووحدته، الذي يتعرض اليوم لكيد الحاقدين في محاولة فاشلة - إن شاء الله - لضرب وحدته واستقراره». واستطراده مهيباً «برجال مصر والأمتين: العربية والإسلامية، والشرفاء من العلماء، وأهل الفكر والوعي والعقل والقلم، أن يقفوا وقفة رجل واحد، وقلب واحد، في وجه كل من يحاول أن يزعزع دولة لها في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية مكان الصدارة مع أشقائها من الشرفاء». ثم إعلانه الحاسم لموقف المملكة، من دون تردد أو خشية «وليعلم العالم أجمع، أن المملكة العربية السعودية، شعباً وحكومة، وقفت وتقف اليوم مع أشقائها في مصر ضد الإرهاب والضلال.. وكل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية». وفي رسالته إلى رئيس الجمهورية، في حزيران (يونيو) الماضي، أوضح من دون لبس أو خفاء «أن المساس بمصر، مساس بالإسلام والعروبة وبالمملكة». صدقت يا سيدي، أوجزت وأوفيت فكلماتك: قوة وحزم، وحكمة وحنكة. خطوة إيجابية في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية الإخوة الحضور أتوجه بالشكر والتقدير إلى صاحب المعالي الأستاذ الدكتور محمود أبوزيد، رئيس المجلس العربي للمياه، لتوجيهه الدعوة للمشاركة في المنتدى العربي الثالث للمياه، الذي يشارك فيه نخبة من صناع القرار والمسؤولين والخبراء والباحثين والعاملين في مجال المياه في المنطقة العربية، مؤتمر يشكل خطوة إيجابية، في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية للتنمية المستدامة ومتطلباتها وتعزيز التعاون العربي في مجالات المياه، وتوحيد الجهود تحقيقاً لأمن: الطاقة والماء والبيئة والغذاء. ويسعدني أن نلتقي لنبحث في قضية تعدُّ من أخطر قضايانا، وهي مستقبل المياه في أمتنا العربية، لقد اختير الشعار العام للمنتدى ليكون «معاً نحو مستقبل مائي عربي آمن» شعار شامل ومتفائل، إلا أن تنفيذه يتطلب أن تتمتع الدول العربية بحد أدنى من درجات الوحدة السياسية أو الاتفاق الاقتصادي أو التوافق الاجتماعي، حتى لا تتفتت الجهود وتتبخر الآمال وتتفرق المصالح، كلي أمل أن نوفق في مؤتمراتنا هذه، ونحقق ما يرفع من شعارات، وأن نتجاوز ما يعوق تقدم دولنا، ونركز جهودنا في توفير قطرة الماء النظيفة الآمنة، إذ الفشل أو العجز في ضمان الحد الأدنى من الأمن المائي العربي، قد يهدد بموجة عاتية أشد وأقسى من عدم الاستقرار: السياسي والاجتماعي، تصيب الدول العربية كافة. الديبلوماسية في مجال الموارد المائية المشتركة لقد راجعت المحاور الثلاثة التي تركز حولها بحوث المنتدى العربي الثاني للمياه وتوصياته، الذي عقد في القاهرة، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، وقارنتها بالمحاور الثلاثة لمنتدانا الحالي، فلمست تشابهاً كثيراً من موضوعاتهما، لذا سأركز حديثي في أخطرها وأهمها، وهي: السياسات المائية والديبلوماسية في مجال الموارد المائية المشتركة، والتغيرات المناخية، والاستعداد لمواجهة تأثيرها في الأمن الغذائي وأخيراً إدارة العرض والطلب وتعريفة المياه، واستعاضة كلفتها. أولاً: السياسات المائية والديبلوماسية في مجال الموارد المائية المشتركة. لفتني أن أكثر الحلول والاقتراحات والدراسات واردة وبالتفصيل في اتفاق قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1997، وأذكّر حضراتكم بمادتين فقط من مواد الاتفاق، هما: المادة الخامسة، الانتفاع والمشاركة المنصفان والمعقولان، والسابعة، الالتزام بعدم التسبب في ضرر ذي شأن لدول المجرى المائي الأخرى، وفي حال احتمال وقوعه يجب إزالته فوراً أو تخفيفه. ولعلنا نتساءل: من سيجبر المعتدي ليعود إلى جادة الصواب، وعدم التعسف في استعمال ما يدّعي أنه حق له؟ ومن سيجبر هذا المستغل لوضعه الجغرافي ويوقفه عند حده، ويلزمه العمل بالاتفاق المذكور؟ ومن سيقول له: إن حرب التعطيش وتهديد الأمن المائي، لا يتفق مع الأخلاق والمبادئ، أو المعتقدات الدينية والإنسانية؟! قد يقول قائل: «إن الدول المشتركة في مجرى مائي واحد قد يكون لديها بدائل أخرى، غير ذلك المجرى»، إذا كان هذا الحال يصدق على بعض دوله، فكيف يكون حال دولة أو دولتين ليس لها أو لهما إلا ما يجود به هذا النهر؟ وما الحل أو المخرج إن لم تضع دول المنبع في حسبانها الأخطار المؤكدة الحدوث، وتقبل إجراء الدراسات العلمية العادلة، وتستمع إلى وجهات النظر المختلفة، وتراعِ المصالح المتبادلة حتى يبقى المجرى المائي مصدراً للتعاون لا للصراع؟. تطبيق ميثاق الأممالمتحدة في حق مغتصبي الحقوق المائية ألا يستدعي الأمر تطبيق مجلس الأمن الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة في حق المعتدين ومغتصبي الحقوق المائية؟ إذ القوة ستمنع الابتزاز المائي والقرصنة المائية، وستقف بالمرصاد للإرهاب المائي في شتى صوره. ثانياً: التغيرات المناخية والاستعداد لمواجهة تأثيرها في الأمن الغذائي، كشف تقرير أعده الفريق المعني بتغير المناخ التابع للأمم المتحدة أن هذا التغيير سيعطل الإمدادات الغذائية في العالم، وسيبطئ النمو الاقتصادي، ويلحق أضراراً بالبيئة الطبيعية، يتعذر إصلاحها. وينتج من ذلك: نقص في الغذاء والمياه، وانقراض للحيوانات والنباتات، وفرض ضغوط أكثر على الحكومات من أجل اتخاذ إجراءات عملية لمواجهة هذا التغيير، والسؤال: هل هذه القضايا استُجدت أم سبق توقعها والإعلان عنها: فإذا عدنا إلى الوراء خمس سنوات، لقرأنا في تقرير «التنمية الإنسانية العربية للعام 2009، الصادر من برنامج الأممالمتحدة الإنمائي» الضغوط نفسها على الموارد المائية، بل سنلاحظ أن تلك الضغوط ازدادت سوءاً، والتحسن المنشود غير وارد في الحسبان، ولا يخفى عليكم أن انعدام الأمن الإنساني سيؤدي إلى تقويض التنمية المستدامة بأبعادها كافة. ونتساءل: إذا كنا نعرف كل ذلك منذ خمسة أعوام، فأين الحلول المبتكرة والبدائل الإبداعية؟ للأسف، العبارات الإنشائية في طرح الحلول أكثر من الإجراءات الحازمة القابلة للتنفيذ أو التصميم الجاد على الإنجاز ومرد هذا كله إلى غياب الثلاثية: «الإدارة والإرادة، والقوة، التي تفرضهما وتحميهما». إدارة العرض والطلب وتعريفة المياه ثالثاً: إدارة العرض والطلب، وتعريفة المياه، واستعاضة كلفتها: إن الفجوة المائية بين العرض والطلب تنذر بخطر يتفاقم يوماً بعد يوم، إذ كلما ازداد العطش ازداد الجوع، وكلما استفحل الاثنان استشرى الفقر في أبشع صوره، وحيثما يحل الفقر، تتقلص فرص التنمية والنمو، وأينما تناقصت هذه الفرص ضاعت حرية الرأي وامتلاك القرار، إن تجاوز الفجوة المائية الحالية في المنطقة العربية لا يكون إلا بالإدارة الحكيمة: ترشيداً للاستهلاك وتنمية للموارد المتاحة، وإضافة لموارد مائية جديدة تقليدية وغير تقليدية، فضلاً عن ضرورة الاهتمام بالفرد قدر اهتمامها بالمياه، إذ هو المستهلك والمرشد وهو المبدع والمقرر، وهو من سيتولى الإدارة العلمية الصحيحة. وقد اقترحت، في مناسبات سابقة، أهمية تسعير «سلعة المياه»، لاتزان الطلب مع العرض، وما قصدته وأقصده هو التسعير العادل للمياه، فالمياه المجانية أو شبه المجانية هي مياه مهدرة، وإن فرض تعريفات للمياه من شأنه ترشيد استخدامها، وتحقيق استرجاع كلفتها بشكل تدريجي، وتعزيز للعدالة، من خلال دعم مالي هادف للأسعار فضلاً عن تشجيع استثمارات القطاع الخاص، والشراكات بينه وبين القطاع العام، في تقديم مياه نظيفة، وخدمات صحية مأمونة، مع المحافظة على الشفافية والمساءلة. الإخوة الحضور أدعو الله أن يكون تفكيرنا عند اقتراح الحلول والبدائل من «خارج الصندوق»، كما يقال: إذ لا بد من الإبداع في المقترحات خصوصاً ما فتحته تقنية النانوتكنولوجي من اكتشافات علمية في معظم المجالات، فهذا ما يجب أن ينفذ ويشجع بالتوازي مع الوسائل التقليدية المتطورة، وعلماؤنا المخلصون قادرون – بمشيئة الله – على ذلك، كما كانوا دوماً، على مدى العصور، عند حسن ظن أمتهم بهم. في الختام: يقول المولى – عز وجل – (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).