بعد أسابيع من رفض إسرائيل التعاطي مع تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (تقرير غولدستون) وتوصيته لها بإقامة لجنة إسرائيلية لفحص ممارسات الجيش الإسرائيلي في حربه على غزة مطلع العام الجاري، يميل أركان الدولة العبرية إلى تشكيل لجنة كهذه الغرض الرئيس منها قطع الطريق على شكاوى ضد مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين تقدم إلى محاكم في أنحاء اوروبا أو إلى المحكمة الدولية في لاهاي. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أفلت أمس من الاعتقال في لندن بعد أن رفضت محكمة فيها طلباً تقدم به محامون بريطانيون باسم 16 فلسطينياً من غزة باعتقال باراك بتهم ارتكاب جرائم حرب في العدوان الاسرائيلي على غزة. وبضط إسرائيلي على أعلى المستويات على الحكومة البريطانية أبلغت وزارة الخارجية البريطانية المحكمة أن باراك ضيف رسمي ولا يجوز اعتقاله لأنه يتمتع بحصانة برلمانية كنائب لرئيس الحكومة الإسرائيلية. وبحسب الصحف الإسرائيلية فإن باراك "الذي رأى في الدعوى ضده مؤشراً لما ينتظر مسؤولين إسرائيليين آخرين وخصوصاً العسكريين"، يعتزم توصية الحكومة بتشكيل "لجنة فحص" إسرائيلية للادعاءات بقيام الجيش الإسرائيلي بالمساس بمدنيين فلسطينيين خلال الحرب على غزة. واقترح باراك على رئيس المحكمة العليا السابق القاضي أهارون باراك ترؤس هذه اللجنة نظراً للمكانة الرفيعة التي يحظى بها في العالم "ما سيسهل على إسرائيل مهمة مواجهة تقرير غولدستون، قضائياً وإعلامياً". وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إن اللجنة لن تكون مخولة البحث في قرار شن الحرب على القطاع أو أي قرار استراتيجي يتعلق بإدارة الحرب، إنما فقط في أحداث عينية أصيب فيها مدنيون، كما أنها لا تتمتع بصلاحيات "لجنة تحقيق رسمية". ولاحقاً نفى الوزير باراك أن يكون توجه للقاضي باراك لترؤس لجنة فحص وقال في بيان اصدره إنه يثق بالتحقيقات التي أجرتها طواقم الجيش الإسرائيلي في ما حصل في غزة خلال الحرب. من جهتها أفادت الإذاعة العسكرية أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يجري اليوم اتصالات مع أبرز أركان حكومته لفحص إمكان تشكيل لجنة لتقصي الحقائق من دون استبعاد أن يقترح ذلك في جلسة الحكومة غدا الخميس. من جهته دعا السفير الإسرائيلي في بريطانيا رون بروسؤور الحكومة الإسرائيلية إلى الشروع بتحضير ملفات قضائية ضد "جهات إرهابية" والتقدم بدعاوى ضدها إلى محاكم اوروبية رداً على الدعاوى التي يتم تقديمها ضد مسؤولين إسرائيليين سياسيين وأمنيين. وبحسب الصحف الإسرائيلية فإن أبرز المرشحين للتعرض لدعاوى بالاعتقال هم رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غابي اشكنازي وقائد سلاح الطيران اللواء عيدو نيحوشتان، ورئيس الشاباك يوفال ديسكين وقائد كتيبة المظليين السابق هرتسي ليفي وقائد فرقة غولاني آفي بيلد وفرقة غفعاتي ايلان مالكا. ورأى المعلق القضائي في الصحيفة في نية باراك تشكيل لجنة فحص خنوعاً متأخراً لإملاءات تقرير غولدستون "لكنها خطوة مستوجبة ستحرر إسرائيل من نير القانون الدولي وتشكل رداً مناسباً لتقرير غولدستون وتبقي على صورة إسرائيل من الناحية الأخلاقية وكدولة تحافظ على القانون".