طهران، موسكو، بكين - أ ب، رويترز، أ ف ب - استبقت إيران محادثات جنيف غداً مع الدول الست المعنية بملفها النووي، بتأكيد رفضها التخلي عن «حقوقها السيادية» وبينها المنشأة الجديدة لتخصيب اليورانيوم، ملوّحة بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، إذا لم يسفر الاجتماع عن أي نتيجة. وأكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا على أولوية تسوية الملف النووي خلال محادثات جنيف، فيما واصلت روسيا والصين الدعوة الى تهدئة الأجواء ورفض فرض عقوبات اضافية على ايران التي بدت واثقة من عدم تأثرهما ب «الأجواء التي أثارها الغربيون». وقال رئيس «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» علي أكبر صالحي: «اذا كان من حقوقنا ان نخصّب اليورانيوم ونحوله لصنع الوقود، سنفعل ذلك. لن نعلّق هذا البرنامج لأنه حق سيادي لنا». وأكد ان ايران «لن تتاجر بحقوقها السيادية» ولن تتخلى عن نشاطاتها النووية «ولو لثانية واحدة». وشدد على ان «الموقع الجديد (للتخصيب) جزء من حقوقنا، ولا حاجة لمناقشة الأمر»، مشيراً الى ان ايران «ستبلغ قريباً الوكالة الذرية بالجدول الزمني لتفتيشه». ووصف صالحي المنشأة الجديدة بأنها «محطة طوارئ» في حال تهديد منشأة ناتانز للتخصيب، لكنها «صغيرة نسبياً وليست موقعاً صناعياً مثل ناتانز»، موضحاً انها تقع في «قلب» جبل قرب قم، الى جانب موقع دفاعي تابع ل «الحرس الثوري» لحمايتها من «اي هجوم جوي». تزامنت تصريحات صالحي، مع إصدار 239 نائباً من مجموع 290 نائباً في مجلس الشورى، بياناً حضّ الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) على «اغتنام هذه الفرصة التاريخية»، ملوحاً باتخاذ «قرارات أخرى اذا كررت اخطاء سابقة». في السياق ذاته، حذر النائب محمد كرامي راد وهو عضو محافظ في لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان، من ان المجلس قد يدعو الى انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، اذا لم تسفر المحادثات عن أي نتيجة. في غضون ذلك، رفض سولانا التعليق على تصريحات صالحي، مؤكداً ان «الاختبار» سيكون خلال محادثات جنيف. وقال على هامش اجتماع وزراء الدفاع الأوروبيين في السويد: «هناك مواضيع كثيرة نريد بحثها مع طهران، ولكن علينا ان نسوّي اولاً القضية النووية، والإيرانيون يعلمون هذا الأمر تماماً». وأعرب عن أمله أن تسهم المحادثات في بناء «ثقة كافية للانخراط في عملية نأمل ان تقود الى تسوية هذا الوضع في شكل ديبلوماسي وسياسي»، مستبعداً إمكان الحصول من طهران على «ضمانات بالهدف السلمي لبرنامجها النووي». وقلل ديبلوماسي أوروبي من فرص إحداث اختراق خلال محادثات جنيف، قائلاً ان اللقاء «ليس تفاوضياً بين إيران والدول الست، بل سيكون لاستفسار الجانب الإيراني عن القضايا الجدية القائمة قبل الكشف عن الموقع النووي السري الجديد». وشدد المصدر ذاته في تصريحات ل «الحياة» على أن «المجموعة الدولية ستختبر غداً الخميس مدى استعداد ايران للاستجابة إلى طلبات الوكالة الذرية وإزالة الغموض حول البرنامج النووي والامتثال لمقتضيات حظر الانتشار النووي». وحذر رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ايران من «العزلة» اذا لم «تنضم الى المجتمع الدولي»، فيما اعتبر وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني ان خطر فشل مفاوضات جنيف «حقيقي، وسيعتمد على عمل المفاوضين». وفي نيويورك، قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان ايران خرقت قرارات مجلس الامن بتشييدها المنشأة النووية الجديدة وتصرفت «بما يتنافى مع قراراته» ومن دون «الشفافية» المطلوبة في ابلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية. واكد في مؤتمر صحافي انه اوضح موقفه هذا للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد خلال اجتماعهما الذي يبدو انه كان عاصفا، وقال «قلت له ان هذا يتعارض مع قرارات مجلس الأمن، وان على ايران التعاون الكامل مع الوكالة الذرية وتأمين الشفافية» في نشاطها النووي. واضاف «ان عبء الاثبات يقع على ايران لتقدم الادلة على ان برنامجها سلمي». ونفى بان ان يكون يتصرف بناء على تنسيق مسبق مع الدول الغربية وقال «ان قرارات مجلس الامن انتهكت وانا اتصرف بناء على كوني الامين العام» وعشية اجتماع جنيف، اكد سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي ان المناورات الصاروخية التي أجرتها ايران أخيراً يجب ألا تكون «ذريعة لتأجيج المناقشات حول فرض عقوبات» أشد عليها. وقال ان موسكو تودّ ان ترى «تقدماً كبيراً» خلال اللقاء، مشيراً الى ان «الدول الست مهتمة قبل كل شيء بتحقيق تقدم في تسوية البرنامج النووي الإيراني». في الوقت ذاته، دعت الصين الى «اتخاذ مزيد من الخطوات لتهدئة التوتر وحلّ المشاكل، وليس العكس». وعلى رغم ان واشنطن تعتبر ان موسكووبكين اقتربتا اكثر من موقفها المتشدد حيال طهران، أكد مهدي صفري مساعد وزير الخارجية الإيراني ان لروسيا والصين «مواقف مستقلة في المجال الدولي». وقال خلال زيارته موسكو ان «الدلائل تشير الى ان روسيا والصين لن تتأثرا بالأجواء التي أثارها الغربيون إزاء النشاطات النووية السلمية الإيرانية، وستنظران الى هذا الموضوع بواقعية وعدالة». في غضون ذلك، تترقب الولاياتالمتحدة اجتماع جنيف «من دون أي أوهام حول نيات» طهران، كما قال مسؤولون أميركيون معنيون بالملف الإيراني. وتؤكد مصادر الإدارة الأميركية ل «الحياة» أن «نهج المسارات المتوازية بين الحوافز والعقوبات ساري المفعول» وأن واشنطن بدأت محادثاتها مع شركائها الأوروبيين وروسيا والصين حول خيارات العقوبات الدولية وخصوصاً تلك التي تستهدف قطاعات النفط والمصارف والاتصالات، بهدف إرغام النظام الإيراني على تقديم تنازلات.