أكد وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يُعد مرجعية لعملية السلام، ويحوي ضمانات للفلسطينيين، مشيراً الى أن البحرين مستعدة للقيام ب«ألف خطوة وخطوة» لتشجيع جهود أوباما في حال وقف الاستيطان. وقال إن المنامة ستكون «من أول الذي يخطون إن بدأت عملية سلام حقيقية»، مشدداً على أن نصف المسؤولية في ذلك يقع على عاتق العرب. يبدو أن الولاياتالمتحدة و بريطانيا وفرنسا عقدت العزم على تصعيد العقوبات على ايران إذا لم تتجاوب مع مطالب مجلس الأمن. ما هو المطلوب منكم كعرب في اطار تشديد العقوبات على طهران؟ - اجتمعنا مع الدول الثلاث ولم نسمع منها أنها تنوي التشديد، ولكن سمعنا أن هناك إجتماعاً قادماً ونتمنى لهذا الاجتماع التوفيق. ما يهمنا أكثر من الاجتماع هو علاقتنا مع ايران. يجب أن تكون علاقتنا مع ايران على ما يرام، وواضحة ومبنية على حوار جاد يفضي الى صورة واضحة. تتحدث عنكم أنتم كبحرين أو عن مجلس التعاون الخليجي ككل؟ - لا أتكلم فقط عن مجلس التعاون. أتكلم عن منطقة الدول العربية التي تشكل مجلس التعاون، زائد مثلاً مصر والأردن وعدداً من الدول وحتى سورية وتركيا. في كل المنطقة، يجب أن تكون هناك صورة واضحة حول علاقتنا مع بعضنا بعضاً. هذه الصورة ليست موجودة اليوم. أنتم كوزارة مجلس التعاون الخليجي اجتمعتم مع وزيرة الخارجية الأميركية ما بعد الإنذار الذي وجهه الوزراء الثلاثة، إذا صح التعبير. ماذا قالت لكم عن هذا الموضوع؟ ماذا طلبت منكم؟ - قالت لنا إنهم ما زالوا متمسكين بموقفهم بمد يد الحوار الى ايران. وهذه خطوة طيبة جداً. وأنا عندما اجتمعت مع وزير خارجية ايران قلت له إن «هذه مبادرة جيدة وأرجو أن لا تفوتوا الفرصة». في اجتماعي الثنائي معه هنا في الأممالمتحدة، قلت: لا تفوتوا الفرصة لأنه في الحقيقة، نحن كجيرانكم وأصدقائكم في المنطقة نرى فيها بارقة أمل للأستقرار و للتنمية». طبعاً لا بد أنه احتج على الموقف الثلاثي. ولكن الرئيس الإيراني تحدث بلغة التوعد لهم بالندم. - لم يحتج في الاجتماع معي على الموقف الثلاثي. قال: نحن ندرس الأمر بعناية الآن. ووقف عند هذه النقطة، فنحن نأخذ الكلام بالإيجاب انشاء الله. قبل أن أعود الى الموضوع الأوسع المعني بإيران، هل بحثتم مع الوزير الخارجية الايراني في الشكوى البحرينية من التدخل الإيراني في شؤونكم الداخلية؟ - هناك دائماً حوار متواصل بيننا وبين ايران يغطي كل الشؤون الداخلية في البحرين إذا حصل تدخل في أي موضوع. وحصلت في السابق تدخلات. يغطي التعاون الثنائي أمور المنطقة، ولكن في هذه المرة لم يكن هناك أي موضوع يشغل بالنا في هذا الشأن. تتحدثون بلغة مختلفة تماماً عن اللغة التي كنتم تتحدثون فيها منذ سنة. ماذا حصل؟ - منذ سنة، كان هناك كلام سمعناه عن مطالبات. تتذكرين عندما سمعنا كلام من داخل ايران أن البحرين «محافظة» وما شابه ذلك. الحقيقة، سمعنا أن ايران اتخذت موقفاً مسؤولاً من هذا بعد الحدث الذي صار، وبعد ردود فعل الدول العربية الى جانب أشقائها في البحرين. الحقيقة أن الحكومة الايرانية تحملت المسؤولية. وحتى الآن لم يحدث أي شيء من ذلك النوع. هل توقف التدخل (الايراني) في البحرين؟ - أقدر أن أقول إن تلك الحادثة توقفت عند حدها. لكن أنت لا تعلمين كيف تتطور الأمور. لا أقدر أن أقول إن التدخل توقف أم لا. البحرين ليست وحدها في المنطقة. ننظر الى المنطقة ككل. كمجلس تعاون، فإن أي تدخل في دولة أخرى، أعتبره تدخلاً في شأني. فالمسألة دائماً مفتوحة. وأقول لك إنه ليست هناك صورة واضحة وليس هناك تفاهم، وهذا هو المطلوب. ومن يفترض أن يقود ذلك التفاهم؟ - عمل جماعي مشترك. يجب أن يكون هناك حوار جاد ما بين ايران وجيرانها العرب في المنطقة حول نوعية العلاقة التي ستكون بيننا وبينهم. لا نريد أن نصل الى نقطة في المستقبل بعلاقات سيئة وثم تتبدل الموازين والأوضاع ونحن خارج اللعبة. نريد أن نكون، وفي الأخص مع ايران، على تفاهم واضح وفي صورة واضحة. هذا جداً جداً مهم وحيوي بالنسبة الينا. أتريد لمجلس التعاون الخليجي أن يتخذ هذه المبادرة؟ أو أنك تتحدث عن أدوار للدول الرئيسية في المنطقة العربية مثل السعودية و مصر مثلاً؟ - أرى أن هذا الشيء يجب أن يكون فيه بُعد عربي وليس فقط في مجلس التعاون الخليحي. يجب أن يكون هناك بعد عربي لأن هناك لاعبين عرباً كباراً يجب أن يكون لهم دور في شكل أو آخر. وأتمنى ذلك لأنه لو نجح أو فشل، فسيضع النقاط على الحروف، إن نجح أو فشل. بمعنى أنك تخشى أن يدفع العرب ثمن الضربة العسكرية إذا أتت؟ - سندفع ثمن الضربة العسكرية، وثمن أي اتفاق لسنا جزءاً منه، وسندفع ثمن أي عدم تفاهم. وستعاني أجيال من البعد الشاسع الذي يفصلها. لا نريد أن ندفع (الثمن)، ليس لدينا ما يغطي هذا كله. الرئيس العراقي جلال طالباني قال لي في حديث إن هناك تفاهاً ضمنياً بين الولاياتالمتحدةوايران في العراق. ما رأيك في ذلك؟ - والله هذا كلام إذا سمعته من فخامة الرئيس العراقي، فخامة الرئيس العراقي لا يقول كلاماً من عبث. هو رئيس العراق وإذا قال إن هناك تفاهماً ضمنياً، فإن هذا كلام جميل أن نسمع به وأن يكون هناك تفاهم. المطلوب الآن هو أن يكون هذا التفاهم الضمني على نطاق أوسع ما بين ايرانوالولاياتالمتحدة ودول المنطقة على شؤون المنطقة. يكون الاتفاق والتفاهم الكامل بين دول المنطقة وليس بين طرفين فقط. كنت تقول أن هناك مشروعاً ايرانياً في الشرق الأوسط يختلف عن المشروع الذي تريدونه أنتم في البحرين مثلاً. هل يمكنك أن توضح ذلك؟ - كل دولة لديها مشروع يرضي أفكارها وطموحاتها في شكل أو آخر، ويتماشى ويتوافق تاريخياً مع تطورها. كل ما نريده هو أن نوفق بين كل الطموحات. لكن لا نريد لها أن تتجاوز وتتدخل وتأكل من طموحات الآخرين. هل تقول إن ايران توقفت عن مشروع الهيمنة في منطقة الشرق الأوسط؟ - لم أقل ذلك. كل ما أقوله إن كانت هناك مشاريع متضاربة وغير متفاهمة في المنطقة، فيجب أن نعمل نحو التوفيق بينها. هذا ليس موجهاً ضد أحد. الفكرة ليست موجهة ضد اسرائيل أو الغرب. وليس هناك توجه للتحالف في أي شكل أو انشاء حلف جديد في منطقة الشرق الأوسط. المسألة وما فيها أننا نريد أن نتفاهم مع ايران كجارة قريبة منا. ونريد أن ينظر الينا العالم بأننا نتحمّل مسؤولياتنا في المنطقة ونتفاهم مع بعضنا بعضاً ولسنا جالسين لا نفعل شيئاً. سبق أن دعيت الى شبه نظام أمني جديد يضم ايران وإسرائيل. ماذا حدث لتلك الفكرة؟ هل دفعت ثمناً غالياً لأنك أطلقتها؟ - لا، لم أدفع ثمناً غالياً. أنا جالس هنا معك في الدورة ال64 للجمعية العامة، ولا أزال أمثل بلادي في هذا المكان. ما أقوله إن الأحداث أثبتت أن هناك حاجة إلى مثل هذا النظام الأمني في المنطقة الذي يجمع الكل. وأرجو أن لا نسميه «نظاماً أمنياً» لأن هذه الكلمة متطورة جداً، ولمرحلة متطورة جداً. لنسمّه منظومة أقليمية. كنا نقول إن اللاعبين الكبار الذين لهم دورهم هم اسرائيل وتركيا وإيران. نريد أن يكون للعرب دور لاعب قوي. اليوم عندما يقع خلاف ما بين دولتين عربيتين مثل العراق وسورية، فإن اللاعبين الكبار هم الآخرون. إذاً أصبح اللاعبون هم الجيران والملعب الذين يلعبون فيه هو الدول العربية. نريد أن نكون لاعباً، وليس ملعباً. أتخشى تطور الخلاف العراقي - السوري؟ - طبعاً، الخلاف العراقي - السوري ليس الخلاف العراقي - السوري الكلاسيكي الذي رأيناه سابقاً، والمعروف بين الأنظمة. هذا الخلاف أخذ بعداً دولياً وجاء في فترة ضعف عمل عربي مشترك، وجاء لاعبون من الخارج. أشيد بوساطة تركيا في هذا الموضوع، لكن ألسنا الأولى بهذه الوساطة؟ لماذا لا تقدمون أنفسكم وسيطاً؟ كما أن الجامعة العربية تحاول أن تكون وسيطاً. - الجامعة العربية دخلت، والحمد لله لم تقصر. إنها مشكورة لأنها دخلت على الخط، وإن كانت متأخرة صراحةً. ولكن المسألة هي أنه يجب أن تكون لنا سياسة واضحة. وفي اللحظة الذي يصير خلاف مثل هذا، نكون أول المبادرين؛ وتكون لدينا سياسة واضحة بالتعامل مع هذه الخلافات. فالمسألة ليست مسألة ردود أفعال. هل لكم موقف من دعوة رئيس الوزراء العراقي إلى إنشاء محكمة دولية؟ - ليس لدينا موقف من هذا الشأن، نتمنى حل هذا الموضوع بأسلوب أخوي بين البلدين حقيقةً. لأنه كلما تفاقم، كلما عانت منه المنطقة. وهذا ليس شيئاً مطلوباً. لنعد الى الموضوع الداخلي في البحرين، طالما نتحدث عن عمليات ارهابية. هل ل«القاعدة» يد في ما تتعرض له البحرين من ارهاب من وجهة نظركم؟ - لم تحدث أي عملية أرهابية في البحرين، إن كانت «القاعدة» أو غيرها. قبضنا على متعاطفين، وعلى ناس تدربوا في الخارج. ولكن الحمد لله، فإن يقظة الجهاز الأمني عندنا، حمتنا من أي يحصل أي شيء من هذا النوع. إذاً لا وجود ل«القاعدة» الآن في البحرين؟ - لم يحدث أي عمل قامت به «القاعدة». قد يكون لهم متعاطفون وهذا موجود الآن في بلدان كثيرة. ولكن والحمد لله، فإن الوضع الأمني سليم الآن ولا يقلقنا. أعود معك إلى اللقاء مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. كيف تحدثت معكم كوزراء مجلس التعاون الخليجي في خصوص موضوع تشديد العقوبات؟ هل المطلوب منكم كدول خليجية عزل ايران بعقوبات مثلاً؟ - لم تطلب منا وزيرة الخارجية الأميركية أي شيء. وزيرة الخارجية الأميركية قدمت لنا إيجازاً عما تنويه الولاياتالمتحدة وبقية الدول الأخرى في التعامل مع الملف الايراني، وقالت إن هناك اجتماعاً قادماً، وأنها ستظل على اتصال معنا في هذا الشأن. فوقفنا عند هذه النقطة ولم تطلب منا أي موقف معين الآن إلا نصح ايران بالتجاوب والتعامل بإيجابية في الاجتماع المقبل. بعد الاجتماع الذي ضم وزراء مجلس التعاون الخليجي، التحق باللقاء وزراء خارجية كل من العراق ومصر والأردن. نعرف أنكم بحثتم في مرجعية عملية السلام و صدَرَ بيان بعد ذلك الإجتماع، رأى فيه بعض الوزراء العرب أنه يمثل مرجعية للمفاوضات التي ستجرى في واشنطن ما بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية أميركية. هل هذا رأيكم؟ - البيان ليس هو المرجعية. في البيان اعتبر أن الخطاب التاريخي للرئيس أوباما أمام الجمعية العامة، والذي أكد فيه إطار كل أمور الخلاف ما بين العرب والاسرائيليين، مرجعية. والحقيقة أن وزيرة الخارجية الأميركية وافقتنا على هذا الشيء. ونعتبر هذا الموقف الأميركي ايجابياً جداً وتاريخياً و غير مسبوق. دعني أدخل في بعض التفاصيل، هل تقصد عندما تحدث الرئيس الأميركي عن قيام دولة فلسطين وإنهاء الأحتلال وعدم شرعية الاستيطان وبدء مفاوضات الوضع النهائي قريباً؟ - كنت موجوداً في القاعة، ولا أعلم إن كنا سمعنا من رئيس الولاياتالمتحدة في الجمعية العامة ذكر كلمة القدس بأنها موضوع خلاف. هذا شيء عظيم. ذكر كل الأمور: اللاجئين والحدود وأنه لن يقبل بشرعية المستوطنات. قال إنه لا يستطيع القبول بالاستيطان والوضع الحالي. وهذا الكلام أقرب الى نظرتنا. أقرب الى المبادرة العربية لحل الخلاف. فنحن علينا الآن لعب دور، كما على الولاياتالمتحدة أن تدافع عن موقفها وكلماتها. حقيقةً، فإن الدور ليس فقط للولايات المتحدة. إذاً ستكون هناك هجمة دبلوماسية للدفاع عن السلام في المنطقة. فنحن كدول عربية تقع علينا نصف المسؤولية. أصحاب المبادرة يتحملون نصف المسؤولية مع الرئيس الأميركي للدفاع عن السلام، بحسب هذه المرجعية الجديدة. يطلب منكم الرئيس الأميركي ووزيرة الخارجية أن تلعبوا دوراً في ترغيب الإسرائيليين في التقدم أو التجاوب أو عبر حلول وسط. ماذا لديكم أنتم كبحرين من خطوات تقومون بها لتشجيع الرئيس الأميركي؟ - لدينا ألف خطوة وخطوة. وأقول وأكرر اننا سنكون من أول الذي يخطون إن بدأت عملية سلام حقيقية. أما أن نتخذ خطوات من أجل وقف بناء المستوطنات ثلاثة أو ستة أو تسعة أشهر، فلا. هذا غير مقبول. الاستيطان مسألة معروفة، يجب أن يتوقف قبل أن نخطو أي خطوة لأنها أرض محتلة. هذه المسألة مسألة خلاف على أرض وشعب طُرد من أرضه. إذا لم يقف الاستيطان، فليس هناك أي خطوة. يجب أن يتوقف الأستيطان أولاً. تتحدث عن شرط مسبق لاستئناف المفاوضات. لكن الرئيس الأميركي قال: «نريد استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة». كان يتوجه للطرف العربي بهذا الموقف. كيف تفسر ذلك؟ - نعم أكيد، لكن نريد أن نرى صورة واضحة لعملية السلام. إذا استؤنفت عملية المفاوضات، فمتى؟ ألن يضعوا نوعاً من الصورة الواضحة بحسب مرجعية خطاب الرئيس الأميركي؟ لنرى جدولاً، ويبدأ العمل. ولن تكون هناك شروط. سنسكت ونصمت وبعدها سترون ألف خطوة وخطوة. هل تنظر الى خطاب الرئيس الأميركي أمام الجمعية العامة على أنه عبارة عن ضمانات للطرف الفلسطيني؟ - أرى أن خطاب الرئيس الإميركي مدون في السجل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وفيه ما يكفي من الضمانات. عندما اجتمعنا مع وزيرة الخارجية، أكدت ذلك وقالت إن خطاب الرئيس أوباما يعتبر مرجعية لإطلاق مفاوضات السلام في المنطقة. إذن لماذا توكل «لجنة المتابعة» مهمة طلب خطاب ضمانات من الرئيس الأميركي الى رئيس وزراء ووزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم؟ - هذه فكرة طُرحت في الاجتماع لكنني أرى أن الضمانات موجودة والكلام موجود وهذا الرئيس صادق ويجب أن نُعينه اليوم قبل الغد. يجب أن لا نضيّع وقتاً في طلب خطابات وأوراق جديدة. هذه مضيعة وقت. الكل مهتم بالتقارب السعودي - السوري وانعكاسته ليس فقط على العلاقة الثنائية، ولكن أيضاً في أماكن عدة بما في ذلك ي العراق ولبنان. ما رأيك في ذلك؟ - كلما انفرجت العلاقات ما بين الدول العربية الفاعلة المؤثرة، كلما أصبح وضعنا أحسن. وكلما ساءت العلاقات، أصبح وضعنا أسوأ. مسألة الانفراج السعودي - السوري مطلوبة. ونحن صراحةً سعيدين بها جداً. كانت الأوضاع دائماً أفضل في المنطقة عندما تكون العلاقة بين السعودية وسورية في وضع جيد.