على رغم الصراع بين الولاياتالمتحدةوإيران على العراق، خلال سنوات الاحتلال، إلا أنهما اتجهتا إلى العمل معاً لمواجهة ما تعتبرانه عدواً مشتركاً، أي تنظيم «الدولة الإسلامية». وتعتبر الضربات الجوية التي نفذتها إيران في العراق في الأيام القليلة الماضية أحدث مظاهر الدور الأقوى الذي تلعبه طهران في الحرب على «داعش». وفي عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن كانت التحركات من هذا النوع ستواجه بالتنديد باعتبارها تدخلاً. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأربعاء: «إذا كانت إيران تستهدف تنظيم «الدولة الإسلامية» في أماكن معينة ويقتصر دورها على استهدافه فإن المحصلة النهائية إيجابية». هذا التغيير في لهجة الولاياتالمتحدة تجاه إيران جدير بالملاحظة فالعلاقة بينهما اتسمت بالعداء الشديد منذ الثورة الإسلامية عام 1979. يأتي هذا في خضم الاتصالات المكثفة بين البلدين منذ سنوات بينما تحاول واشنطن والقوى العالمية الأخرى إقناع طهران بالحد من نشاطات برنامجها النووي الذي تشتبه في أن له أبعاداً عسكرية. كما يأتي بينما يستعد البلدان لصراع طويل في العراق. ويذهب مسؤولون أميركيون إلى ما هو أبعد من قبول الضربات الجوية الإيرانية، ويشيدون بطهران لأنها تلعب دوراً مهماً في وقف تقدم «الدولة الإسلامية»، من خلال تعبئة الميليشيات الشيعية العراقية. وهذا يختلف كلياً عما كان يحدث في ذروة الاحتلال حين اتهم مسؤولون أميركيون تلك الميليشيات بالإرهاب. لكن ما زال الكثير من الغموض يحيط بالضربات الجوية الإيرانية. ولم يؤكد كيري تنفيذها وتنفي إيران ذلك وتكتفي بالقول إنها لا تقدم سوى استشارات عسكرية إلى الحكومة العراقية. إلا أن عدداً من المسؤولين الأميركيين أكدوا الضربات التي نفذت في الأيام القليلة الماضية واقتصرت على منطقة محدودة في شرق العراق وقالوا إنها الأولى من نوعها. وقال مصدر في جهاز الأمن القومي الأميركي، طلب عدم نشر اسمه، إن الضربات التي نفّذتها طائرات من طراز «إف 4» التي صنعت في الولاياتالمتحدة في السبعينات أقلعت من قواعد إيرانية وبدأت قبل أسبوعين تقريباً. وأحجم الجيش الأميركي عن إصدار أي حكم واكتفى بالتحذير من إشعال التوتر الطائفي في العراق. وقال مسؤولون أميركيون إن إرسال إيران طائرات لتحلّق فوق محافظة ديالى لا يثير قلقاً. وأكد مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه أن واشنطن «تعي هذا جيداً فمن غير الواقعي الاعتقاد بأن إيران ستتخذ موقفاً سلبياً من الاضطرابات في العراق». وقال مسؤول آخر «بصراحة هذه ليست مفاجأة. ليس سراً أن لإيران نشاطات عسكرية داخل العراق.» وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة «تعلم جيدا بأمر طائرات التجسس (الإيرانية) التي تحلق فوق الأراضي العراقية كما أن مقاتلي الميليشيات المدعومة من طهران بين أقوى المقاتلين المرهوبي الجانب». ويثير تزامن النشاطات العسكرية الأميركية مع نشاطات إيرانية مماثلة في العراق الكثير من التساؤلات، فيما تتجه الولاياتالمتحدة إلى زيادة عدد قواتها هناك إلى المثلين، وتستعدّ لتكثيف ضرباتها الجوية حين تكون القوات العراقية جاهزة لشن حملة كبيرة على «داعش». ويؤكد مسؤولون أن المواقع التي تمارس فيها إيران نشاطاتها تختلف عن تلك التي تنفذ فيها الولاياتالمتحدة ضرباتها الجوية أو يوجد فيها مستشارون عسكريون.