أجمع عدد من الخبراء والباحثين العسكريين من دول غربية وروسيا على أن برنامج ايران للصواريخ الباليستية يحرز تقدماً بطيئاً ويعتمد بشكل كبير على تصاميم صواريخ روسية تعود الى منتصف حقبة الحرب الباردة طورت بالتعاون مع كوريا الشمالية. وأشار هؤلاء، في مؤتمر أمني مغلق عقد أخيراً في سويسرا، الى أن طهران تحتاج الى عشر سنوات لبناء صواريخ عابرة للقارات على رغم تمكنها اخيراً من اطلاق صاروخ «سفير» الى مدار حول الأرض حاملاً قمراً اصطناعياً صغيراً. ويقسم الخبراء ترسانة ايران الباليستية الى نوعين: الصواريخ العاملة بالوقود السائل، والصواريخ العاملة بالوقود الصلب. وتعتبر عائلتي صواريخ «سكود» و «شهاب» من الفئة الاولى، في حين ان الصواريخ الأخرى من طراز «رعد» و «زلزال» و «سجيل» من الفئة الثانية. وأوضح الخبراء أن «شهاب» نسخة محسنة عن الصاروخ السوفياتي « اس اس ان-6» ويبلغ مداه الأقصى 1500 كلم. ويعتقد الخبراء بأن ايران تسعى جاهدة الآن الى تطوير صواريخ متوسطة المدى تعمل بالوقود الصلب، الا أن تجاربها في هذا المجال حتى الآن قليلة وغير ناجحة بشكل كبير. وهم يقدرون المدى الأقصى لصاروخ «سجيل» بحوالى 2200 كلم، ما يضع تركيا وأجزاء من أوروبا الشرقية ضمن مداه. ويلاحظ الخبراء أن ايران تركز على تطوير الصواريخ العاملة بالوقود الصلب وزيادة دقتها بالاصابة حيث أن معظم الصواريخ الحالية غير دقيقة. وهي تسعى الى تصنيع صواريخ تعمل على مرحلتين أو ثلاث، تنفصل عن بعضها تدريجاً خلال مرحلة الطيران، بغية الوصول الى مستوى الصواريخ العابرة للقارات. وقد أثبتت تجربة اطلاق القمر الاصطناعي الأخير نجاحها في بناء صاروخ يعمل على مرحلتين. ويمكن زيادة مدى هذا الصاروخ ليكون عابراً للقارات، الا أن ذلك سيحتاج الى ما لا يقل عن عشر سنوات من الأبحاث والتجارب، بحسب تقديرات الخبراء. وتجدر الاشارة الى أن الغرب يستطيع متابعة تطور برامج الصواريخ الباليستية الايرانية عن كثب عبر التجارب الميدانية التي تجريها تحت أنظار عدسات الأقمار الاصطناعية وطائرات التجسس. ويختلف بعض الخبراء الروس مع نظرائهم الغربيين على قدرة ايران على تطوير وانتاج محركات صواريخ تعمل بالوقود الصلب. ففي حين يشكّك الروس في قدرتها على بناء محركات لصواريخ بعيدة المدى أو عابرة للقارات يعتقد الخبراء الغربيون بأنها تملك المعرفة الا أنها بحاجة للوقت لاجراء التجارب واتقان عملية تصنيع هذه المحركات الكبيرة التي ستمكن صواريخها بعد عشر سنوات من تهديد كامل أوروبا وآسيا وربما أميركا نفسها. ومع تطور الترسانة الصاروخية الايرانية، بات الهدف المعلن اليوم لبرنامج الدفاع الصاروخي في أميركا وغيرها من الدول مواجهة تهديد الصواريخ الايرانية أو الكورية الشمالية لا الروسية أو الصينية كما كانت الحال في السنوات الماضية. ويقول الخبير في مؤسسة واشنطن لدراسات الشرق الأدنى سونر غاكابتاي ان قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما الغاء نشر شبكة دفاع صاروخي في بولندا انعكس ايجابا على خطط أخرى لانشاء شبكات دفاع صاروخي في تركيا ودول أخرى خليجية ومحيطة بايران، تضم بطاريات «باتريوت» ومنظومة صواريخ «ثاد» التي تستطيع اعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي. كما أن القوات الأميركية المنتشرة في كل من البحرين وقطر والعراق مزودة بطاريات «باتريوت» في حين أن اسرائيل تملك منظومة متقدمة جداً للدفاع الصاروخي تضم «باتريوت» و «آرو» (السهم). كما نشرت أميركا في المنطقة مدمرات بحرية مزودة نظام «أيجز» الذي يعتبر أفضل الموجود اليوم لاعتراض الصواريخ الباليستية. ويقول الخبراء أن باتريوت جيد لاعتراض صواريخ قصيرة المدى مثل «سكود»، بينما الصواريخ الأكبر مثل «شهاب» و «سجيل» تحتاج الى صواريخ أحدث مثل» ثاد أو ام-3» (نظام «ايجز»). ويعتقد بأن استمرار الأزمة النووية مع ايران واتجاه ادارة أوباما للحل الديبلوماسي المعتمد على تشديد العقوبات سيدفع دولا في المنطقة وأوروبا نحو تعزيز قدراتها للدفاع الصاروخي مع احتمال اقدام بعضها على شبك منظوماتها الدفاعية اقليميا لتعزيز الانذار المبكر وتسريع رد الفعل. * باحث في الشؤون الاستراتيجية.