غادة مطلق المطيري شابة سعودية، أنهت تعليمها الثانوي من مدارس السعودية منذ عقد ونصف العقد من الزمن، وبالتأكيد قبل مشروع الملك عبدالله للبعثات، ولا نعلم كيف تسنى لها الخروج في ذلك التاريخ، ودراسة البكالوريوس في كلية العلوم في جامعة occidental في لوس أنجليس، ثم أكملت الماجستير في بيركلي، وهي واحدة من أهم عشر جامعات أميركية، ثم حصلت على منحة الدكتوراه من ولاية كاليفورنيا في الهندسة الكيماوية، وهي الآن بروفيسور تدرس في جامعة سان دييجو، وتمتلك معملاً خاصاً بها قيمته مليون دولار، منحتها إياه الولاية لإجراء الأبحاث بمشاركة فريق علمي من النوابغ. النتيجة الموضوعية لتضافر هذا الدعم والتقدير وتوفير المال، عشرة أبحاث علمية، ثم فوزها بجائزة الإبداع العلمي، وقيمتها ثلاثة ملايين دولار، والتي تمنح لأفضل مشروع علمي من بين عشرة آلاف باحث وباحثة. صورة غادة في حجابها الأسود ووجهها تبيّض الوجه، اسمها يذكّرنا بأن المملكة قبل التوحيد كانت مجموعة من القبائل المتناحرة، والذي لا شك في أنه تاريخ لم تحظَ فيه المرأة سوى بدور الرعي وإنجاب الذكور. وغادة خرجت من هذا التاريخ القبلي ومن دون أي هندسة وراثية لتطوير جيناتها. الجينات ذاتها التي خرجت منها والدتها وجدتها، لكنها بعد تعهد علمي سليم وتدريب بحثي، تمكّنت من أدوات البحث العلمي، وحفزت قدراتها الفردية في أفضل الجامعات في العالم، أثبتت غادة أنها عبقرية فريدة. تقول غادة: «إن بحثها عبارة عن اكتشاف معدن يمكّن أشعة الضوء من الدخول إلى جسم الإنسان في رقائق تسمى الفوتون، وبما يمكّن أخيراً من الدخول إلى الخلايا من دون الحاجة إلى جراحات». هل فكر أحدكم ماذا كان يمكن أن يكون مصير غادة، لو أنها مشت في طريق آلاف الغادات السعوديات اللاتي يتعهدهن خطاب الوصاية، ويتهددن بنقص العقل والدين وملاحقتهن كعورات وخطابات موافقة ولي الأمر وأين محرمك؟ في أفضل الأحوال كانت ستكون مدرسة علوم في إحدى الهجر أو القرى، وقد تضطر أن تأخذ كل سنتين إجازة أمومة ورضاعة، وقد تشعر بأنها تدور في ساقية الوظيفة الرتيبة، فتقدم تقاعداً مبكراً، ويصبح أهم إنجاز في سيرتها الذاتية، أنها موظفة علوم متقاعدة، وأم تجيد صناعة الفطائر، وطبخ الذبيحة! أنا متأكدة أن شريحة من القراء ستقول: «وش فيها ألم تُخلق النساء لهذا؟». لكن إنجاز غادة المطيري يقول إن النساء السعوديات نابغات مثل غادة، يلمعن ويبرزن متى ما أحاطت بهن رعاية جامعات علمية وولاية تهديهن معامل بمليون دولار، وجائزة علمية بثلاثة ملايين، ولقب بروفيسور في جامعة من أهم عشر جامعات في كاليفورنيا. غادة للأسف لم تلمع بيننا، لكنها لمعت في بيئة علمية واجتماعية لا تنظر إلى وجوههن ولا إلى أسمائهن وجنسهن، بل إلى أعمالكم وما تبدعون. [email protected]