انفجرت 14 سيارة مفخخة في العراق بين مساء الاثنين وظهر الثلثاء، حاصدة أرواح عشرات المدنيين، وسط صمت حكومي، وعجز رسمي عن وقف التدهور الذي تعيشه البلاد منذ عشرة أشهر. وبعد ليلة دامية في بغداد قتل خلالها 16 شخصاً في انفجار أربع سيارات مفخخة، شهد العراق أمس تفجيرات مماثلة. وانفجرت عشر سيارات في بغداد وبابل، قتل فيها 19 شخصاً على الأقل. ولم تتبن أي جهة هذه الهجمات التي عادة ما يبادر في وقت لاحق تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) إلى تبنيها، فيما لم يصدر أي رد فعل من الحكومة أو من أي جهة رسمية كما هي الحال حيال معظم أعمال العنف اليومية. ويغرق العراق منذ نيسان (أبريل) العام الماضي في دوامة عنف غير مسبوقة منذ النزاع الطائفي المباشر بين السنة والشيعة بين عامي 2006 و2008، تعكس تدهوراً أمنياً كبيراً بلغ حد العجز عن استعادة أجزاء من ناحية استراتيجية يسيطر عليها مسلحون منذ أيام. وقتل أكثر من 480 شخصاً في أعمال العنف اليومية في البلاد منذ بداية شباط (فبراير) الجاري، فيما قتل أكثر من 1460 شخصاً في هذه الأعمال منذ بداية العام. وعلى رغم ذلك، لا يبد الشارع العراقي رد فعل استثنائياً على التفجيرات التي تشمل السيارات المفخخة، والأحزمة والعبوات الناسفة، والهجمات المسلحة، والتي تشكل كابوساً يومياً بات العراقيون مضطرين للتعايش معه، في حين يتجه الاعلام الرسمي والخاص غالباً إلى تجاهلها. وقال مصور صحافي يعمل في بغداد رفض كشف اسمه، تعليقاً على الهجمات: «نحن دائماً متأهبون للتوجه إلى مواقع التفجيرات. إذا لم تقع تفجيرات يومية، نشعر بأن هناك أمراً غريباً قد حصل، حتى أننا قد نشعر بالملل». وفي تفاصيل هذه الهجمات، قال ضابط برتبة عقيد في وزارة الداخلية إن خمسة أشخاص قتلوا وأصيب 12 في انفجار سيارتين مفخختين صباح أمس في منطقة البياع جنوب بغداد. وانفجرت في وقت متزامن سيارة ثالثة في حي الإعلام القريب من البياع ما أدى إلى قتل شخصين وإصابة ثمانية، وانفجرت سيارة رابعة في منطقة الشرطة (جنوب) وقتل شخصان وأصيب خمسة. كما انفجرت سيارة مفخخة خامسة في منطقة حي العامل (جنوب) وقتل شخص على الأقل وأصيب خمسة. وأكد مصدر طبي رسمي حصيلة ضحايا هذه الهجمات. وبعد وقت قصير من هذه التفجيرات، قتل تسعة أشخاص على الأقل وأصيب 54 في انفجار خمس سيارات مفخخة في وسط مدينة الحلة (95 كلم جنوب بغداد) وقضاء المسيب في محافظة بابل، على ما أفادت مصادر في الشرطة. وأوضحت المصادر أن ثلاث سيارات انفجرت في ثلاثة شوارع في مركز الحلة، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة 22. كما انفجرت سيارة رابعة في قضاء المسيب في بابل أيضاً على بعد نحو 40 كلم جنوب بغداد، ما أدى إلى مقتل نقيب في الشرطة وإصابة 23 شخصاً، وانفجرت خامسة في الإسكندرية (60 كلم جنوب بغداد) قتل فيها ثلاثة أشخاص وأصيب تسعة. وكانت بغداد شهدت ليلة دامية مساء الاثنين حيث قتل 16 شخصاً وأصيب العشرات في انفجار أربع سيارات مفخخة في مناطق عدة، بينها حي أور في شمال العاصمة حيث قتل سبعة أشخاص، ومنطقة الكرادة (وسط) حيث قتل سبعة أشخاص أيضاً. في هذا الوقت، ما زال مسلحون مناهضون للحكومة يسيطرون منذ فجر الخميس الماضي على أجزاء من ناحية سليمان بيك (150 كلم شمال بغداد) الاستراتيجية الواقعة على الطريق الذي يربط بغداد بشمال البلاد. وقال مدير الناحية طالب البياتي: «وصلت قوة إضافية من الجيش تشمل الدبابات. وننتظر دخولها إلى المناطق التي يسيطر عليها المسلحون لنرى النتائج». وجاءت سيطرة المسلحين على ناحية سليمان بيك وهي المرة الثانية بعد نيسان الماضي، في وقت ما زالت مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) وبعض مناطق الرمادي (100 كلم غرب بغداد) تخضع لسيطرة مسلحين «داعش» منذ بداية العام. وتسببت سيطرة المسلحين على الفلوجة وبعض أجزاء الرمادي بمعارك دفعت بمئات الآلاف من سكان محافظة الأنبار إلى النزوح عنها. وقد أعلنت بعثة الأممالمتحدة في العراق أمس أن أكثر من ألف طفل في المناطق المحاصرة التي تخضع لسيطرة المسلحين في حاجة إلى مساعدة فورية.