حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من توجّه غربي لخلق هياكل جديدة للمعارضة السورية بهدف التراجع عن الخيار السياسي والعودة إلى التلويح بالسيناريو العسكري. ودعا واشنطن إلى فتح حوار مباشر مع دمشق، مجدداً إصرار موسكو على عرقلة محاولات الحصول على ضوء أخضر من مجلس الأمن لتدخل عسكري في سورية. ورد لافروف بقوة أمس، على التصريحات الأميركية التي حملت دمشق المسؤولية عن فشل مسار «جنيف2»، وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده في موسكو مع نظيره الاريتيري عثمان صالح إن «العالم يشهد حملة اعلامية قوية تقوم بفبركة معطيات وصور بهدف تحميل الحكومة السورية المسؤولية عن جرائم بشعة». وزاد إن معطيات متوافرة لديه أظهرت ان بعض الصور التي استخدمتها المعارضة السورية واطراف تدعمها «تعود إلى فترة الحرب في العراق». واتهم اطرافاً لم يسمها بالعمل على «استغلال الحدث لتحقيق مصالح جيوسياسية». وقال إن الغرب يدعو روسيا دائماً لبذل مزيد من الجهود للضغط على النظام السوري و «يقولون إن علينا أن نضغط على (الرئيس السوري بشار) الأسد لحمله على تنفيذ بيان جنيف»، مشيراً إلى أن موسكو «قامت بكل ما عليها لانجاح مؤتمر جنيف2» في اشارة إلى قيامها باقناع دمشق بتشكيل وفد والمشاركة في حوار جنيف، بينما فشل الغرب في اقناع المعارضة بضرورة الحضور بوفد يضم كل اطياف المعارضين كما نص اتفاق جنيف1. وجدد الوزير الروسي هجومه على الائتلاف السوري المعارض، مشيراً إلى أن بيان جنيف دعا السلطات السورية والمعارضة إلى تحديد وفديهما إلى الحوار، وقامت الحكومة بتعيين وفد بينما المعارضة ما زالت مفتتة ولم تنجح في تشكيل وفد يمثل كل مكونات المعارضة في الداخل والخارج. وأشار الى أن نظيره الاميركي جون كيري والمبعوث الأممي العربي الى سورية الأخضر الابراهيمي تعهدا له خلال اللقاء الثلاثي الأخير، بالعمل على توسيع وفد المعارضة، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حتى الآن. وحذر من وجود معطيات «تقوم موسكو بدراستها حالياً» تشير الى أن «بعض ممولي المعارضين بدأوا بتشكيل هياكل جديدة، تضم المجموعات التي انسحبت من الائتلاف الوطني سابقاً التي لا تؤمن بعملية التفاوض»، معتبراً أن هذا مؤشر إلى «توجه للخروج من مسار التفاوض والمراهنة مجدداً على السيناريو العسكري». وتابع: «بمعنى آخر... يختارون ترك مسار محادثات السلام ومرة أخرى يفضلون الخيار العسكري على أمل أن يحصلوا على تأييد قوي من الخارج كما كان الحال في ليبيا». وأكد لافروف أن بلاده تعمل في مجلس الأمن على تبني قرار دولي خاص بمكافحة الإرهاب في سورية. وقال إن «المعطيات المتوافرة تظهر أن الجماعات المتطرفة التي ازداد عددها في سورية مسؤولة عن معظم المشاكل التي تحدث». وفي اشارة إلى عزم بلاده استخدام حق النقض مجدداً إذا تقدمت الدول الغربية بمشروع قرار يشتمل على انذار لدمشق او سقف زمني محدد قال لافروف إن «مجلس الأمن لن يصدر قراراً يمكن استخدامه كذريعة للتدخل الإنساني في سورية». وأوضح: «البعض يسعى لإدراج بند خاص بإدخال القوافل الإنسانية عبر الحدود السورية حتى دون إذن من السلطات المركزية. وهذا يتعارض بشكل مباشر مع القانون الإنساني الدولي ومع القواعد التي وافقت عليها الأممالمتحدة بالنسبة لأهداف العمليات الإنسانية. ومجلس الأمن لن يخلق سابقة من هذا النوع». وأشار إلى «معلومات تؤكد تنامي توريدات الأسلحة والذخائر من الخارج للمقاتلين في سورية بما فيهم الجماعات الأكثر تطرفاً». وقال: «إنهم على كل حال يقومون بأعمال غير شرعية تشكل انتهاكاً لسيادة دولة عضو في الأممالمتحدة، ويمكنهم أن يرسلوا الى هناك الخبز والزبدة بدلاً من المدافع». وتطرق لافروف إلى تصريحات أميركية حول عزم واشنطن تشديد الضغوط على السلطات السورية، معلناً «ترحيب موسكو بذلك إذا كان الحديث يدور عن ضغوط سياسية». وزاد: «دعونا وندعو واشنطن دائماً للعمل في شكل مباشر مع دمشق وقلت أكثر من مرة ذلك لكيري، رداً على دعواته لنا للتأثير على النظام». إلى ذلك أشادت الخارجية الروسية بما وصفته «نية ايجابية» من وفد الحكومة السورية في المحادثات وقالت في بيان إن الوسيط الدولي الاخضر الابراهيمي «لا يجب ان يغرق في توجيه الاتهامات الاحادية والقاء اللوم على طرف واحد بسبب جمود الحوار». كيري في الامارات في غضون ذلك (ا ب) زار وزير الخارجية الأميركي جون كيري أبو ظبي أمس الإثنين من أجل إجراء مناقشات مع المسؤولين الإماراتيين في شأن الوضع المتدهور في سورية، والمحادثات النووية مع إيران وعملية السلام في الشرق الأوسط. وسافر كيري إلى الإمارات آتياً من إندونيسيا حيث أدلى بتصريحات حمّل فيها الحكومة السورية وروسيا مسؤولية عدم تحقيق تقدم في المحادثات الهادفة إلى إنهاء الأزمة السورية. كما انتقد كيري روسياوإيران لمواصلتهما دعم نظام الرئيس بشار الأسد. وقال مسؤولون أميركيون إن كيري سيبحث في الإمارات ودول خليجية أخرى داعمة للمعارضة السورية، قضية الدعم المقدم لها إضافة إلى مساعدات إنسانية أخرى.