ما كنت أحسب يوماً، أن الحروف والكلمات تختفي وتضيع مني وأعجز عن التعبير بما يختلج في نفسي من مشاعر الألم والحزن المريرين إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري أيام أنقضت، وأشهر مضت، وسنوات انطوت وأنا مصدومة، مذهولة، كلماتي ضاعت، ومشاعري تجمدت ما كنت أحسب يوماً، أن الخير في وطني الحبيب بهذا العنف يغتال ما كنت أحسب يوماً، أن الوفاء بهذا الغدر، بهذا الحقد يُمحى ويزال ما كنت أحسب يوماً، أن الرجال الكبار من على صرح المجد ينهارون ما كنت أظن لحظة، أن الضمير إلى هذا الدرك ينحدر ليحتضر بين النَتَن والأوحال. يا للعار! هذا لؤم، هذا انتحار لا أدري كيف سلخوا قلوبهم وحنّطوها لا أدري كيف جلدوا ضمائرهم ودفنوها لا أدري كيف استباحوا دماء الرجل النقي المعطاء وأهدروها أصحيح ما نرى؟! أحقٌ ما نسمع؟! استشهد الرفيق! لا يمكن أن نصدق ذلك. ظننا أنه هراء، أو محال لأنه ينبوع الخير، رمز المحبة والتسامح، وهو جامع الأوصال دماؤه روت تراب الوطن، فأنبتت جحافل من الأشبال والأبطال روحه أضاءت سماء بلادي، فبنورها اهتدت وتوحدت المذاهب والأجيال لبنان، بشبابه، بشيوخه، بنسائه، هبّ مجروحاً ثكِلاً ودّعه وشيّعه، فهو رفيق الكل، وأبو الفقراء فبيروتك الحبيبة، أضحت يتيمة، أضحت لطيمة شقّت صدرها، وضمّتك في صدرها تبثك حبها، وفاءها، لوعتها، وكل شيء يُحسّ ويقال ضريحك أضحى روضة، تشع نوراً، تتضوع طيباً تنطق عدلاً، تفوح محبة، تبوح بكل المعاناة والأسرار فيا شهيد الوطن. نم قرير العين، فأنت حيّ في ضمائرنا أنت ماضي الكبار، حاضر الشباب، مستقبل الأطفال أنت الوفاء فينا، ما دام على وجه الأرض حرّ يصرخ مدوياً! كفى ظلماً، كفى جوراً ما هكذا! ما هكذا! يعامل الأباة والأحرار