تمكّن حسين الخمايسة الذي حرم منذ ولادته من نعمة اليدين، من تحقيق حلمه بدراسة الحقوق في الجامعة ب «أصابع قدميه»، وذلك بعد أن اجتاز إمتحان الثانوية العامة بتفوّق. واظب الخمايسة على الدراسة متحدّياً إعاقته من دون أن يستعين الا بقدميه، اللتين امتلكتا مهارات اليدين في تقليب صفحات المناهج الدراسية والكتابة على الدفاتر. ولد حسين في السموع، قرية صغيرة غرب محافظة إربد في شمال الاردن، لأسرة متواضعة رضيت بقدر الله، ووضعت الصبر عنواناً لمسيرة تحدٍ. إلا أن حسين الذي كبر وكبرت معه المعاناة، بعدما اعتمد في طفولته على الآخرين في الطعام والشراب وارتداء الملابس وقضاء الحاجة، قرر خوض معركة طويلة مع إعاقته. فالتحق بالمدرسة وواظب على الدراسة وأجاد استخدام أصابع قدميه عوضاً عن أصابع اليدين التي يفتقدها، وصار يكتب واجباته المدرسية بأصابع قدميه وحقق النجاح تلو النجاح في المراحل الأولى، وبدأ يزاول لعب الكرة مع أقرانه. وبفضل عزيمة لا تلين في معركته مع الإعاقة التي حرمته الكثير من فرص التميّز في بدايات طفولته المبكرة، تمكّن من الحصول على المرتبة الأولى إقليمياً في إمتحانات الثانوية العامة (فرع الإدارة المعلوماتية) بمعدّل 91.9. ويشير الخمايسة إلى أن هذا الإمتحان كان مختلفاً عن الصفوف السابقة، فقد أتاح المعلمون له وقتاً أكثر من زملائه، ليتمكّن من الإجابة عن الإسئلة مستخدماً أصابع قدميه التي كانت تمسك بالقلم بصعوبة. بيد أن امتحان الثانوية، يقول الخمايسة هو امتحان على مستوى المملكة، محدد بوقت، ما أجبره على طلب المساعدة من وزارة التربية التعليم لتكليف شخص يقوم بالكتابة عنه كي يتمكّن من إنهاء الإجابة على ورقة الإمتحان في الوقت المحدد. وعلى رغم أن الخمايسة أكمل الإمتحان بمساعدة «الكاتب المكلّف»، علماً أن هذا الكاتب «لم يكن على قدر ما كنت أرغب في ترتيب الإجابات وتوضيحها، كما أن الخط كان سيئاً جداً»، مؤكداً أن ذلك أضاع عليه علامات فحصل على أقلّ مما يستحق. ويوضح أنه يتألم كثيراً لأنه لم يكتب الإجابات بنفسه من خلال أصابع قدميه. درس الخمايسة ساعات طويلة لتحقيق حلمه، وقد ساهمت إعاقته في ذلك بسبب صعوبات الحركة في تقليب الصفحات والبحث عن مراجع لمزيد من المعرفة في المادة التي يدرسها. ويشير إلى أن الصفحات القليلة من الكتاب كانت تأخذ منه ساعات من الدراسة بسبب حاجته إلى استخدام قدميه في تدوين كل ما يقرأه وتلخيصه، لتسهيل الدراسة والمراجعة للمناهج عشية الإمتحان. كما يوضح الخمايسة إن أكثر ما كان يخلق صعوبة لديه بالدراسة هو عدم قدرة عائلته على توفير جهاز حاسوب له مزود بخدمة الإنترنت لتسهيل البحث، بدلاً من الذهاب الى المكتبات العامة، والتعرّض لإحراجات استخدام أصابع قدميه في إمساك الكتب وتقليب صفحاتها. وعن مهاراته الأخرى التي تمرّس عليها بأصابع قدميه وأصبح يجيدها تماماً، تمكنه من استخدام الحاسوب بأصابع قدميه أيضاً، فيحرّك بها المؤشر ومفاتيح أمر الطباعة والإنتقال من صفحة إلى أخرى. كذلك أجاد الخمايسة لعبة الشطرنج وحقق المرتبة الأولى في إحدى مسابقات مديرية التربية والتعليم للواء الكورة، ومثل إقليم الشمال في مسابقة الوزارة التربية وحصل على مركز متقدّم. ويشعر والد حسين بالضعف أمام إعاقة ولده، فبسبب تواضع دخله لم يستطع أن يقدّم له شيئاً لتجاوز الكثير من تحديات إعاقته بإستثناء الدعم النفسي. ويؤكد الدكتور خالد شرادقة، مدير المدرسة حيث درس الخمايسة، أنه كان من الطلاب المجلين. وكان التعامل معه كمعاق يحتاج إلى من يساعده في الكتابة، غير أن إجاباته دوّنت كما هي دون أي مواربة.