غداة «الانقلاب التلفزيوني» الفاشل الذي أعلنه قائد القوات البرية الليبية السابق خليفة حفتر، لا يزال الغموض يلف مصير الرجل ومكان وجوده، إذ وبعد ثلاث سنوات على اندلاع الثورة التي أطاحت نظام معمر القذافي، تسود الفوضى في ليبيا التي تتخبط سياسياً في مرحلة انتقالية تبدو بلا أفق زمني، وسط انعدام الأمن وشلل المؤسسات. وعلى رغم إعلان رئيس الحكومة علي زيدان أول من أمس، عن صدور مذكرة اعتقال بحق حفتر، قال الناطق باسم الغرفة الأمنية المشتركة عصام النعاس ل»الحياة» أمس، أن لا معلومات «حول ما إذا كانت مذكرة اعتقال صدرت فعلاً بحقه (حفتر) من الجهات القانونية». وكان حفتر يتحصّن منذ مدة في مزرعة في منطقة غوط الشعّال، غرب العاصمة طرابلس. وأوضح خالد الترجمان من مكتب النائب العام ل «الحياة»، أن «الجهة المخولة بهذا الموضوع هي المدعي العام العسكري»، ولم يتسنَّ الحصول على إجابة من الادعاء العسكري في هذا الشأن. وتوالت أمس، ردود الأفعال من جانب المسؤولين الليبيين حيال الانقلاب المزعوم، وطمأنوا مواطنيهم أن الأمور تحت السيطرة. وقال عضو المؤتمر الوطني إبراهيم صهد، أحد أعضاء جبهة إنقاذ ليبيا ل «الحياة»: «إن عهد الانقلابات العسكرية ولّى، خصوصاً في ليبيا التي عرفت مضار تدخّل العسكريين في السياسة، وإفسادهم لها وللعسكر في الوقت ذاته. لذا، فإن نجاح انقلاب بات صعباً جداً إن لم يكن مستحيلاً، لكن هناك دائماً مغامرون لا يضعون مصلحة البلد في الاعتبار، ولا يحسبون ما سيترتب على مغامراتهم من أضرار ونتائج. وهذا ما خبرناه في القذافي وما حدث أول من أمس، وهو مغامرة الهدف منها استغلال الحراك السياسي ضد التمديد للمؤتمر الوطني وتجييره لمصلحة حفتر، لكن الشعب كان واعياً وأجهزة الدولة كلها كانت يقظة». كذلك، اعتبر عضو المؤتمر الوطني عبدالرحمن الشاطر في تصريح إلى «الحياة» أن انقلاب حفتر «محاولة دونكيشوتية للاستفادة من الحراك الشعبي الديموقراطي السلمي، لكن كره الشعب الليبي للانقلابات العسكرية جعلها تبدو مضحكة»، مشيراً إلى أن «إعلان حفتر إلغاء المؤتمر الوطني مثير للسخرية لأن أعضاء المؤتمر اكتسبوا شرعيتهم عبر صناديق الاقتراع ويسلمونها لمن تأتي بهم صناديق الاقتراع». يُذكر أن حفتر كان بين الضباط الذين شاركوا القذافي في انقلاب أيلول (سبتمبر) 1969 الذي أطاح الملك إدريس السنوسي. وكان أحد قادة العمليات العسكرية خلال تدخّله في تشاد خلال ثمانينات القرن الماضي. وأسرته قوات الرئيس التشادي السابق حسين حبري، إلا أن القذافي نفى في حينه وجود ضابط ليبي باسم «خليفة حفتر» في التشاد، ما دفع الأخير إلى الانشقاق، ثم سافر بعد أشهر إلى الولاياتالمتحدة، حيث أعلن معارضته لنظام القذافي. ولم يعد إلى ليبيا، إلا بعد ثورة 17 شباط (فبراير) 2011. على صعيد آخر، عقد وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي في طرابلس أمس، اجتماعاً تشاورياً، على هامش الاحتفال بالذكرى ال25 لإعلان تأسيس هذا الاتحاد في مراكش المغربية العام 1989. وشارك فيه وزراء خارجية ليبيا محمد عبدالعزيز، وموريتانيا أحمد ولد تكرى، والجزائر رمضان لعمامرة، والمغرب صلاح الدين مزوار، وتونس منجي الحامدي، إلى جانب الأمين العام للاتحاد التونسي الحبيب بن يحيى.