أعلن نائب في حزب «سفوبودا» القومي المعارض أمس، أن المعارضة مستعدة لإخلاء مقر بلدية كييف الذي يحتله متظاهرون منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بعد الإفراج عن محتجين موقوفين. ويعتبر إخلاء البلدية من الشروط لتطبيق قانون العفو عن 234 متظاهراً أطلقوا ولا يزالون ملاحقين لجرائم تعرّضهم لعقوبات بالسجن قد تصل إلى 15 عاماً. وصرح يوري سيروتيوك الرجل الثاني في «سفوبودا» أن حزبه الذي يسيطر على البلدية «مستعد» لذلك، موضحاً أن «مجلس الميدان» الذي يضم ممثلين عن الأحزاب السياسية والناشطين المدنيين صوّت على القرار بالإجماع أول من أمس، وأن ناشطين عادوا لاحقاً عن هذا القرار. وأضاف: «أن المهلة تنتهي الإثنين (غداً). نود أن توافق قوى المعارضة على هذا القرار. يجب أن يكون بالإجماع». وكان المحتجون هاجموا في الأول من كانون الأول، مقر البلدية الواقعة على جادة خريتشاتيك المركزية، على هامش تظاهرة ضخمة بعد تفريق بالقوة لتظاهرة طالبية في وسط كييف. ويتوقع تنظيم تظاهرة كبرى اليوم. وأعلنت السلطات الأوكرانية أول من أمس أنها أفرجت عن 234 متظاهراً اعتقلوا خلال شهرين، لكن من دون إسقاط التهمة الموجهة اليهم. وأوضح المدعي العام فيكتور بشونكا أن الملاحقات ستسقط «الشهر المقبل»، إذا نفّذت الشروط التي حددها قانون العفو. ورحّبت الولاياتالمتحدة بالإفراج عن المتظاهرين، داعية إلى استمرار السعي لبناء الثقة والانتقال إلى حكومة متعددة الطرف تقوم على تقاسم السلطة والمسؤولية. وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً تضمّن ترحيب فيه «الولاياتالمتحدة بالإعلان الذي صدر في أوكرانيا»، وإشادة «بقرار المعارضة إخلاء المباني الحكومية التي احتلتها»، واصفة الأمر بأنه خطوة مهمة لتخفيف تصعيد التوتر وخلق جو للتوصل إلى حل سلمي وغير عنيف للأزمة السياسية. وبغية بناء الثقة في شكل أكبر، حضت واشنطن الحكومة الأوكرانية «على وقف التحقيقات والاعتقالات والتوقيفات والمحاكمات ضد المتظاهرين وناشطي المجتمع المدني الذين شاركوا في الاحتجاجات»، مبدية قلقاً عميقاً من تزايد تخويف وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني الأوكراني التي تدفع نحو المبادئ الديموقراطية السياسية والحكم الجيد. واعتبرت الخارجية الأميركية أن الخطوة التالية يجب أن تكون تشكيل حكومة تقنية متعددة الطرف، تتقاسم السلطة والمسؤولية فعلاً، ما يمكن أن يكسب ثقة الشعب الأوكراني ويعيد الاستقرار السياسي والاقتصادي إلى البلاد. وشجعت الأطراف المتصارعة على تخفيف حدة التصعيد والبحث عن تسوية سلمية ومتبادلة ومقبولة للأزمة الراهنة. «الأوكرانيون الأفغان» رسل لحبس الدماء يسعى قدامى المحاربين في الحرب السوفياتية في أفغانستان الموجودين على الخط الأمامي في المتاريس بين المتظاهرين الأوكرانيين، إلى تفادي إراقة الدماء. لكنهم يحذرون من أنهم سيبقون حيث هم حتى النصر «حتى ولو أرسلوا الدبابات». قبل 25 عاماً (1989)، عبر آخر جندي سوفياتي «جسر الصداقة» بين أفغانستان وجمهورية أوزبكستان السوفياتية، معلناً نهاية حرب دامت 10 سنين وأسفرت عن حوالى 15 ألف قتيل ومفقود في صفوف الجيش السوفياتي. وفي أوكرانيا وقف عدد من «الأفغان» (قدامى محاربي أفغانستان)، بعد 25 عاماً إلى جانب المعتصمين في ساحة الاستقلال، «ميدان» وسط كييف مندداً بنظام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش. ويتناوب ستة منهم ليلاً ونهاراً التمركز أمام أحد المتاريس في شارع غروشفسكي، حيث دارت حرب شوارع في كانون الثاني (يناير) الماضي على مسافة أقل من 50 متراً من حاجز لشرطة مكافحة الشغب. وأوضح أحدهم أنهم لم يشاركوا في المواجهات، بل «هدفنا هو تفاديها، نحن هنا لمنع المواجهات بين أكثر المتظاهرين تطرفاً وشرطة مكافحة الشغب». وأضاف وسط شبان مقنعين يحملون هراوات، بينما لا تزال الأرض من حولهم سوداء اللون نتيجة الزجاجات الحارقة والإطارات المشتعلة لوقف تقدّم قوات الأمن: «إذا هجمت الشرطة سنبذل جهودنا للحؤول دون إراقة دماء في الجانبين». ويحظى قدامى محاربي أفغانستان باحترام كبير بين الأوكرانيين، حتى أن أحد قادة حركة الاحتجاج، بطل العالم في الملاكمة السابق فيتالي كليتشكو أثنى عليهم الخميس الماضي بعد مشاهدة شريط وثائقي خصص لهم. وقال: «يشكلون مجموعة أخوة حقيقية ويناضلون من أجل العدالة. كانوا دائماً ناشطين في المجتمع المدني كما نراهم اليوم من خلال وجود عدد منهم في ميدان، إنهم يدافعون عن حقوقهم ومستقبل البلاد». وأكد مسؤول جمعية قدامى المحاربين إيغور يفجنكو، أن أكثر من ألف «أفغاني» يشاركون في حركة الاحتجاج في ساحة الاستقلال وهناك آلاف آخرون مستعدون للتعبئة في ظرف نصف ساعة. وزاد أمام صحافيين: «كنا مسؤولين عن دمار كبير في أفغانستان، أكثر من مليون شخص قتلوا وأنا آسف لذلك»، موضحاً: «قدامى المحاربين منقسمون مثل مجمل الأوكرانيين لكن غالبيتهم تساند حركة ميدان». ويحاول الرئيس يانوكوفيتش التقرب من «الأفغان». وقال أول من أمس عقب لقاء مع قدامى المحاربين «رأيتم بأعينكم الانعكاسات الكارثية للنزاعات المدنية على البلدان والشعوب، لذا آمل أن يكون معظم قدامى الجنود عازمين على صيانة استقرار أمتنا وسلامها».