شهدت فنزويلا أمس يوماً جديداً من التوتر بعدما دعت حكومة الرئيس نيكولاس مادورو إلى التظاهر غداة تعبئة جديدة لطلاب مصممين على خوض المواجهة على ما يبدو. وكان شبان تجمعوا أول من أمس تحت الشمس في ساحة التاميرا في حي شاكاو الراقي شرق العاصمة، ورفعوا لافتات وأعلاماً فنزويلية ومكبرات للصوت، ويرددون هتافات «حرية! طلاب!» و «اسمع أيها الشعب انضم إلى النضال». وفرّقت الشرطة عدداً منهم أغلقوا طريقاً سريعاً شرق العاصمة، مستخدمة الغاز المسيل للدموع. وتواجه الحكومة منذ أسابيع حركة احتجاجية متزايدة لجزء من سكان العاصمة الذين يواجهون تضخماً اقتصادياً كبيراً (56,3 في المئة العام الماضي) ونقصاً كبيراً في السلع بما في ذلك المواد الغذائية والمنتجات الاستهلاكية العادية وغياب الأمن، الذي لا تنجح السلطات في تطويقه، ما أسفر عن سقوط 3 قتلى على الأقل واعتقال حوالى 100 شخص، أطلق ثلثاهم لاحقاً بحسب ما قال المسؤول في الاتحاد الطلابي في جامعة فنزويلا المركزية خوان ريكيسينس. وعبّر طلاب عن استيائهم لأن صوراً للتظاهرات لا يمكن مشاهدتها على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، متهمين الشركة العامة المشغلة «كانتف» بحجبها. إلا أن موقع «تويتر» اتهم بدوره الحكومة الفنزويلية بحجب هذه الصور. وأكدّ ناطق باسمه «أن صوراً على موقع تويتر تتعرّض حالياً للحجب في فنزويلا. نعتقد أن الجهة المسؤولة عن ذلك هي الحكومة». كما تندرج التعبئة في كراكاس ومدن أخرى في إطار حركة احتجاجية معادية للحكومة أطلقها قبل 10 أيام طلاب يحتجون على غلاء المعيشة وغياب الأمن ونقص المواد، في هذا البلد النفطي الذي يملك أكبر احتياطي في العالم. وحاول الرئيس مادورو التجاوب مع مطالب الطلاب بإعلانه أول من أمس خطة تهدف إلى مكافحة العنف المنتشر في هذا البلد، الذي تُسجل فيه أعلى معدلات جرائم القتل في العالم. وتقضي هذه الخطة بتعزيز دوريات الشرطة وسحب الأسلحة من السكان في بلد تنتشر فيه الأسلحة بكثرة. ودعا الرئيس مادورو أنصاره إلى التظاهر أمس «من أجل السلام وضد الفاشية»، العبارة التي تستخدمها السلطات عادة في الحديث عن المعارضين الذين تتهمهم الحكومة بتدبير أعمال العنف من أجل التسبب «بانقلاب». ويتمتع أسلوب الاحتجاج الذي يتبعه الطلاب المصممين على المطالبة برحيل مادورو، بدعم عدد كبير من المعارضين، لكنه لا يلقى إجماعاً في طاولة الوحدة الديموقراطية أكبر ائتلاف للمعارضة. وكشف إنريكي كابريليس، أكبر قادة هذا التحالف الذي هزم في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في نيسان (أبريل) الماضي أن «الشروط لم تتوافر بعد لإجبار الحكومة على الرحيل». وامتنعت معظم محطات التلفزيون الفنزويلية في الأيام الماضية عن نشر صور هذه الحوادث بعد تحذيرات المجلس الوطني للاتصالات، وتهديده وسائل الإعلام التي «تروّج للعنف» بعقوبات. كما اتهم مادورو وسائل إعلام أجنبية «بالتلاعب»، معلناً تعليق بث شبكة التلفزيون الإخبارية الكولومبية «أن تي أن-24». وطلبت منظمات دولية عدة بينها الأممالمتحدة ومنظمة الدول الأميركية بمحاكمة المسؤولين عن أعمال العنف، بينما عبرت الولاياتالمتحدة وبنما والاتحاد الأوروبي عن قلقهم على الوضع. في المقابل، عبّر الحلفاء التقليديون لكراكاس في المنطقة (كوبا والإكوادور والأرجنتين وبوليفيا ونيكاراغوا) عن تضامنهم مع الحكومة الفنزويلية وعن رفضهم العنف.